من الخرف وألزهايمر إلى الارتجاج الدماغي.. ما مدى خطورة “الكرات الرأسية” في مباريات كرة القدم، وهل يجب إيقافها؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/28 الساعة 22:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/28 الساعة 22:48 بتوقيت غرينتش
Getty Images/ هل يجب منع الكرات الرأسية في مباريات كرة القدم؟

حصل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم مؤخراً على إذن من مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB)، لإجراء تجربة لا يُسمح من خلالها للاعبين الذين تقل أعمارهم عن 12 عاماً باستخدام "الكرات الرأسية" خلال التدريبات، ويأتي ذلك على خلفية مطالبة الخبراء بمنع استخدام الرأس خلال المباريات لخطورتها على الدماغ.

ما الذي تسببه الكرات الرأسية لدماغ اللاعب، وهل فعلاً هناك مخاطر شديدة تهدد سلامتهم؟

هل يجب منع الكرات الرأسية في مباريات كرة القدم؟

أكدت دراسة حديثة أجرتها كلية ألبرت أينشتاين للطب، أن الضربات الرأسية في كرة القدم يمكن أن تسبب أعراض ارتجاج وعواقب طويلة المدى.

ووفقاً للدراسة التي نقلها موقع The Indian Express، فإن اللاعبين الذين يستخدمون ضربات الرأس بشكل متكرر في التدريبات والمباريات أكثر عرضة بثلاث مرات للإصابة بأعراض معتدلة (ألم ودوخة) إلى شديدة (تؤدي إلى خروج اللاعب)، من اللاعبين الذين لا يلجأون إلى هذه التقنية مثل حارس المرمى مثلاً.

Getty Images/ هل يجب منع الكرات الرأسية في مباريات كرة القدم؟
Getty Images/ هل يجب منع الكرات الرأسية في مباريات كرة القدم؟

ضربات الرأس لها تأثير على وظيفة الإدراك اليومي

ذكرت دراسة أمريكية حديثة نشرتها دورية Frontiers في العام 2016، أن "ضربات رأس" لاعبي كرة القدم قد يكون لها أثر على وظيفة الإدراك اليومي أكبر بكثير من خبطات الرأس العرضية.

وتابعت الدراسة تأثير ضربات الرأس على بنية الدماغ، باستخدام تقنيات التصوير العصبي، وبالمثل كانت هناك بعض الدراسات الحديثة التي تبحث في العلامات البيوكيميائية لإصابة الدماغ لدى لاعبي كرة القدم، وقد تبين أنّ هناك دليلاً على وجود ارتباط بين الرأس وبنية الدماغ غير الطبيعية.

كما لفتت الدراسة إلى أنَّ تأثر الدماغ بسبب الارتطام بالكرة، يُمكن أن يسبب ضعفاً إدراكياً، مؤكدةً أن ما يصل إلى 22% من إصابات كرة القدم هي ارتجاجات في الدماغ.

ما المخاطر المحتملة لاستخدام ضربات الرأس في المباريات؟

لا شكَّ في أن استخدام الرأس يعتبر مهارة من المهارات الأساسية في كرة القدم، لكنها في الوقت ذاته تمثّل خطراً في إصابة الرأس والدماغ، قد يكون بعضها شديداً بما يكفي لإحداث مشاكل على الفور أو بعد عدّة سنوات، لكن من الممكن أيضاً أن تظهر الأعراض ببطء بعد تكرار الإصابات الصغيرة.

ويمكن أن تحدث هذه الإصابات بسبب ملامسة الكرة للرأس، أو قد تحدث أيضاً في أثناء ارتطام رأسين ببعضهما، وتشمل الإصابات المحتملة وفقاً لما ذكره موقع Health Line الطبي الأمريكي، ما يلي:

ارتجاج الدماغ

يحدث ارتجاج في المخ عندما تضرب رأسك بشدة، ويسمى ارتجاج الدماغ الرضخي.

