هناك بعض الأشخاص يعانون مشاكل الثقة في الأشخاص الآخرين، ومع ذلك يتظاهرون على أنهم يثقون بهم بشكل عادي، فيما يستغرقون وقتاً طويلاً في كسب الثقة بشخص ما بشكل حقيقي.
وتكون حالة الثقة عندما يتعلق الأمر بالعلاقات العاطفية منعدمة، إذ يمكن وصفها على أنها مستحيلة، بسبب تجارب سيئة سابقة.
وهذه الحالة النفسية عبارة عن فوبيا تسمى "البيستاثروفوبيا" وتكتب بالإنجليزية "Pistanthrophobia"، التي يتم وصفها بأنها تجعل العلاقات الإنسانية صعبة، بسبب الشعور بالقلق المستمر من الناس، والخوف من التأذي مرة أخرى.
ما هي البيستاثروفوبيا؟
البيستاثروفوبيا هو نوع رهاب يتمحور حول الصعوبة الشديدة والخوف في الثقة بالآخرين، وغالباً ما يصاب الشخص بسبب تجاربه السيئة السابقة.
ويتم تعريف الرهاب بشكل عام على أنه خوف غير عقلاني ومفرط من شخص، أو نشاط، أو شيء ما، أو حيوان، وغالباً لا يشكلون أي نوع من الخطر الحقيقي.
إلا أنه من أجل تجنب أبسط أنواع الخطر التي ما يمكن أن يسببها الشيء أو الشخص الذي يعاني منه الشخص الرهاب، يتم الابتعاد عنه بجميع الأشكال.

يمكن أن يؤدي الرهاب، بغض النظر عن نوعه، إلى تعطيل الروتين اليومي، وتوتر العلاقات مع الآخرين، والحد من القدرة على العمل أو الدراسة، مما يسبب قلة إنتاجية.
وهذا ما يعيشه تماماً المصابون بفوبيا "البيستاثروفوبيا"، بالرغم من أنهم يتظاهرون على أنهم يثقون في الأخرين بشكل عادي، وذلك ناتج عن صدمة سابقة وخوف من التعرض للأذى.
أشارت الطبيبة الأمريكية دانا مكنيل، أخصائية الزواج والأسرة، حسب ما نشره موقع "healthline"، على نهاية الخوف من الثقة بالآخرين يؤدي إلى منع النفس من الجوانب الإيجابية للتجارب الإنسانية بمختلف أنواعها.
وعندما يحدث هذا، يصبح المصاب غير قادر على بناء علاقات مستقبلية تمكنه من اكتساب منظور آخر، أو مفهوم مختلف عن العلاقات السابقة.
أعراض رهاب البيستاثروفوبيا
هناك تشابه كبير بين أعراض البيستاثروفوبيا "Pistanthrophobia"، أنواع الرهاب الأخرى، إلا أن هناك بعض الأشياء التي تكون أكثر تحديداً، وهي تلك المتعلقة بالعلاقات مع الناس، وتتمثل هذه الأعراض في كل من:
- الذعر والخوف غير العقلاني والمستمر لدرجة الشعور بالتهديد.
- الرغبة في الابتعاد عن الناس.
- ضيق في التنفس.
- ضربات قلب متسارعة.
- الارتجاف.
وحسب تصريح دانا مكنيل، فإنه من الشائع ظهور أعراض أخرى، من بينها تجنب المحادثات أو التفاعلات العميقة مع الناس، خصوصاً أولئك الذين يصدر منهم اهتمام زائد.

كما يكون هناك نوع من عدم تقبل محاولات الأشخاص الآخرين الذين يرغبون في التودد من أجل علاقات عاطفية، أو الارتباط.
وتضيف ماكنيل: "تعتبر جميع هذه السلوكيات التي يقوم بها أشخاص آخرون تجاه الشخص المصاب بهذه الفوبيا، غير آمنة ومثيرة للشك، لذلك يعتبرون أن المشاركة في أحاديث عميقة قد تؤدي إلى الضعف العاطفي، والوصل إلى مرحلة من الممكن أن تسبب في مشاكل شبيهة بتلك التي تم عيشها في السابق".
الأسباب المحتملة
تكون أسباب هذا النوع من الرهاب تحفيزية، بعد المرور بتجربة سيئة مع شخص ما، سواء كان الأمر عبارة عن أذى، أو خيانة، ورفض.
ونتيجة لذلك يصبح الشخص يعيش حالة رعب من عيش تجربة مماثلة، مما يجعله يتجنب العلاقات بمختلف أنواعها، والتظاهر بالعكس تماماً.
فيما هناك بعض الأشخاص الآخرين الذين لم يعيشوا تجارب سيئة سابقة، ومصابون برهاب البيستاثروفوبيا، بسبب الخوف المسبق من التعرض للرفض، أو الخيانة.
وهذا يدل -حسب ما نشرته المجلة المذكورة- على أن المشاعر والأفكار السلبية من الممكن أن تؤثر على العلاقات مع الناس، وكذا طريقة التفكير فيهم.
طرق علاج رهاب البيستاثروفوبيا
كون من الجيد التوجه إلى طبيب نفسي مختص، من أجل الوصول إلى حل عن طريق العلاج الذي يحدده الطبيب المختص.
وفي هذه الحالة يقوم الطبيب المعالج بطرح عدة أسئلة على المريض، تتعلق بنوعية الأعراض، ومدى شدتها، إضافة إلى التاريخ الطبي للعائلة، وحالاتهم الصحية العقلية، ثم الصدمات السابقة التي قد تكون سبباً في هذا الرهاب.

وبعد الإجابة عن هذه الأسئلة يتم تحديد العلاج، الذي غالباً ما يكون شبيهاً بجميع أنواع علاج الرهاب باختلاف أنواعه، والتي تكون عبارة عن علاج سلوكي معرفي، الذي يركز على التعرض للشيء الذي يؤدي إلى الخوف.
وفي بعض الأحيان يتم التركيز على تعديل السلوك الخاص بالشخص المصاب بالرهاب؛ لأنه طريقة لإعادة تشكيل النظرة التي يرى بها الشخص المريض للأشياء.
أما نوع العلاج الأخير المتاح هو الأدوية، التي توصف في غالبية الأحيان للأشخاص الذين يعانون من حالات القلق والاكتئاب.