العُزلة يصاحبها الكثير من التجارب الصعبة، ويمكن أن تكون الإصابة بإجهاد العين إحدى هذه التجارب. سواء كنت تعمل من بيتك، جالساً على أريكتك وأنت محنيّ على الكمبيوتر المحمول، أو كنت تقضي وقتاً أطول من المعتاد في تفقد هاتفك والتواصل مع أصدقائك، فمن المحتمل أنك قد عانيت بعض الدوخة، وجفاف العينين، والتوتر، وحتى الصداع.
ومع أن الإصابة بإجهاد العين أمر شائع، فقد ازداد انتشاراً في الآونة الأخيرة، بحسب كاثلين ديجر، رئيسة قسم الصداع والطب العصبي للعيون في مركز جون موران للعيون بجامعة يوتا الأمريكية.
إذ تقول كاثلين، التي تعمل أيضاً رئيسة الجمعية الأمريكية للصداع، في حوار مع مجلة Allure الأمريكية إنها ليست متفاجئة من عدد الأشخاص الذين يشكون زيادة نوبات الصداع في الوقت الحالي، لأنَّ كثيراً منا بات يعمل من المنزل، وصرنا نقضي وقتاً أطول بكثير على أجهزتنا.
لذلك، إذا كنت تعاني مؤخراً أعراضاً غير مريحة للعينين ونوبات صداع بسبب قضاء وقت أطول مما سبق محدقاً في الشاشات، فإليك كل ما تحتاج إلى معرفته:
ما سبب إجهاد العين؟
يمكن أن تسهم قراءة كتاب أو النظر إلى شاشة الكمبيوتر في إصابة العينين بالجفاف، وهو ما تقول كاثلين إنَّه قد يتسبب في إجهاد عينيك، وتشرح قائلة: "عند القراءة أو التحديق لفترة طويلة في جهاز الكمبيوتر، لا ترمش عيناك بالقدر ذاته. عادةً ما ترمش العين مراراً في الدقيقة الواحدة، لكن في بعض الأحيان (أثناء النظر إلى الشاشة) يتباطأ هذا المعدل الطبيعي، ومن ثم تُصاب عيناك بالجفاف".
ووفقاً لجينيفر ستون، وهي أخصائية عيون في ولاية ماريلاند، فعندما يحدث ذلك، يلاحظ بعض الناس شعوراً بعدم الراحة في أعينهم، إلى جانب احمرار الجفنين، وشعور بأن هنالك شيئاً (رمل أو غبار) عالقاً في عينيك. وتقول: "يمكن أن يؤثر ذلك في رؤيتك، لكنَّه بالأساس يتسبب في شعور دائم بعدم الراحة يستمر لفترات طويلة. قد يستمر هذا الشعور 20 دقيقة لدى البعض، لكن بالنسبة لآخرين، يستمر طوال الساعات التي يقضونها محدقين في شاشةٍ ما".
إذا كنت ترتدي نظارة قراءة أو نظارة طبية، أو كنت ترتدي عدساتٍ لاصقة، وتواجه هذه المشكلات، فربما تحتاج أيضاً إلى التيقن من درجة جودتها، لأنه بحسب جينيفر، قد يحدث إجهاد العين عندما تضطر العينان لبذل مجهود أكبر من اللازم نتيجة ارتداء نظارة لا تناسبهما. وتقول: "إذا كنت ترتدي نظارة غير مناسبة لك، ما يعني أنَّ كشف النظر الذي خضعت له لم يكن دقيقاً، فقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بإجهاد العين نتيجة لما تتعرض له من إرهاق ومجهود كبيرين".
وتضيف جينيفر أن الشيخوخة تزيد من فرص الإصابة بإجهاد العين، إذ تقول: "في كثير من الأحيان، حين نتقدم في العمر، وتحديداً في الأربعينيات، يمكن أن تتضرر قدرتنا على التركيز على الأجسام القريبة؛ وحينها تصبح أشياء بسيطة مثل القراءة على الهاتف أو جهاز الكيندل، أي على بعد سنتيمترات قليلة، مهام شاقة".
