ما هو التهاب الغدد العرقية القيحي، وما صلته بالدورة الشهرية؟

إذا كنت تعانين من التهاب الغدد العرقية القيحي فأنت تدركين بالتأكيد مدى تأثير هذا المرض على نشاطاتك اليومية، لكن هل لاحظت ارتباطاً بين تفاقم أعراضه وفترة الحيض؟

في الواقع هناك علاقة وثيقة بين فترة الحيض والتهاب الغدد العرقية القيحي، سنشرحها لك في هذا التقرير، لكن دعينا أولاً نبين لك ما هو هذا الالتهاب وكيفية علاجه والتخفيف من أعراضه. 

ما هو التهاب الغدد العرقية القيحي؟

تعتبر الإناث أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الغدد العرقية القيحي، مقارنةً بالذكور. تُسبّب هذه الحالة الجلدية بثوراً مؤلمة ومتورمة تتشكّل عادةً في المناطق التي يحتك فيها جلدك ببعضه البعض، مثل منطقة الإبطين والفخذين والثديين.

تشمل أعراض التهاب الغدد العرقية القيحي ما يلي:

– التهاب أو حكة أو حرقة في الجلد قبل ظهور تكتلات تحت الجلد في المنطقة المصابة. 

– نتوءات سوداء تشبه الرؤوس السوداء. 

– ندبات ورائحة نفّاذة تنبعث من المنطقة المصابة. 

– ظهور تجاويف تحت الجلد نتيجة الخُرّاجات والتكتلات التي تتشكّل على نحوٍ متكرر.

بالإضافة إلى الأعراض الجسدية، قد يؤثر التهاب الغدد العرقية القيحي على صحتك النفسية أيضاً. 

ربما يحد من قدرتك على أداء تمريناتك الرياضية ونمط اختيار ملابسك، فضلاً عن تأثيره في طريقة نظرتك إلى نفسك.

ما أسباب الإصابة بالتهاب الغدد العرقية القيحي؟

لم يُعرف بعد الأسباب الدقيقة للإصابة بالتهاب الغدد العرقية القيحي على الرغم من كونه يحمل سمات أي مرض التهابي شائع من احمرار وتورم وألم.

تقول الدكتورة جينيفر هسياو، أستاذ مساعد طب الأمراض الجلدية بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، لمجلة "SELF" الأمريكية: "لا تزال مسببات هذا المرض قيد البحث، ويُعتقد أنَّه يحدث نتيجة الكثير من العوامل المختلفة".

وفقاً للأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية، يعتقد العلماء أنَّ التهاب الغدد العرقية القيحي يبدأ عندما يسد الكيراتين (وهو بروتين يحافظ على صحة الجلد والشعر والأظافر) بصيلات الشعر، ما ينجم عنه تراكم للبكتيريا والعرق، وهي عوامل تؤدي مجتمعة إلى تشكيل تكتلات تحت الجلد.

تمتلئ هذه الكتل وتنفجر في نهاية المطاف لتطلق ما بداخلها في بصيلات الشعر القريبة وتتكرر العملية مع تَشكُّل المزيد من التكتلات.

على الرغم من اعتقاد الخبراء أنَّ الأمر لا يزال غامضاً بعض الشيء، لكن ثمة بعض عوامل الخطر التي قد تزيد من احتمالات الإصابة بالتهاب الغدد العرقية القيحي، مثل العوامل الوراثية.

حدَّد الباحثون أيضاً بعض الطفرات الجينية القليلة المرتبطة بالتهاب الغدد العرقية القيحي. ومع ذلك، قد تصابين بالتهاب الغدد العرقية القيحي بدون أن يكون لديكِ أقارب يعانون من هذه الحالة.

ثمة أيضاً أدلة كثيرة تبيّن أنَّ التدخين أحد عوامل الخطورة، حيث ما يصل إلى 90% من المصابين بهذه الحالة هم إما مدخنون حاليون أو سابقون. تزيد السمنة أيضاً من خطر ظهور التهاب الغدد العرقية القيحي ويُعتبر اضطراب الهرمونات سبباً محتملاً آخر.

لا يزال الخبراء يبحثون الأسباب الدقيقة لهذا المرض، لكن ما يتضح جلياً هو أنَّ الأعراض قد تتفاقم قبل وأثناء فترة الحيض.

