بريطانيا تنتهج “مناعة القطيع” ضد كورونا: اتركوا الشعب يُصاب بالفيروس حتى يبني مناعةً ضدّه

قال السير باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين في بريطانيا، إن فكرة "مناعة القطيع" ستساعد العالم من خطر فيروس كورونا "كوفيد-19".

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/03/15 الساعة 15:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/25 الساعة 20:36 بتوقيت غرينتش
رجل بريطاني في إحدى الساحات الرئيسية للعاصمة لندن (رويترز)

قال السير باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين في بريطانيا، إن فكرة "مناعة القطيع Herd Immunity" ستساعد العالم من خطر فيروس كورونا "كوفيد-19".

وأقرّ فالانس، وفق صحيفة The Telegraph البريطانية، أنّ التضييق على انتشار الفيروس من خلال الحجر الصحي الذي تقوم به معظم دول العالم قد يتسبب بعودة المرض من جديد مستقبلاً.

ويبدو أن الحكومة البريطانية تتبع سياسة "مناعة القطيع Herd Immunity" بالفعل في مواجهة فيروس كورونا، إذ لم تتخذ الكثير من الإجراءات الوقائية التي أُتخذت في الكثير من دول العالم، رغم تسجيل 1,140 إصابة حتى مساء الأحد 15 مارس/آذار 2020 و21 حالة وفاة.

يجب توسيع رقعة الإصابة ليكتسب الناس مناعة ضدها

كبير المستشارين العلميين في بريطانيا السير باتريك فالانس قال إنّ الهدف هو "الحد من الذروة، وتوسيعها، وليس قمعها تماماً"، كما يجب بناء نوع من "مناعة القطيع" لأنّ الغالبية العظمى من الناس يُصابون بمرضٍ خفيف، لذا سيتمتّع عددٌ أكبر من الناس بمناعةٍ ضد هذا المرض وتقل العدوى.

ما هي مناعة القطيع Herd Immunity؟

مناعة القطيع هي الحالة التي تحدث عندما يتم تطعيم جزء كبير من السكان ضد مرض ما، أو أن تصبح لديهم مناعة منه، فإنهم سيوفرون الحماية لبقية السكان الذين لا يتمتعون بالمناعة.

وفي غياب لقاح مُتوفّر لكورونا، ستعتمد مناعة القطيع على إصابة عددٍ كافٍ من السكان بالعدوى لتقليل تأثير المرض.

بمعنى آخر، فإن ترك الناس يصابون بفيروس كورونا سيجعلهم يحصلون على مناعة ضد المرض بعد أن يشفوا، وبهذه الحالة لن يشكل كورونا خطراً على البشرية مجدداً في المستقبل.

ويرى باتريك أنه يجب أن يُصاب قرابة ثلثي سكان بريطانيا بفيروس كورونا حتى تتغلّب مناعة القطيع على المرض مُستقبلاً، وبخلاف ذلك سوف يتحوّل هذا التفشّي إلى وباءٍ سنوي في العالم.

خلق "حلقة ذوي المناعة" من أجل حماية الأكثر ضعفاً

من جانبها، قالت مديرة مركز اللقاحات بيتي كامبمان بجامعة لندن، إنّ الحكومة تبدو وكأنّها تُنفّذ نهجاً من شقين.

الأول وهو الشرنقة، أي عزل كبار السن عن المصابين وترك الناس تصاب بكورونا لزيادة مناعتهم، الأمر الذي سوف يخفض انتشار الفيروس داخل المجتمع في غضون شهور قليلة.

والثاني هو مطالبة الناس بالعزل الذاتي داخل المنزل لسبعة أيام، في حال شعروا بالمرض، وهي وسيلةٌ لإبطاء انتقاله فقط.

لكنّها أضافت قائلةً إنّها تعتقد أنّ الأشخاص الأكثر عرضة لخطر المرض الشديد – مثل الذين يُعانون من ظروف صحية خطيرة مرتبطة – يجب أن يُمارسوا العزل الذاتي".

مناعة القطيع ليست محل اتفاق

بدورها شكّكت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس في نهج المملكة المتحدة، وقالت:

"نحن لا نمتلك المعلومات العلمية الكافية عن هذا الفيروس، إذ لم يقض وقتاً كافياً وسط السكان حتى نتمكّن من تحديد ما يفعله من الناحية المناعية، إذ يعمل كل فيروس بطريقة مُختلفة داخل جسمك، ويُحفّز ملفاً مناعياً مُختلفاً، ويُمكننا الحديث عن النظريات بالطبع، ولكنّنا نُواجه في الوقت الحالي وضعاً يجب أن ننظر خلاله إلى العمل".

كما شكّك أنثوني كاستيلو، أستاذ صحة الطفل الدولية في هذا التكتيك وجادل بأنّه يبدو مُخالفاً للسياسة التي وضعتها منظمة الصحة العالمية التي كان رئيساً لها في السابق.

