عندما أعاني من الأرق وأسهر غارقة في بحر أفكاري ومشاكلي لا أحظى بأي نوم جيد في هذه الليلة، وأشعر ببطني يتمزق وقولوني يتلوّى طيلة الليل، وحتى في اليوم التالي، لكن عندما لا أفكر كثيراً أو أشغل بالي بمشاكلي لا أشعر بنفس آلام القولون العصبي، وكأن هذه رسالة تخبرني بالعلاقة بين العقل وآلام القولون العصبي.
المشكلة أن الذهاب إلى الأطباء لا يساعد، لأن الفحوصات تُظهر في كل مرة أنَّ كل أجهزتي تعمل بشكل جيد، لكن لا يزال بطني يتلوى في كل ليلة.. لكن هل التوتر وحده أو التفكير هو السبب وراء هذه الآلام؟
العلاقة بين العقل وآلام القولون العصبي
يقول الدكتور عمران ماير، أخصائي الجهاز الهضمي بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، إننا جميعاً تحدث لنا تقلصات في أمعائنا، لكن أغلبها غير ملاحظ، ما نلاحظه هو الألم الشديد الذي يظهر لدى المصابين بمتلازمة القولون العصبي، ويقول إن الحل لذلك هو تهدئة العقل والأفكار حتى تهدأ القنوات الهضمية.
روت مدونة لدى صحيفة New York Times الأمريكية، تدعى كونستانس سومر، تجربتها في مقال نشرته الصحيفة، حكت فيه متى بدأت مشاكلها مع القولون العصبي، ورحلة علاجها، إذ قالت إنها أصيبت به قبل تسع سنوات وهي في الـ44 من عمرها.
إذ كتبت: "شعرت بذلك حين لاحظت أن صداعي النصفي بدأت تصاحبه حموضةٌ في المعدة، وكأن أمعائي تعتصر حبات ليمون، وقد ساعدني تقليل الغلوتين، لكن جهازي الهضمي استمر في التداعي مع مرور السنوات".
لكنها أدركت أنّ تجربتها تُعتبر مألوفة، بعدما قرأت عن الدراسات التي تشير إلى أنّ الهرمونات التناسلية الأنثوية تُعدّل الاتصال بين العقل والجهاز الهضمي، ولكن مع تراجع معدلات هذه الهرمونات تبدأ النساء في المعاناة من أعراض أكثر حدة لمتلازمة القولون العصبي.
وقد فقدت "سومر" 4.5 كيلوغرام من وزنها، لأنّ تناول الطعام صار مؤلماً، وحتى عندما أجرت جميع فحوصات أمراض الجهاز الهضمي وخرجت كافة النتائج سلبية، عرفت بتشخيصها بمتلازمة القولون العصبي.
أخبرها الطبيب أنّ الأمر ربما بدأ بعدوى سابقة، كما أنّ الضغوطات الحياتية التي كانت تمر بها كان لها دورها، ولم تكن لديه طريقة لعلاجه، لكنه نصحها بالاسترخاء أكثر والتحكم في نظامها الغذائي.
لكن المضحك هنا أن التفكير في تقليل التوتر لتقل آلام القولون العصبي قد يثير المزيد من التوتر بدلاً من تهدئته، ويبدو أن "سومر" مرت بهذا، لذلك بدأت في تجربة اليوغا، مع حظر أطعمة تهيج المعدة مثل منتجات الألبان أو الصويا أو الفول السوداني أو الثوم أو الفول أو العدس.
إلا أن المشكلة كانت لا تزال قائمة، لذلك بدأت "سومر" في خطة جديدة، وهي التخلي عن تناول الغلوتين أو الثوم، خصوصاً أن دورية The New England Journal of Medicine العلمية نشرت ورقةً بحثية افترضت أنّ العدوى في البطن يمكنها أن تسبب اضطراباً مؤقتاً في حاجز الخلايا المصطف بطول القولون.
مع اضطراب هذا الحاجز، قد يمتص القولون البروتينات المثيرة للحساسية، ما يتسبب في رد فعلٍ تحسسي محلي لبعض الأطعمة المثيرة للالتهابات مثل الغلوتين، ويُؤدي بالتالي إلى ردود فعل ارتدادية أعلى وأسفل القناة الهضمية.
ورغم أنه قد لا توجد حساسية من أطعمة بعينها، فإن الجسد يستجيب لها بشكلٍ تلقائي، ويصيبه رد فعلٍ تحسسي، إذ يُؤثر التوتر على الفيسيولوجيا المرضية الأساسية، ويُمكن أن يُفاقمها، وحسب هذه الدراسة فإن التوتر ليس سبب متلازمة القولون العصبي.
نصائح لعلاج القولون العصبي
لا يوجد علاج محدد للقولون العصبي، فالأدوية الموجودة تستخدم لتخفيف الأعراض فقط، وبالإضافة للأدوية يطلب الأطباء تغيير نمط الحياة، ويكون هذا عبر:
– المشاركة في ممارسة الرياضة بانتظام.
– تقليل تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
– تناول وجبات أصغر.
– تناول الشوفان لتقليل الغازات والانتفاخ.
– ممارسة التأمل لتقليل التوتر والإجهاد.
– تجنب تناول الأطعمة المقلية والحارة.
– تجنب المشروبات الغازية والسكرية.
– شرب ما يكفي الجسم من السوائل.
إذا لم تتحسن الأعراض من خلال العلاجات المنزلية، مثل نمط الحياة أو التغييرات الغذائية، فقد يقترح الطبيب تناول الأدوية.
الأدوية المضادة للتشنج تقلل من تقلصات وألم البطن، عن طريق استرخاء العضلات في الأمعاء، كذلك الأدوية المضادة للإسهال، والأخرى المضادة للإمساك يمكنها تخفيف حدة الأعراض.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.