ما الهرمونات المؤثرة في التهاب الغدد العرقية القيحي؟

يعتقد الخبراء أنَّ الهرمونات تؤدي دوراً ما، لكن ليس من الواضح سبب تفاقم مثل هذه الحالة في فترة الحيض.

لا توجد دراسة واسعة النطاق تبحث تحديداً في العلاقة بين التهاب الغدد العرقية القيحي ودورات الحيض، لكن كان هناك العديد من الدراسات الصغيرة على مرّ السنين.

في الآونة الأخيرة، أجرى فريق البحث التابع للدكتورة جينيفر هسياو دراسة استقصائية على 279 امرأة تصاب بهذه الحالة أثناء فترة الحيض. قالت ما يقرب من 77% منهن إنَّ أعراضهن ساءت أثناء فترة الحيض. لم تُحدّد الدراسة ما إذا كان أي من تلك النساء قد تناولت إحدى وسائل منع الحمل، الأمر الذي يؤثر على مستويات الهرمونات في الجسم.

يتمثَّل أحد التفسيرات المحتملة في أنَّ مستويات هرموني الاستروجين والبروجسترون، وهما هرمونان رئيسيان مرتبطان بالحيض، تنخفض في الفترة التي تسبق الدورة الشهرية، ما قد يساهم في الإصابة بالتهاب الغدد العرقية القيحي؛ لأنَّ ارتفاع مستويات هذين الهرمونين يمكن أن يساعد في الوقاية من الالتهابات، وذلك حسبما أوضحت الدكتورة جينيفر هسياو.

تقول جينيفر: "العامل الآخر الذي يشير إلى الدور المحتمل للهرمونات هو أنَّ حالة التهاب الغدد العرقية القيحي قد تتغير حدتها أثناء فترة الحمل، وهي أيضاً فترة تحولات هرمونية كبيرة"، مشيرة إلى أنَّ الجسم ينتج هرمونات معينة أثناء فترة الحمل فقط، بالإضافة إلى إفراز مستويات أعلى من الإستروجين والبروجسترون.

تُعد مجموعة هرمونات الأندروجين، مثل التستوستيرون، أحد الأسباب المحتملة الأخرى لالتهاب الغدد العرقية القيحي.

ينتج جسم الإنسان عموماً هرمونات الأندروجين، لكن جسم المرأة يفرز كميات متفاوتة من تلك الهرمونات طوال فترة الحيض. وعلى الرغم من أنَّه لم يتضح بعد دور الأندروجينات في حالة التهاب الغدد العرقية القيحي وكيف يمكن أن تؤثر هذه الهرمونات على النوبات الالتهابية خلال فترة الحيض بالتحديد، فإن الخبراء يعرفون أنَّ الأدوية المضادة للأندروجين تساعد في تخفيف هذه النوبات الالتهابية المؤلمة لدى بعض النساء، ما يعزز فكرة وجود صلة ما تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة.

كيفية علاج التهاب الغدد العرقية القيحي خلال فترة حيضك؟

تقول الدكتورة أوليواكيمي أوناجين، أستاذ مساعد بكلية طب جامعة شيكاغو، إنَّه "لا يوجد علاج جذري لهذه الحالة، لكن ثمة العديد من العلاجات والاستراتيجيات للسيطرة عليها".

إذا لاحظت أنَّك تعانين دائماً من الالتهاب قبل وقت قريب من الدورة الشهرية، فقد تحتاجين إلى التحدث إلى طبيبك حول ما إذا كان العلاج الهرموني هو الأنسب لكِ.

على سبيل المثال، قد يوصي طبيبك بحبوب منع الحمل التي تحتوي على مزيج من هرموني الاستروجين والبروجستين (وهو هرمون مُصنّع يحمل خصائص مشابهة لهرمون البروجسترون) كي تساعد في تعزيز هذه الهرمونات في جسمك، بالإضافة إلى أنَّها تساعد في تقليل إنتاج الأندروجين من خلال تثبيط الإباضة.

ومع ذلك، إذا لم يساعد ذلك في إيقاف نوبات التهاب الغدد العرقية القيحي، يمكنك أيضاً تجربة تناول دواء إضافي مضاد للأندروجين لكبح إفراز الأندروجين في الجسم.

