يُعرف الميلاتونين باعتباره من مساعدات النوم؛ لأنه أول هرمون يفرزه الجسم من أجل إبقاء دورات النوم واليقظة على المسار الصحيح. وعند تناوله كمكمّلٍ بجرعة خفيفة، قد يساعد في بعض الأحيان على النوم، لكن الحقيقة أنه قد لا يكون بالضرورة فعالاً مع الجميع.
نحتاج جميعاً، من وقتٍ لآخر، إلى القليل من المساعدة من أجل النوم.. لذلك، يلجأ عددٌ كبير من الناس إلى المكملات الغذائية للحصول على بعض المساعدة في الاسترخاء، بهدف نومٍ جيّد.
هو أحد أشهر الوسائل المساعدة على النوم، لكن هل هو فعّال حقاً؟
للإجابة عن هذا السؤال، نحتاج أولاً أن نُجيب عن أسئلة أخرى، أبرزها: هل تعاني من نقصٍ في الميلاتونين؟ وهل اختُبِرَ هذا النقص؟ والأهم، هل حصلتَ على الجرعة المناسبة؟ في حال كانت الإجابة "نعم"، فعندها نعم، يمكن أن يكون فعالاً للغاية".
لكن يجب أن نتذكّر دائماً أن هذه المكملات ليس مهدّئاً.. قد تكون عاملاً مساعداً على النوم، لكنها ليس مهدّئاً.
علاقة الميلاتونين والنوم؟
أوضحت طبيبة علم النفس شيلبي هاريس، المتخصّصة في النوم السلوكي، أن الميلاتونين يلعب دوراً أساسياً في تنظيم ما يُعرف بـ"عملية النظم اليوماوي"، المرتبطة بالنوم. وأوضحت أن "الغدّة الصنوبرية لا تنشط في النهار، بل مع غروب الشمس، حين تبدأ في إفرازه بشكلٍ طبيعي من أجل تحفيز النعاس. بينما يتباطأ إفرازه قبل ساعتين من موعد الاستيقاظ الطبيعي، كي نستيقظ ببطء".
لكن مهلاً.. فهذا ليس كلَّ ما يفعله الميلاتونين.
فقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2014 من قسم البيولوجيا الخلوية والهيكلية في جامعة تكساس أنه أحد مضادات الأكسدة الرائعة، ما يساعد على حماية صحة خلاياك ودماغك.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور ديفيد كيناواي، مدير برنامج أبحاث Circadian Physiology Group في جامعة أديليد بأستراليا، إن وظائف الميلاتونين لا تقتصر على تنظيم عملية النظم اليوماوي فقط؛ لأن الهرمون يلعب دوراً في وظائف القلب والأوعية الدموية، والمناعة، والصحة الإنجابية، والصحة الهرمونية، وعدد من العمليات الأخرى أيضاً داخل الجسم.
مستوى الميلاتونين في الجسم
بحسب موقع Live Science، هناك مجموعة متنوعة من الأسباب التي قد تؤدي إلى انخفاض مستويات الميلاتونين في الجسم، والتقدّم في السن هو السبب الرئيسي. فمن 40 إلى 45 عاماً، يبدأ هذا الهرمون -الموجود بشكلٍ طبيعي في جسمنا- بالانخفاض.
وقد وجدت الأبحاث التي أجرتها مجموعة دراسة الأرق، التابعة لجمعية النوم الإسبانية، أن الشخص البالغ من العمر 70 عاماً لديه 10% فقط من الإنتاج الطبيعي لهذا الهرمون. وبالتالي، لا يمكن أن نفقده تماماً من جسمنا، لكن مع تقدّمنا في العمر يمكن أن ينخفض في إجمالي الإنتاج.
ومستويات الميلاتونين يمكنها أن تتأثر بمجموعة من العوامل، أبرزها: العمر، ومستويات التوتر، والأدوية، وأنماط النوم غير المنتظمة الناتجة عن العمل بنظام الورديات.
في كثير من الأحيان، يمكن للضوء، داخل وخارج منازلنا، أن يمنع مستويات الميلاتونين لدينا من الارتفاع بشكلٍ طبيعي؛ ويمكن أن يتسبب ذلك في اضطراب أنماط النوم. يمكن أن يؤدي الضوء الأزرق، من أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية أيضاً، إلى تعطيل إنتاجه إذا تعرَّضت له قبل النوم.
وفي بعض الحالات، يكون الخيار الوحيد للأشخاص لاستعادة مستوياته، والحصول على نومٍ أفضل، هو تناول مكملات الميلاتونين. ومع ذلك، فمن الأفضل استشارة الطبيب قبل تناولها، وتخفيض توقُّعاتك بشأن ما قد يفعله لك ولنومك.