بعد حدوث الارتجاج، قد تظل مستيقظاً مثلما حصل مع حارس ليفربول السابق لوريس كاريوس في نهائي دوري أبطال أوروبا، أو قد تفقد وعيك كما حدث مع العديد من اللاعبين على مر التاريخ، فيما تشمل الأعراض المحتملة الأخرى ما يلي:

  • صداع الرأس
  • صعوبة في التركيز
  • فقدان الذاكرة
  • ارتباك
  • رؤية ضبابية
  • دوخة
  • مشاكل التوازن
  • غثيان
  • حساسية للضوء أو الضوضاء

إصابات تحت الارتجاج

تحدث الإصابة تحت الارتجاج أيضاً عندما يضرب رأس الشخص بقوة شديدة، ولكن عكس الارتجاج، فهو ليس شديداً بما يكفي لإحداث أعراض واضحة.

ومع ذلك، لا تزال الإصابة تسبب بعض التلف للدماغ، وبمرور الوقت يمكن أن تتراكم إصابات الارتجاج المتكررة وتؤدي إلى أضرار أكثر خطورة.

يرتبط هذا النوع من إصابات الرأس المتكررة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن ( CTE)، وهو مرض تنكسي عصبي تدريجي.

يكون خطر الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن أعلى عندما يعاني شخص ما من إصابات دماغية ارتجاجية وارتجاجية على مدى سنوات عديدة.

لم يتم فهم الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن بشكل كامل حتى الآن، وقد تؤثر العديد من العوامل، مثل الجينات والنظام الغذائي، على كيفية تسبُّب صدمة الرأس في الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

تختلف الأعراض أيضاً من شخص لآخر.

تشمل العلامات المبكرة المحتملة ما يلي:

  • ضعف ضبط النفس
  • سلوك مندفع
  • مشاكل الذاكرة
  • ضعف الانتباه
  • مشكلة التخطيط والقيام بالمهام (الخلل التنفيذي)

إضافة إلى كرة القدم، شوهد الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن في الرياضيين الذين يمارسون رياضات أخرى مثل المصارعة وكرة القدم وهوكي الجليد، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث المحدد لفهم كيفية ارتباط كرة القدم بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

Getty Images/ ضربات الرأس لها تأثير على وظيفة الإدراك اليومي
Getty Images/ ضربات الرأس لها تأثير على وظيفة الإدراك اليومي

هل هناك لاعبون تأثروا بالضربات الرأسية؟ 

عند وفاة مهاجم المنتخب الإنجليزي السابق جيف أستول الذي توفي في عام 2002 عن عمر ناهز 59 عاماً، أكد الطبيب الشرعي أنه توفي بسبب مرض مرتبط بضربات الرأس المتكررة المتعلقة بكرة القدم، كما وُجد بعد وفاته أنه كان يعاني من الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

وفي السنوات التالية، أكّد 5 لاعبين من المنتخب الإنجليزي المتوّج بكأس العالم 1966، أنهم يعانون من الخرف بسبب الكرات الرأسية، وجميعهم توفوا فيما بعد عدا بوبي تشارلتون الذي لا يزال على قيد الحياة.

ووجدت إحدى الدراسات التي أجريت في عام 2019، ونقلتها صحيفة Deccan Herald، أن لاعبي كرة القدم، باستثناء حراس المرمى، أكثر عرضة للإصابة بأمراض التنكس العصبي 3 مرات ونصف من عامة الناس.

وبعد ذلك بعامين، وجد بحث مشابه أن المدافعين على وجه الخصوص لديهم خطر أكبر للإصابة بالخرف وألزهايمر أو بحالة مشابهة.

لاعبون آخرون توفوا بعد الإصابة بالخرف أو أمراض أخرى بسبب الكرات الرأسية

تومي كارول (1942-2020): توفي مدافع منتخب جمهورية أيرلندا السابق في أغسطس/أب عن عمر يناهز 77 عاماً. وكان كارول، الذي خاض 17 مباراة دولية، مصاباً بالخرف قبل وفاته.