تقول الدكتورة جينيفر هسياو إنَّ "تناول حبوب تحديد النسل والأدوية المضادة للأندروجين يعملان معاً لتحقيق قدر أكبر من الفائدة".

ومع ذلك، تجد بعض النساء أنَّ أنواعاً معينة من وسائل منع الحمل، مثل اللولب الرحمي، قد تحفز نوبات التهاب الغدد العرقية القيحي. إذا كنتِ تعتمدين على إحدى هذه الوسائل لمنع الحمل وتعتقدين أنَّها تزيد من سوء حالتك، ينبغي لكِ التحدث إلى طبيبك حتى يتسنى له إرشادك إلى الخيار التالي الأفضل بالنسبة لكِ.

هناك أيضاً علاجات أخرى، من بينها العلاج البيولوجي الذي يستخدم في الحالات الحرجة مضادات الالتهاب والمضادات الحيوية، يمكن أن تساعد في تخفيف الألم وشدة الالتهابات.

المضادات الحيوية

إذا كنت تعانين من كتل مؤلمة وملتهبة يرافقها نزيف، فقد يصف لك الطبيب المضادات الحيوية لمدة أسبوع أو أسبوعين، حيث قد تكونين مصابة بعدوى. ومع ذلك، في التهاب الغدد العرقية القيحي، فإن العدوى البكتيرية ليست شائعة، لذلك يجب أخذ مسحة من المنطقة المصابة، وفقاً لما ورد في موقع NHS.

في حالة عدم وجود عدوى بكتيرية، يمكن استخدام جرعات منخفضة من المضادات الحيوية لمنع الالتهاب.

قد يتم إعطاؤك المضادات الحيوية على شكل كريم (موضعي) أو على شكل أقراص أو كبسولة أو سائل. ويمكن أن تشمل أنواع المضادات الحيوية الاريثروميسين، lymecycline، الدوكسيسيكلين والتتراسيكلين.

وفي الحالات الشديدة من التهاب الغدد العرقية القيحي، يمكن أن يكون الجمع بين الكليندامايسين والريفامبيسين فعالاً، ولكن عادة ما يتم وصف هذه المضادات الحيوية من قِبَل أطباء الجلد بدلاً من الأطباء العامين.

المطهرات

غالباً ما يتم وصف الغسول المطهر، مثل الكلورهيكسيدين إلى جانب العلاجات الأخرى.

الريتينويد

الرتينويدات، مثل الإيزوتريتينوين والأسيتريتين ليست فعالة في علاج التهاب الغدد العرقية المقيِّح كما هي في علاج حب الشباب، لكنها قد تساعد بعض الأشخاص.

مع ذلك يجب استخدامها بحذر ولا يمكن تناولها أثناء الحمل أو بدون وصفة طبيب. 

كيفية التخفيف من حدة نوبات التهاب الغدد العرقية القيحي

بصرف النظر عن تناول الأدوية، يمكنك عمل بعض التغييرات في نمط حياتك لتشعري بمزيد من الراحة أثناء فترة حيضك، لاسيما مع هذه النوبة الجلدية.

تقول الدكتورة أوليواكيمي أوناجين من جامعة شيكاغو: "أوصي بتمارين منخفضة التأثير، مثل المشي أو اليوغا، لأنَّ إفراز العرق قد يحفز حدوث نوبات التهاب الغدد العرقية القيحي، خاصةً خلال فترة حيضك".

يُنصح أيضاً بارتداء أقمشة قطنية فضفاضة تسمح بمرور الهواء، خاصة لملابسك الداخلية، لمساعدتك على الشعور بمزيد من الراحة عند المشي والجلوس وممارسة تمارينك الرياضية ومهامك اليومية.

تجنّبي حلاقة المناطق الملتهبة، لأنَّ ذلك قد يؤدي إلى تفاقم النتوءات المؤلمة تحت الجلد.

تجنبي أيضاً استخدام الفوط الصحية السميكة أثناء الحيض؛ لأنَّها قد تزيد من تهيّج الجلد في منطقة الفخذين عند الاحتكاك بفوطة صحية سميكة.