النوم أمر ضروري للتمتُّع بالصحة والعافية جسدياً وعقلياً ونفسياً. وبدون نوم كافٍ وعميق، من المستحيل أن نحافظ على وظائف الجسم والعقل بشكل سليم.
ومع ذلك، يشعر بعض الناس بالدوار والارتباك والضيق الشديد بعد الاستيقاظ من النوم، أو عند الحصول على قيلولة قصيرة في منتصف النهار لإعادة شحن طاقة الجسم.
تسمى هذه الظاهرة بقصور النوم أو Sleep Inertia. وهي أكثر شيوعاً عند الأشخاص الذين لا ينامون بشكل ثابت في مواقيت محددة، أو العاملين في وظائف ليلية وبالتالي ينامون في النهار ويستيقظون ليلاً.
وتحدث أعراض قصور النوم المزعجة بعد الاستيقاظ مباشرة من النوم، وأحياناً تحدث بعد الحصول على قيلولة نهارية في منتصف اليوم بالنسبة للأشخاص الذين ينامون في مواقيت ثابتة ليلاً.
ويمكن أن يؤثر القصور في النوم سلباً على قدرة الشخص في إبداء رد الفعل، وقدرته على الانتباه، ووظائف الذاكرة، والنشاط البدني، وحتى المشاعر والعواطف العامة تجاه الأمور الاعتيادية المختلفة.
وبشكل عام، يساعد التعرُّف على أسباب قصور النوم وأعراضه في إدارة الشعور بخمول النوم، وترتيب مواقيت النوم الأساسية ومواعيد القيلولة وفترتها في ضمان عدم التأثير على أداء الشخص العام وقدرته على العمل بصورة طبيعية.
ما هو قصور النوم ومتى يحدُث؟
قصور النوم هو شعور عام بالدوار والارتباك والنعاس والضعف الإدراكي الذي يتبع الاستيقاظ مباشرة بعد الحصول على قيلولة أو حتى بعد فترة النوم الأساسية اليومية.
وبحسب موقع Sleep Foundation لطب النوم والصحة العامة، قد يستمر خمول النوم بشكل عام بين 15 و60 دقيقة، لكنه قد يستمر لمدة تصل إلى بضع ساعات بعد الاستيقاظ عند البعض.
وبالنسبة للسبب البيولوجي لقصور النوم فهو غير معروف. لكن يفترض الباحثون أن القصور في النوم آلية وقائية للجسم تساعد في الحفاظ على نوبات النوم الطويلة أثناء لحظات الاستيقاظ غير المرغوب فيها.
ويمكن أن يؤثر قصور النوم على سلامة وعافية الأشخاص الذين يعملون لفترات طويلة، أو الذين يغيرون ساعات العمل بشكل متكرر أو يعملون بنظام الورديات.
ونتيجة لذلك، قد يواجه هؤلاء العمال مدد رد فعل بطيئة وانخفاض اليقظة المعرفية والانتباه في العمل، مما يزيد من فرصة حدوث إصابات وارتكاب الأخطاء.
أعراض قصور النوم
عادةً ما تكون أعراض قصور النوم أكثر وضوحاً فور الاستيقاظ من النوم أو بعد القيلولة القصيرة التي تتجاوز 30 دقيقة، وتبدأ الأعراض في التراجع ببطء بمرور الوقت، بحسب موقع Science Focus.
ومن الأعراض الأكثر شيوعاً لقصور النوم:
- ترنح وعدم الاتزان وتشوش الرؤية.
- الرغبة في النوم مرة أخرى.
- ضعف القدرات المعرفية والتركيز.
- ضعف الانتباه البصري وقوة الملاحظة.
- ضعف الذاكرة المكانية.
- اضطراب المزاج والعصبية.
تأثير قصور النوم على الجسم
سبب قصور النوم والحالة الجسدية المُربكة المترتبة عليه غير معروف حتى اليوم، لكن هناك ثلاث نظريات شائعة تشرح أسبابه الجسدية، وهي:
- زيادة موجات دلتا: تشير بعض الأبحاث إلى أن خمول النوم أمر ناتج عن زيادة موجات دلتا في الجزء الخلفي من الدماغ.
