يُعد النوم غير المنتظم مشكلة منتشرة لدى كثير من الشباب والبالغين، وبالرغم من شيوعها، باعتبار أن النوم المتقطع أفضل من لا نوم على الإطلاق، لكن تشير الدراسات العملية المتخصصة إلى أن هذا الأمر يمكن أن يكون عاملاً خطيراً يهدد صحة أعضاء الجسم والصحة العقلية وسلامتها.
النوم المتقطع ومخاطر الإصابة بأمراض القلب
بينما نسمع عن فوائد النوم الجيد كل ليلة عدة مرات، فإن أنماط النوم المنتظمة، وليس فقط مدة النوم، قد تساعد في الواقع على تقليل مخاطر الإصابة بنوبة قلبية.
حيث أظهرت دراسات علمية أن البالغين الذين يعانون من أنماط نوم غير منتظمة، لديهم مخاطر أعلى للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وبشكل دقيق، يتم تعريف نمط النوم غير المنتظم بأنه عندما ينعدم لدى الشخص وجود وقت نوم منتظم، أو جدول للاستيقاظ في نفس التوقيت كل يوم.
ووجدت دراسة أجراها المعهد الوطني للقلب والرئة والدم بالولايات المتحدة الأمريكية، أن نمط النوم غير المنتظم لدى كبار السن قد يكون عامل خطر أساسياً لأمراض القلب والأوعية الدموية.
النوم غير المنتظم والمعاناة من الالتهابات والاكتئاب
يتضح أيضاً أن عادات النوم السيئة تسهم في مشاكل أخرى متعلقة بالصحة، مثل التغيرات في نسبة السكر في الدم والالتهابات.
إذ من المستحسن أن يحصل الشخص البالغ على ما لا يقل عن 7 ساعات من النوم كل ليلة، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية (CDC).
كما ربطت دراسات سابقة قلة النوم بزيادة مخاطر الإصابة بالسمنة والسكري وأمراض القلب. على سبيل المثال، أفادت مؤسسة النوم أن الأشخاص (من جميع الأعمار والأوزان وأنماط الحياة) الذين لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم، معرضون بشكل أكبر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض القلب التاجية.
وأفاد مركز السيطرة على الأمراض (CDC) أن معظم البالغين يحتاجون إلى 7 ساعات على الأقل من النوم كل ليلة من أجل الحفاظ على صحة القلب، والمساعدة في الوقاية من مرض السكري من النوع 2، وارتفاع ضغط الدم، والاكتئاب المزمن.
لكن الاختلاف في هذه الدراسة هو أن الباحثين قاموا بقياس أنماط النوم غير المنتظمة كل ليلة أيضاً، وليس فقط مدة النوم، واكتشفوا أن التباين عامل مهم في صحة القلب أيضاً.
إذ اتضح أن المشاركين، الذين يملكون مدة أو توقيتاُ غير منتظم للنوم، لديهم أكثر من ضعف خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية خلال فترة التجربة، وذلك مقارنةً بأولئك الذين لديهم أنماط نوم أكثر انتظاماً.
التهديد بالسكري والسمنة المفرطة
كذلك يؤثر النوم غير المنتظم على عملية الأيض في الجسم، ما يسهم في تعريض الشخص لمخاطر الإصابة بالسكري والسمنة.
ووفقاً للطبيب جاي إل مينتز، مدير مركز صحة القلب والأوعية الدموية وعلم الدهون بنيويورك، فإنه عندما يعاني المرضى من اضطرابات النوم، ينخفض لديهم هرمون يسمى اللبتين. يخبرنا هذا الهرمون بأننا نشبع ولم نعد نأكل، عندما تكون مستويات اللبتين منخفضة، فإننا نأكل أكثر ونمارس الرياضة بشكل أقل، مما يؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة، وتحدث مقاومة الأنسولين في النهاية، وهي حالة من الالتهابات الخطيرة للجسم.
