أصبت بفيروس كورونا وعانيت الأمرين وأمضيت الاختبار تلو الآخر حتى ظهرت النتيجة سلبية وأخيراً، ولكن.. هل يمكن الإصابة بكورونا مرتين؟
يثير احتمال الإصابة بكورونا مرتين قلقاً عالمياً، ورغم أن خبراء الصحة اعتبروها في بداية الأمر"نادرة جداً" ، لكنهم حذروا أيضاً من أن المرة الثانية كانت في كثير من الأحيان أسوأ من العدوى الأولى.
وفقًا لـ BNO، وهي وكالة أنباء هولندية دولية تتعقب العدوى المتكررة، كانت هناك 25 إصابة على مستوى العالم بين 24 أغسطس/آب 2020 و10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 ، واثنتان فقط في الولايات المتحدة.
فما هي احتمالات الإصابة مجدداً بفيروس كورونا، وكم تستمر مدة المناعة وهل الإصابة الثانية أصعب أم أخف؟
نستعرض في هذا التقرير إجابات خبراء في الأمراض المعدية.
هل يمكن الإصابة بكورونا مرتين؟
بدوره قال خبير الأمراض المعدية الأمريكي مارك كورتبيتر لموقع مجلة Forbes: "بعدما كان الأمر غير مؤكد، بات لدينا الآن دليل على أن الناس يمكن أن يصابوا مرة ثانية".
وأوضح أن الإطار الزمني بين الإصابة الأولى لهؤلاء الأفراد إلى وقت الإصابة الثانية تراوح من 3 أسابيع إلى 142 يوماً، (أي قرابة خمسة شهور).
لماذا تتكرر الإصابة رغم تشكيل المناعة أجساماً مضادة؟
أجاب كورتبيتر: "عادة، بعد وقت قصير من إصابتنا بالفيروس، تتعرف أجسامنا على الفيروس وتخرجه بسرعة إذا تعرضنا مرة أخرى له. ولكن لسوء الحظ، فإن فيروسات RNA، مثل الإنفلونزا
و SARS-CoV-2 (التي تسبب مرض Covid-19)، ترتكب أخطاء لأنها تنسخ نفسها".
وشرح موضحاً أنه عندما تتكاثر ملايين المرات، تتراكم هذه الأخطاء وتغير في النهاية بعض البروتينات التي يصنعها الفيروس؛ فإذا حدثت تغييرات كافية، فقد لا يتمكن الجسم من محاربة الفيروس الجديد المعدل قليلاً إذا ما تعرض له.
كيف يعمل جهاز المناعة، ولمَ لا يحارب كورونا كما يحارب نزلات البرد؟
يتكون جهاز المناعة في جسم الإنسان من جزأين.
الأول جاهز دائم الذهاب إلى العمل بمجرد اكتشاف أي غاز أجنبي في الجسم، ويُعرف باسم الاستجابة المناعية الفطرية.
عمل هذا الخط الدفاعي الأساسي هو إطلاق المواد الكيميائية التي تسبب الالتهاب وخلايا الدم البيضاء التي يمكن أن تدمر الخلايا المصابة.
لكن هذا النظام ليس خاصاً بفيروس كورونا، ولا ينجح معها، فلا يتعلم ولا يمنح صاحبه مناعة ضد فيروس كورونا.
بدلاً من ذلك، أنت بحاجة إلى الاستجابة المناعية التكيفية؛ الخط الدفاعي الثاني.
في هذه المرحلة، يقع العائق على خلايا تنتج أجساماً مضادة مستهدفة يمكن أن تلتصق بالفيروس من أجل إيقافه، إلى جانب الخلايا التائية التي يمكنها مهاجمة الخلايا المصابة بالفيروس فقط، فيما يُسمى "الاستجابة الخلوية".
لكن هذه العملية تستغرق وقتاً، إذ تشير الدراسات إلى أن الأمر يستغرق حوالي 10 أيام لبدء صنع الأجسام المضادة التي يمكن أن تستهدف فيروس كورونا. وبالتالي، يطور المرضى الأكثر مرضاً أقوى استجابة مناعية.
إذا كانت الاستجابة المناعية التكيفية قوية بدرجة كافية، فقد تترك ذاكرة دائمة للعدوى توفر الحماية في المستقبل.
لذا من غير المعروف ما إذا كان الأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة فقط، أو لا تظهر عليهم أعراض على الإطلاق، سيطورون استجابة مناعية تكيفية كافية.
كم تدوم المناعة؟
تشبه ذاكرة الجهاز المناعي إلى حد ما ذاكرتنا، فهي تتذكر بعض أنواع العدوى بوضوح، ولكن لديها عادة نسيان فيروسات أخرى.
لا تُنسى الحصبة إلى حد كبير، ويكفي أن يحصل الإنسان على نوبة مناعة واحدة حتى يحمي نفسه منها مدى الحياة (كما تفعل النسخة الضعيفة في لقاح MMR).
ومع ذلك، هناك العديد من الأشياء الأخرى التي يمكن نسيانها، مثل فيروس الأطفال RSV (الفيروس المخلوي التنفسي) الذي يظهر عدة مرات في شتاء واحد، بحسب ما نشرت شبكة BBC.
وبما أن فيروس كورونا المستجد، Sars-CoV-2، ظهر منذ فترة غير كافية لمعرفة المدة التي تستغرقها المناعة، ولكن هناك 6 فيروسات كورونا بشرية أخرى يمكن أن توضح الصورة.
تنتج 4 فيروسات منها أعراض نزلات البرد والمناعة ضدها قصيرة العمر. كما أظهرت دراسات أخرى أن بعض المرضى قد يُصابون مرتين في غضون عام واحد.
واقترحت أبحاث أجرتها جامعة King's College البريطانية أن مستويات الأجسام المضادة التي تقتل فيروس كورونا تضاءلت خلال الدراسة التي استمرت 3 أشهر.
ولكن حتى إذا اختفت الأجسام المضادة، فإن الخلايا التي تصنعها، والتي تسمى الخلايا البائية، قد تظل موجودة، وبالفعل تم العثور على الخلايا البائية للإنفلونزا الإسبانية في الأشخاص بعد 90 عاماً من هذا الوباء.
إذا كان الأمر كذلك مع فيروس كورونا المستجد، فإن الإصابة الثانية ستكون أخف من الأولى.
كما أنه ليس من المعروف أيضاً ما يحدث للخلايا التائية على المدى الطويل. لكن تم العثور على الخلايا التائية ضد فيروس السارس الأصلي (متلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة) بعد 17 عاماً.
ولكن ما تم تسجيله حتى الآن، أنه عندما تحدث العدوى مرة أخرى، يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وفقاً لأخصائية الأمراض المعدية في مستشفى هارتفورد للدكتورة فايقة شيما.
وقالت لموقع صحيفة كونكتيكت بوست CTPost: "في العديد من حالات الإصابة بكورونا مرتين والتي تم الإبلاغ عنها في جميع أنحاء العالم، كانت العدوى الثانية أكثر حدة من الأولى".