وتظهر موجات دلتا، أو الموجات البطيئة، بشكل أكثر شيوعاً، في مرحلة حركة العين غير السريعة أثناء النوم. وتزداد احتمالية زيادة موجات دلتا بعد فترات الحرمان من النوم أو انقطاع.
قد يحدث قصور النوم عندما لا يقوم الدماغ بعد بالتخلُّص من موجات دلتا استعداداً للاستيقاظ، أو عندما يكون الدماغ مستيقظاً أثناء مرحلة نوم حركة العين غير السريعة.
- مستويات عالية من الأدينوزين: الأدينوزين هو مركب حمض نووي موجود في الدماغ، وهو مُركب محوري في النوم واليقظة.
عند الاستيقاظ، يجب أن تكون مستويات الأدينوزين منخفضة. تشير الأبحاث إلى أن القصور في النوم يمكن أن يكون ناتجاً عن مستويات عالية من الأدينوزين عند الاستيقاظ، بسبب الحرمان من النوم لفترات طويلة.
- انخفاض ضغط الدم: يتبع تدفق الدم في الجسم إلى الدماغ نمطاً يتوافق مع دورات النوم التي نحصل عليها، حيث يتزايد تدفق الدم إلى الدماغ أو يتناقص وفقاً لمرحلة النوم.
وترتبط متلازمة التعب المزمن (CFS) بانخفاض تدفق الدم في المخ. وتتشابه أعراض متلازمة التعب المزمن مع قصور النوم، وبالتالي قد يؤدي انخفاض تدفق الدم عند الاستيقاظ إلى ظهور أعراض خمول النوم والإجهاد.
خيارات التعامل مع قصور النوم وإجهاد ما بعد القيلولة
على الرغم من أن السبب الدقيق لقصور النوم غير معروف، فإن هناك طرقاً يمكنك من خلالها تعديل نمط حياتك لتسهيل نوم أفضل وزيادة اليقظة عند الاستيقاظ. وتشمل الخيارات التالية بحسب موقع Healthline:
- القيلولة الصحية: قد يساعدك النوم لفترة قصيرة خلال اليوم على تقليل أعراض خمول النوم في النهار. لكن يجب مراعاة الحصول على قسط جيد من النوم للقيلولة؛ لكيلا تتسبب بنتائج عكسية.
فقط تأكد من أن قيلولتك لا تزيد على 30 دقيقة، لأن ذلك قد يزيد من خطر التعرض لقصور ذاتي في النوم وصعوبة النوم في الليل.
- تناول الكافيين: قد يساعدك تناول فنجان من القهوة على الشعور بمزيد من الاستيقاظ في الصباح. إذ يعمل الكافيين على منع مستقبلات الأدينوزين في الدماغ، مما يزيد من اليقظة والانتباه.
ومع ذلك، فإن الإفراط في تناول الكافيين قد يؤثر سلباً على نومك إذا تناولته قبل 6 ساعات من موعد النوم الليلي.
- التعرُّض للضوء: قد يساعد الحفاظ على دورات نومك واستيقاظك بشكل ثابت مع الشروق الطبيعي لأشعة الشمس وهبوطها على تقليل أعراض قصور النوم.
وتشير الدراسات إلى أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يؤثر على إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعي للجسم ويعطل النوم عند مشاهدته في وقت لاحق من اليوم.
لذلك قد يساعدك ضبط الإضاءة في غرفة نومك من خلال ستائر معتمة للغرفة في الحصول على نوم أعمق وأفضل.
- ضبط درجة الحرارة: النوم في غرفة شديدة الحرارة يمنع جسمك من الاسترخاء قبل النوم، مما يؤدي إلى الشعور بالتعب والإجهاد، خاصة عند نيل القيلولة النهارية.
لذلك حاول إضافة مروحة هادئة إلى غرفتك أو اضبط نوعية الأغطية التي تستخدمها لتبريد جسمك.
- الاستيقاظ اللطيف والتدريجي: يمكن أن يكون للاستيقاظ على أصوات المنبهات المزعجة الصاخبة أثر في حدوث قصور النوم، مما قد يزيد من الشعور بالارتباك أو الترنح عند الاستيقاظ.
لذلك حاول اختيار موسيقى المنبه اللطيفة التي توقظك بشكل تدريجي، أو جرِّب منبه شروق الشمس الذي يوقظك بإضاءة متزايدة وأصوات لطيفة تدريجياً.