في العام 1958، اعتذرت السيدة فيروز عن حضور معرض دمشق الدولي، والغناء على مسرحه للمرّة الأولى ليلة 23 سبتمبر/ أيلول، كما كان مقرّراً. لقد كان السبب -كما قيل للجمهور السوري حينها- مرض ابنها الرضيع هَلي، الذي أُصيب بالتهاب السحايا.
ووفقاً للمؤرخ السوري سامي مبيّض، ثارت إذاعة دمشق، وثارت معها صحف "دمشق المساء"، و"الفيحاء"، و"الأيام"، و"الإنشاء"؛ وغضب الفيروزيّون السوريّون من غياب نجمتهم المفضّلة عن المعرض، وتجمهروا أمام شبّاك بيع التذاكر رافضين التعويض المادي، مُطالبين بحضور فيروز.
بعد سنتين، وفي العام 1960، عادت فيروز ووقفت على خشبة مسرح معرض دمشق الدولي للمرّة الأولى، بحضور الشاعر سعيد عقل والأخوين الرحباني، في ليلةٍ من ليالي العُمر.
في 21 يونيو/حزيران، لم يكن ظهور هَلي -في الصور التي نشرتها المخرجة ريما الرحباني (ابنة فيروز)- هو الأول من نوعه. مُحبّو فيروز شاهدوا صوراً له بمراحل عمرية مختلفة، وفي مناسباتٍ عدّة، كان آخرها فيديو كليب "الـ بدّو يصير" في العام 2018.
إذاً.. ليس هَلي من أصحاب الهمم، ولا هو مُصاب بمتلازمة داون؛ بل أُصيب بمرض التهاب السحايا، تسبّب لاحقاً في عدم قدرته على الكلام والسمع والمَشي؛ لعدم توافر التشخيص المناسب في ذلك الوقت.
اقرأ أيضاً
ما هو التهاب السحايا، وما أسبابه؟
هو عبارة عن التهاب الأغشية (السحايا) المُحيطة بالدماغ والحبل الشوكي؛ ويحفّز التورّم الناتج عن التهاب السحايا غالباً، مؤشرات المرض وأعراضه، مثل الصداع وتيبّس الرقبة والحُمّى.
حالات الالتهاب قد تنتج عن عدوى فيروسية وبكتيرية، أو طفيلية وفطرية أيضاً. ووفقاً لموقع Mayo Clinic، بعض حالات السحايا تتحسّن من دون علاج في غضون عدة أسابيع، ولكن يُمكن لحالاتٍ أخرى أن تكون مهدِّدة للحياة، وتتطلب علاجاً فورياً بالمضادات الحيوية.
الأطفال دون سنّ الخامسة معرّضون للإصابة بالتهاب السحايا الفيروسي، في حين أن الالتهاب الجرثومي شائع لدى من تقلّ أعمارهم عن عشرين عاماً. ومن شأن المناطق المعيشية المزدحمة أن تتسبّب غالباً في الإصابة بالالتهاب.
يمكن أن تصاب النساء الحوامل بالعدوى الناجمة عن بكتيريا الليستيريا، التي قد تُسبّب التهاب السحايا. وعدم تناول اللقاحات المجدولة من شأنه أن يؤثر كثيراً على إصابة البالغين بالمرض.
التهاب السحايا الطفيلي (Parasitic Meningitis):
يُعتبر هذا النوع أقلّ شيوعاً من الفيروسي أو البكتيري، ويَنتُج عن طفيليات توجد في الأوساخ والبراز والخشب القديم، من شأنها أن تؤثر على الدماغ والجهاز العصبي.
التهاب السحايا البكتيري (Bacterial Meningitis):
يعتبر هذا النوع مُعدياً، ويَنتُج عن عدوى بكتيرية تدخل مجرى الدم وتنتقل إلى الدماغ والنخاع الشوكي. يُمكن لهذه العدوى أن تكون قاتلة، في حال تُركت من دون علاج، ويمكن أن تحدث الوفاة في أقلّ من بضع ساعات.
التهاب السحايا الفيروسي (Viral Meningitis):
الفيروسات المعوية هي السبب الأكثر شيوعاً لالتهاب السحايا الفيروسي، وتكون هذه الفيروسات أكثر نشاطاً خلال الصيف والخريف. يُعتبر الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن شهر واحد، والأشخاص الذين يعانون من ضعفٍ في الجهاز المناعي، أكثر عرضةً للإصابة بهذا النوع.
التهاب السحايا الفطري (Fungal Meningitis):
هو نوعٌ نادر، يسبّبه فطرٌ يُصيب الجسم وينتشر من مجرى الدم إلى الدماغ والنخاع الشوكي. يُصيب جهاز المناعة بشكلٍ مباشر، ما يعني أنه يشكّل خطراً كبيراً على الأطفال الذين وُلدوا قبل الأوان، وعلى الأشخاص المُصابين بالسرطان.
الأشخاص الذين يعانون من ضعفٍ في جهاز المناعة أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، ويشمل هذا الأطفال الذين وُلدوا قبل الأوان والأشخاص المصابين بالسرطان أو المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.
اقرأ أيضاً
أعراض التهاب السحايا
قد تتشابه أعراض التهاب السحايا (المينانجيت) المُبكرة مع أعراض الإنفلونزا، لكنها عكس الإنفلونزا، فمن شأن الأعراض أن تتطور على مدار عدة ساعات أو بضعة أيام. وكلّما كان العلاج مُبكراً، أمكننا منع مضاعفاته الخطيرة.
تتضمن الأعراض المحتملة لدى أي شخص، تجاوز عمره السنتين:
– حُمّى شديدة مفاجئة.
– تيبّس في الرقبة.
– صداعاً شديداً ومختلفاً عن العادي.
– حساسية تجاه الضوء.
– النعاس وصعوبة الاستيقاظ.
– فقدان الشهية والعطش.
– شعور بالغثيان أو القيء.
– الطفح الجلدي.
– صعوبة التركيز.
علاج التهاب السحايا
وفقاً لموقع Healthline، يعتمد العلاج على نوع الالتهاب الذي يُصيب المريض. إذا كان يعاني من التهاب السحايا البكتيري، فيجب معالجته في الحال من خلال استخدام المضادات الحيوية عن طريق الوريد، وأحياناً الكورتيكوستيرويدات.
ويعتمد نوع المضادات الحيوية أو مجموعاتها على نوع البكتيريا التي تسبب العدوى.
ولكن المضادات الحيوية لا يمكنها علاج التهاب السحايا الفيروسي؛ فمعظم الحالات تتحسّن من تلقاء نفسها خلال عدة أسابيع، وعادةً ما يتضمن علاج الحالات المتوسطة لالتهاب السحايا الفيروسي: شرب كثير من السوائل، والتزام الفراش، وأدوية الألم التي تُصرف من دون وصفة طبية؛ أي كل ما من شأنه أن يُساعد على خفض الحُمّى، والتخفيف من آلام الجسم.
في حال كان سبب التهاب السحايا غير واضح، فالأرجح أن يلجأ الطبيب بدايةً إلى العلاج بمضادات الفيروسات والمضادات الحيوية، إلى حين يتضح السبب.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.