أيضاً، يعاني بعض الأشخاص من قصور التقارب، وهي حالة مرضية تعوق التناغم بين العينين عند النظر للأجسام القريبة. إذا كنت تقرأ البريد الإلكتروني ولاحظت أن عينيك تواجه صعوبة في الاسترخاء، فقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بإجهاد العين، ويحدث هذا عادة بسبب التعب، أو أمراض معينة، أو بعض الأدوية (بما في ذلك المواد الأفيونية)، أو اضطراب ما بعد الصدمة.
لماذا يسبب إجهادُ العين الصداعَ؟
أحياناً ما يأتي الصداع مصاحباً لإجهاد العين. بالنسبة لبعض الأشخاص، ربما يكون إجهاد العين أحد أعراض متلازمات الصداع مثل صداع الجيوب الأنفية، أو صداع التوتر، أو الصداع النصفي.
قد يسبب إجهاد العين أيضاً صداعاً قائماً بذاته. فبالنسبة للأشخاص الذين يعانون الصداع النصفي، تقول كاثلين إنَّ إجهاد العين أو الجفاف يمكن أن يتسببا في الإصابة بالصداع، وتتابع: "عند الشعور بجفاف أو ألم في عينيك، فإنَّها ترسل إشارة ألم إلى دماغك وأيضاً إلى المنطقة ذاتها من المخ التي تتعامل مع نوبات الصداع النصفي".
يمكن لاستخدام الإلكترونيات أن يزيد الحالة سوءاً، فنظراً لأن الأشخاص الذين يصابون بالصداع النصفي غالباً ما يكونون أكثر حساسية بصرياً، خاصةً للضوء الأزرق، يمكن للأجهزة الإلكترونية أن تسبب لهم مزيداً من الصداع.
تقول جينيفر إنَّ إجهاد العين قد يتسبب أيضاً في الإصابة بالدوخة. لأن النظام البصري يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمهام التي تتطلب معالجة عصبية؛ مثل القراءة، والحفاظ على التوازن، والاتزان. وتضيف: "غالباً ما يصاب الشخص بدوخة عابرة بعدما تمر العين بإجهاد بصري لفترة طويلة، مثلما يحدث عند النظر لأعلى بعد قضاء وقت طويل محدقاً في جسم قريب".
كيف يمكنني علاج إجهاد العين؟
بالنسبة لجفاف العين الناجم عن التحديق في الشاشات، توصي كاثلين باستخدام قطرة الدموع الاصطناعية الخالية من المواد الحافظة التي لا تسبب تقلص الأوعية الدموية في العين، إذ تقول إنَّ بعض الأشخاص حساسون للمواد الحافظة، ما قد يزيد الحالة سوءاً.
أما بالنسبة إلى مشكلات تقارب العينين، تنصح كاثلين بأداء تمارين للعين باستخدام قلمٍ رصاص في المنزل، حيث تمسك بقلم رصاص أمام عينيك مباشرة على طول ذراعك، ثم تتبع حركته بعينيك بينما تقربه ببطء نحو أنفك. وتقول: "يمكنك استخدام قلم رصاص، أو إبهامك، لتحركه من 50 إلى 60 مرة في اليوم من أقرب نقطة لعينيك إلى الأبعد، والعكس، من أجل تصحيح مشكلة التقارب".
إذا كنت تستخدم الأجهزة الإلكترونية لفترات طويلة، يمكنك أيضاً استقطاع أوقات بين الحين والآخر لإراحة عينيك. تقول جينيفر: "جرب أخذ جولة كل 30 أو 45 دقيقة حول مكتبك أو مطبخك لقضاء بعض الوقت بعيداً عن الشاشة".
فيما يجد البعض نظارات الحماية من الضوء الأزرق مفيدة، وتنصح جينيفر بصبغة FL-41، كونها تحجب الضوء الأزرق وتساعد الأشخاص الذين يعانون الصداع النصفي على اجتناب الإصابة به.
لكن أهم شيء يجب فعله هو التحدث إلى طبيب العيون لفحص وصفتك الطبية، أو تحديد ما إن كنت بحاجة إلى طبيب جديد، وإذا كنت تعاني الصداع المستمر، فمن المهم أن تستشير خبير الرعاية الخاص بك لاستبعاد أي حالات مرضية محتملة.