وعلى Twitter، قال الأستاذ كاستيلو: "ألا تتعارض استراتيجية مناعة القطيع هذه مع سياسة منظمة الصحة العالمية؟ إن فكرة تحوُّل الدول من الاحتواء إلى تخفيف حدة الانتشار هي فكرةٌ خاطئة وخطيرة".

وأضاف أنّ الحكومة كانت تُجادل بأنّ السماح لقطاعٍ من السكان أن يُصاب بالفيروس، ويحصل على مناعة "سيمنع الوصول إلى ذروة التفشّي من جديد خلال عدة أشهر".

وكتب على Twitter:

"هذه ليس استراتيجية. هذا استسلام".

هل ستنجح سياسة مناعة القطيع مع كورونا فعلاً؟

ونشر سلسلةً أخرى من التساؤلات في تغريداته للإعراب عن تشكيكه في السياسة، ومنها:

"هل ستُضعِف الجهود للحد من الوباء مباشرةً، وتُسبّب المزيد من حالات العدوى والوفاة على المدى القريب؟ إذ تُشير الأدلة إلى أنّ الناس يتخلّصون من الفيروس سريعاً، وأنّ الأشخاص الذين لا يُعانون من الأعراض من المحتمل أن يتسبّبوا في انتشارٍ أكبر…"

كما تساءل أيضاً حول ما إذا كان "فيروس كورونا سيُؤدي إلى مناعة قطيع، أم هل يُشبه الإنفلونزا التي تظهر سلالاتٌ جديدة منها سنوياً وتحتاج تكرار اللقاح؟ لا يزال أمامنا الكثير لنتعلّمه حول الاستجابات المناعية لفيروس كورونا".

وتحدّث كذلك عن الحجة التي تضرب المثل بما حدث في الصين، حيث نجحت جهود احتواء الوباء بعد سبعة أسابيع من الجهد الوطني المُكثّف. ومن دون خطة تعبئة وطنية شاملة للتباعد الاجتماعي.

من غير الأخلاقي تبني سياسة تهدد الضحايا الحاليين

وأضاف الأستاذ كاستيلو: "يمكننا أن نُفكّر في أمر مناعة القطيع حين تكون لدينا المزيد من الأدلة لاحقاً؟ إذ تُمثّل اللقاحات الطريقة الأكثر أماناً لتكوين مناعة القطيع، بعيداً عن المخاطر المُرتبطة بالمرض نفسه. فهل من الأخلاقي أن نتبنّى سياسةً تُهدِّد الضحايا الحاليين بناء على مكسب مُستقبلي غير مُؤكّد؟".

من جهته يرى جيريمي روسمان، المُحاضر في علم الفيروسات بجامعة كينت أنه في حال إبطاء انتشار الفيروس مع الاعتماد على مناعة القطيع فقط لحماية الأشخاص الأكثر عرضةً للخطر، فسيكون علينا انتظار إصابة 47 مليون شخص بالعدوى".

ويُعرف المرض الذي يسببه الفيروس بـ"كوفيد-19″، ويمكن أن يتحول هذا المرض إلى حالة مميتة إذا أدّى إلى التهاب رئوي أو فشل في الجهاز التنفسي أو صدمة إنتانية.

بينما ينتقل فيروس "كورونا المستجد" إلى الإنسان عند مخالطة الحيوانات البرية المصابة بالفيروس، كما ينتقل عند التعامل مع فضلات هذه الحيوانات.

وبحسب منظمة الصحة العالمية ينتقل الفيروس أيضاً من شخص مريض إلى آخر من خلال رذاذ الفم الناتج عن سعال المريض أو زفيره، لذلك من المهم أن تبقى على بُعد متر واحد على الأقل من الشخص المصاب.

كما ينتشر من خلال لمس يدي الشخص المصاب أو وجهه، أو عن طريق لمس أشياء مثل مقابض الأبواب التي لمسها الأشخاص المصابون.

أما بالنسبة لأكثر أعراضه شيوعاً فهي الحمى والتعب والسعال الجاف، وتشبه أعراضه عموماً أعراض الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي وتسببها الفيروسات التاجية الأخرى.

وقد يصاب بعض المرضى كذلك بآلام في أنحاء الجسم كافة، أو احتقان الأنف أو سيلانه، أو التهاب الحلق أو الإسهال، وفي معظم الحالات لن تعرف ما إذا كان لديك فيروس كورونا أو فيروس مختلف يسبب اضطراباً في الجهاز التنفسي.

تبدأ هذه الأعراض في العادة بشكل خفيف، ثم تتزايد تدريجياً، وقد يصاب بعض الأشخاص بالعدوى، ولكن لا تظهر عليهم أي أعراض ولا يشعرون بتوعّك.

تحميل المزيد