ستيفي تشالمرز (1935-2019): توفي هداف فريق سيلتيك عندما تغلب على إنترناسيونالي ليفوز بكأس أوروبا عام 1967، بعد أسبوع بالضبط من وفاة زميله في لشبونة بيلي مكنيل.

كان تشالمرز يبلغ من العمر 83 عاماً، ومثل ماكنيل، كان يعاني من الخرف أيضاً.

جاك تشارلتون (1935-2020): الرجل الذي قاد جمهورية أيرلندا إلى نهائيات كأس العالم كمدرب خلال التسعينيات بعد أن فاز باللقب مع إنجلترا كلاعب في عام 1966، توفي في يوليو/تموز عن عمر يناهز 85 عاماً، بعد أن تم تشخيص إصابته بسرطان الغدد الليمفاوية وكذلك كان يعاني من الخرف.

جيمي كونواي (1946-2020): توفي لاعب خط وسط جمهورية أيرلندا السابق في فبراير/شباط عن 73 عاماً.

كان كونواي، الذي خاض 20 مباراة دولية وأكثر من 300 مباراة في الدوري مع فولهام، مصاباً بالخرف منذ الخمسينيات من عمره.

آلان جارفيس (1943-2019): توفي لاعب ويلز الدولي السابق في ديسمبر/كانون الأول 2019 عن عمر يناهز 76 عاماً.

وبعد وفاته قضى قاضي التحقيق بأن وفاته كانت نتيجة الالتهاب الرئوي الناجم عن مرض ألزهايمر، وأن مهنته السابقة- وتحديداً كونه لاعب كرة قدم محترفاً- كانت "عاملاً" في انحدار صحته.

بيلي ماكنيل (1940-2019): توفي قائد فريق سلتيك، الفائز بكأس أوروبا، عن عمر يناهز 79 عاماً. وكان المدافع، الذي تولى تدريب فريق سلتيك مرتين في مناسبتين منفصلتين، مصاباً بالخرف منذ عام 2010.

مارتن بيترز (1943-2019): عضو آخر في منتخب إنجلترا الفائز بكأس العالم، سجل بيترز "الهدف الآخير" في المباراة النهائية ضد ألمانيا الغربية، توفي عن عمر يناهز 76 عاماً، بعد أن أعلن تشخيصه بمرض ألزهايمر في عام 2016.

مايك تيندال (1941-2020): توفي لاعب خط وسط أستون فيلا السابق في أغسطس/آب، بعد فترة طويلة مع الخرف ومرض ألزهايمر.

راي ويلسون (1934-2018): الظهير الأيسر في كأس العالم 1966 بإنجلترا. توفي ويلسون في مايو/أيار 2018 عن عمر يناهز 83 عاماً وبعد 14 عاماً مع مرض ألزهايمر.

بلع اللسان!

بعيداً عن الأمراض التي تؤثر على الدماغ، فإن الضربات الرأسية تسبب أيضاً حالة لا تقل خطورة وقد تسبب الوفاة المباشرة، مثل حالات بلع اللسان التي تحدث بشكل كبير في مباريات كرة القدم.

ماذا تقول الإرشادات؟

وفقاً للإرشادات الصادرة عن الاتحاد الإنجليزي في عام 2015، يجب أن يخضع جميع لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز لتقييم عصبي قبل الموسم كجزء من الفحص الطبي السنوي.

ويجب على أي لاعب يعاني من إصابة في الرأس مغادرة الملعب، ويجب أن يقرر طبيب النادي ما إذا كان اللاعب قادراً على الاستمرار، وليس مدير الفريق أو المدربين.

لكن هذه الإرشادات يبدو أنها لم تمنع اللاعبين الذين يعانون من إصابة في الرأس من استئناف المباراة، لكن كان دائماً ما يتم استبدالهم بعد دقائق من الإصابة كما حدث مع أنتوني مارسيال خلال مباراة مانشستر يونايتد ضد واتفورد في ذهاب مسابقة الدوري الإنجليزي في العام 2017.

تحميل المزيد