هل هو فعَّال حقاً في النوم؟
هو فعَّال، ولكن المكملات ليست حلاً سحرياً، ولن تساعد في "علاج" اضطرابات النوم الأخرى مثل انقطاع النفس أثناء النوم. لا يوجد دليلٌ واضح يشير إلى أن تناول الميلاتونين يُحسّن النوم أو نوعية النوم، بل يمكن اعتباره منظِّماً للنوم.
ففي استطلاعٍ، نُشِرَ في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، تبيّن أن البالغين في الولايات المتحدة كانوا يتناولون أكثر من ضعف كمية الميلاتونين، التي كانوا يتناولونها قبل عقدٍ من الزمن.
وفي الاستطلاع، الذي أُجريَ بين عامي 1999 و2018، فبالنسبة لبعض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب النوم، يمكن أن تساعد مكملات الميلاتونين في استعادة درجة من الحياة الطبيعية لأنماط النوم. وهناك عادةً ثلاثة أنواع من الأشخاص الذين سيستفيدون أكثر من الميلاتونين الإضافي.
إذا كنت مسافراً وتعاني من اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، فيمكن أن تساعدك جرعة منه على العودة إلى مسارك الصحيح في النوم. وبالمثل، فإن العمل بنظام الورديات، وخاصة الورديات التبادلية، يمكن أن يؤدي إلى عدم تزامن إيقاع الساعة البيولوجية وإنتاج الميلاتونين. ومن شأن المكملات أن تساعد في خداع الجسم، ليعتقد أن الوقت قد حان للنوم، حتى لو كانت الشمسُ ساطعةً في الخارج.
وأخيراً، إذا كان لديك نقص في نسبته، فإن الجرعة الصحيحة يمكن أن تكون فعّالة للغاية. فإذا كنتَ تتناوله على شكل أقراص، فمن الأفضل استهلاك الميلاتونين بجرعات منخفضة (من 0.5 إلى 1 ملغ) قبل موعد النوم بفترةٍ تتراوح بين 30 إلى 60 دقيقة.
وتوضح الطبيبة شيلبي هاريس: "إذ كنتَ تستهلك ما يتراوح بين 3 و5 ملغ في المساء، فمن المرجح أن تكون هذه المكملات ليست مفيدة لك. فاستهلاك أكثر من 1 ملغ سيكون مفيداً لحلّ مشكلات النوم، وأحياناً تكون الجرعة الزائدة بلا فاعلية".
وعلامات نقص الميلاتونين يمكنها أن تشمل:
- الشعور بـ"الدوار" في الصباح.
- التعب خلال النهار.
- صعوبة التركيز.
- القلق والاكتئاب.
- صعوبة النوم لفترة طويلة.
الصداع والغثيان.. أضرار الميلاتونين
بشكلٍ عام، الكمية القليلة أفضل عندما يتعلق الأمر بتناول مكملات الميلاتونين، ولكن هناك بعض الاعتبارات التي يجب مناقشتها مع الطبيب، قبل الشروع في تناول المكملات.
إذا كنتِ حاملاً أو تخططين للحمل أو مُرضِعة، فإيّاك أن تتناولي الميلاتونين. وإذا كنتَ (كنتِ) تتناول مضادات الاكتئاب، فيجب الامتناع عن تناولها؛ لأنها يمكن أن تزيد أعراض الاكتئاب سوءاً.
وبحسب مايكل بروس، متخصّص في علم النفس العيادي، "يجب على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النزيف، أو الذين خضعوا لعملية زرع أعضاء، أو مرضى السكري، التفكير مرّتين قبل تناول الميلاتونين لأنه يمكن أن يكون له آثار جانبية سلبية". وأضاف مؤكداً: "لن أوصي به أبداً، لأي شخص تحت الـ 18 عاماً".
من المعروف أيضاً أن مكملات الميلاتونين ترفع ضغط الدم، وقد تشمل الآثار الجانبية أيضاً الصداع، والغثيان، والدوخة، وألم المفاصل. ولا يجب عليك قيادة المركبات أو تشغيل الآلات بعد تناولها.
إذا كانت هذه المكملات تحدث فرقاً في نومك ولا تعاني من أي ردود فعل سلبية، فسيكون من الآمن تناولها كل ليلة لمدة تصل إلى شهرين. ولكن تذكَّر، مع ذلك، أن تتوقَّف عن تناولها في حال لم تلحظ أي إفادة.