بالرغم من أن مصمم الأزياء الإيطالي الشهير جياني فيرساتشي قد فارق الحياة مقتولاً وهو يبلغ من العمر 50 عاماً فقط، فإنه استطاع في فترة قصيرة بناء إمبراطورية ضخمة في عالم الموضة والأزياء، فقد ارتدت تصميماته نجمات هوليوود، وعدد من الملكات والأميرات حول العالم، مثل الأميرة ديانا، التي حضرت جنازته بنفسها.
إذ لم يكن فيرساتشي مجرد مصمم مشهور، بل كان صاحب بصمة لا تزال آثارها واضحة في عالم الأزياء، فهو أول من ربط الموضة بعالم الموسيقى، وأول من استخدم المشاهير في إعلاناته التسويقية، كما يعود له الفضل في اكتشاف عدد من أهم عارضات الأزياء في عصره مثل نعومي كامبل… تعرفوا معنا على قصة حياته، وقصة مقتله في ظروف غامضة:
من هو جياني فيرساتشي؟
ربما كان الذوق المرهف وحب الموضة والأزياء وراثياً في عائلة فيرساتشي، فقد امتلكت والدة المصمم الإيطالي الشهير مشغلاً صغيراً للخياطة، اكتشف فيه جيوفاني حبه لتصميم الأزياء.
ولد فيرساتشي في مدينة ريجيو كالابريا الإيطالية في العام 1946، وظهر شغفه بالموضة في وقت مبكر؛ إذ تعلم الخياطة منذ أن كان صبياً في مشغل والدته، وعندما شبّ جيوفاني توجّه لدراسة الهندسة المعمارية، وترك تصميم الأزياء فترة من الزمن.
لكنه تبع شغفه الأول ثانية وانتقل إلى مدينة ميلانو في سن الـ26، ليبدأ هناك مسيرته كمصمم أزياء تميز عن أقرانه بشكل واضح، عندما صمم مجموعته الأولى في العام 1972 لصالح العلامة التجارية الإيطالية Genny.
إمبراطورية الأزياء التي أسسها فيرساتشي
ربما كان خيار فيرساتشي بالتخلي عن الهندسة المعمارية والتوجه إلى عالم الأزياء خياراً سليماً تماماً، فقد تمكن المصمم الشاب من تأسيس إمبراطورية كاملة في عالم الأزياء انطلاقاً من متجر بسيط في ميلانو افتتحه في العام 1978.
لم تكن أزياء فيرساتشي تقليدية، فقد اتسمت بطابعها العصري وألوانها الجريئة والأنيقة في الوقت ذاته، وبتميزها عما كانت تنتجه دور الأزياء الأخرى، كما بدا تأثره بالثقافة اليونانية والرومانية جلياً في أزيائه.
ساعد ذلك فيرساتشي في إحداث ضجة كبيرة في عالم الموضة في إيطاليا، وما لبثت هذه الضجة أن أصبحت عالمية.
وقد كان فيرساتشي من أوائل المصممين الذين ربطوا الموضة بعالم الموسيقى، فصمم أزياء لأبرز مشاهير عصره مثل مايكل جاكسون وإلتون جون.
وقد تميز فيرساتشي بكونه واحداً من القلائل الذين يشرفون حرفياً على كل ما يخص علامتهم التجارية، ابتداء بالتصميم، مروراً بالتسويق، وانتهاء بالمبيعات.
ولم يتميز فقط بتصاميمه الفريدة، بل بعقليته التسويقية الفذة، فقد كان فيرساتشي أول من وظف المشاهير في حملاته التسويقية، ودعاهم ليكونوا في الصفوف الأمامية في عروض الأزياء الخاصة به.
يرجع الفضل لفيرساتشي كذلك في رواج استخدام عارضات الأزياء في التسعينات، من خلال اكتشاف عارضات أصبحن أيقونات في عالم الموضة فيما بعد، مثل نعومي كامبل، وكريستي تيرلينجتون، وليندا إيفانجليستا.
توسع شركة فيرساتشي
بسرعة قياسية تزايدت أرباح شركة فيرساتشي، وتوسعت أعمالها في العام 1982 لتشمل المجوهرات والأدوات المنزلية، وتصميم المفروشات الفاخرة، وشملت لاحقاً المكياج والعطور كذلك.
وفي العام 1994، أصبحت شركة فيرساتشي الأولى عالمياً في مجال الموضة بلا منازع، وذلك بعد ارتداء الممثلة البريطانية الفاتنة فستاناً أسوداً أنيقاً من فيرساتشي نال شهرة عالمية، لدرجة أنه أصبح حديث الصحف والمجلات.
قبيل وفاته بلغت قيمة أرباح فيرساتشي 807 ملايين دولار، حصدها من 130 فرعاً لشركته في جميع أنحاء العالم.
شعار فيرساتشي مستمد من الأساطير اليونانية
اختارت شركة فيرساتشي رأس "ميدوسا" شعاراً لها، وميدوسا هي شخصية أسطورية يونانية، كانت يوماً ما فتاة فائقة الجمال تسحر كل من ينظر إليها، إلى أن حلت عليها لعنة أثينا، فتحول شعرها إلى مجموعة من الثعابين، وبات مصير كل من ينظر في عينيها أن يتحول إلى حجر.
وقد اختار فيرساتشي هذا الشعار على أمل أن يكون لعلامته التجارية تأثير ميدوسا، فيقع في غرامها كل من ينظر إليها.
مقتل فيرساتشي
لا يزال مقتل فيرساتشي من القضايا المحيرة التي لم تُعرف أسبابها إلى اليوم.
فقد قتل المصمم الشهير برصاص بندقية على درجات قصره في ميامي، بينما كان عائداً من نزهته الصباحية التي اعتاد أن يقضيها على الشاطئ.
وبالرغم من أن الشرطة استطاعت الوصول للقاتل فإن دوافع القتل بقيت مجهولة، فقد انتحر القاتل المدعو أندرو كونانان بعد 8 أيام من قتله للمصمم الشهير.
يرجح كثيرون أن كونانان كان يعاني من مرض نفسي، إذ كان يدعي معرفته الوثيقة بالعديد من المشاهير، وكان مهووساً تحديداً بالمصمم جيوفاني فيرساتشي، وكان دائماً ما يتفاخر بصداقته والعلاقة الوثيقة التي تربطه به أمام عائلته وأصدقائه، على الرغم من أن الرجلين لم يتقابلا قط وفقاً لعائلة فيرساتشي.
مع ذلك، يعتقد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي أن فيرساتشي وكونانان قد التقيا سابقاً في سان فرانسيسكو، إذ نشرت مورين أورث الصحفية الأمريكية مقالة في عام 2008 في فانيتي فير، تفيد بأن كونانان وفرساتشي قد التقيا لفترة وجيزة في ملهى ليلي في سان فرانسيسكو عام 1990 (بناءً على العديد من مزاعم شهود العيان).
وقد كان الرجلان متورطين في ممارسة الجنس مقابل المال في ميامي وسان فرانسيسكو، لذا من الممكن أن تكون لديهما دائرة معارف مشتركة، لكن طبيعة علاقتهما والأسباب التي دفعت كونانان لارتكاب جريمته لا تزال مجهولة إلى اليوم.
بعد مقتله، تم حرق جثة فيرساتشي، وعاد رماده إلى مزرعة العائلة بالقرب من سيرنوبيو، إيطاليا، ودُفن في قبو العائلة في مقبرة مولتراسيو، بالقرب من بحيرة كومو، وقد أقيم له قداس جنائزي حضره 2000 شخص، من بينهم الأميرة ديانا.