يؤدي هذا في نهاية المطاف إلى تكوين حلقة مفرغة، ويزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أيضاً.
مخاطر صحية عديدة تضاهي انعدام النوم تماماً
أشارت الدراسات أيضاً إلى أن قِصر مدة النوم، وأنماط النوم غير المنتظمة، يمكن أن تزيد من خطر المعاناة من العديد من الحالات الصحية، التي تزيد من احتمالات المرض المزمن والموت المبكر، مثل:
- البدانة في منطقة البطن.
- ارتفاع نسبة السكر في الدم.
- انخفاض الكوليسترول الجيد (HDL).
- ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية.
- ارتفاع ضغط الدم المزمن.
واتضح أن كل ساعة من التباين في الوقت الذي ينام فيه الشخص كل ليلة يؤدي لفرصة أكبر بنسبة 23% للإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي.
طرق تعزيز النوم المنتظم كل ليلة
الخبر السار هو أنه يمكن فعل الكثير حيال عادات النوم المتقطعة، فبحسب خبراء في جودة النوم وصحة الجسم، فإنه بالإمكان ما يلي:
1- بذل الجهد وممارسة التمارين: يُعد التمرين هو المفتاح لتعزيز النوم الجيد المتواصل بدون انقطاع أو تغيير في مواعيد الخلود إليه أو الاستيقاظ منه.
إذ يمكن لأقل من 10 دقائق في اليوم من المشي أو ركوب الدراجات، أو غيرها من التمارين الهوائية، أن "تحسن بشكل كبير من جودة النوم أثناء الليل"، وفقاً لمؤسسة النوم الوطنية الأمريكية.
2- النوم في درجة حرارة أكثر برودة: تأكد من أن سريرك ووسائدك مريحة، وأن الغرفة باردة للحصول على نوم أعمق، خاصة مع الأغطية الكثيفة والثقيلة للحصول على الدفء اللازم خلال النوم.
3- لا تشاهد التلفاز أو تعمل في غرفة نومك: إذ يجب أن يفكر عقلك في الغرفة على أنها للنوم فقط والراحة واستحضار الاسترخاء التام.
4- تجنب بعض الأطعمة والمشروبات: من الضروري تجنب المنشطات مثل النيكوتين أو القهوة بعد منتصف الظهيرة، خاصة إذا كنت تعاني من الأرق ومشكلة النوم غير المنتظم.
قد تعتقد أن هذه المواد والمشروبات تساعدك على النوم، ولكن من المرجح أن تستيقظ في الليل؛ حيث يبدأ جسمك في معالجة هذه الكيماويات.
5- تطوير روتين صحي قبل النوم: يعد الاستحمام بماء دافئ، أو قراءة كتاب، أو الاستماع إلى موسيقى هادئة، أو التأمل، أو القيام بتمارين تمدد خفيفة، كلها خيارات جيدة للاسترخاء في الساعة الأخيرة من الليل قبل خلودك للنوم.
6- استمع لإيقاع ساعتك البيولوجية اليومي: كما كانوا يخبروننا دائماً، يجب أن يكون لديك وقت نوم منتظم ووقت منتظم للاستيقاظ في الصباح، وذلك لأن الساعة البيولوجية للجسم تنتظم بالتدريب المستمر.
7- اتبع حركة الليل والنهار وتعرّض لضوء الشمس: تأكد من التخلص من جميع الأضواء الساطعة قبل النوم، حتى الضوء الأزرق للهواتف المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة يمكن أن يكون سبباً في حدوث مشكلة النوم المتقطع وغير المنتظم.
إذا كان من الصعب تحقيق ذلك، ففكر في استخدام واقيات العيون الليلية والستائر المعتمة لإبقاء الغرفة مظلمة. لكن خلال النهار، حاول أن تتعرّض جيداً للضوء الطبيعي، لأن ذلك يساعد في تنظيم إيقاع الجسم اليومي.