بعد تفشي فيروس كورونا بدأت المقارنات والتساؤلات عن الفرق بين كورونا والطاعون، الوباء القاتل الذي اجتاح أوروبا في القرن الرابع عشر. لكن ماذا تعرف عن المرض الذي لقب بـ "الموت الأسود"؟
في هذا التقرير نعرض لك كل ما تحتاج معرفته عن وباء الطاعون المُعدي الذي اجتاح أوروبا بين العامين 1347 و1348 وتسبب في وفاة 50 مليون شخص حسب موقع History Extra.
متى تفشى الطاعون؟
وصل الطاعون إلى غرب أوروبا عام 1347، ووصل إلى إنجلترا عام 1348. واختفى في بدايات خمسينات القرن الرابع عشر.
في العصور الوسطى كان الطاعون أسوأ كارثة سُجِّلَت في التاريخ وأطلق عليه بعض العلماء "الفناء الأعظم"؛ نظراً لمعدل الوفيات التي تسبب به للناس والأرواح التي حصدها.
أين نشأ الطاعون وما الأماكن التي أثر فيها؟
تفشي المرض في "الشرق"، كما قال الناس في العصور الوسطى، وأتى إلى الشمال والغرب بعد أن ضرب البحر الأبيض المتوسط وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا.
ثم وصل إلى بريطانيا، حيث ضَرَبَ مقاطعتي دورست وهامبشاير على طول الساحل الجنوبي لإنجلترا بالتزامن، ثم انتشر الطاعون بعد ذلك شمالاً وشرقاً، ثم انتقل إلى إسكندنافيا وروسيا.
كيف انتشر الطاعون؟
يُعتَقَد أن الطاعون انتقل من الحيوانات إلى البشر عبر البراغيث حول الفئران الميتة، ثم خنقت بكتيريا الطاعون الأعضاء الحيوية للمصابين به.
زادت شدة فتك "الموت الأسود" من هجوم 3 أنواع منه: الطاعون الدملي والرئوي، وأحياناً طاعون إنتان الدم.
من الذين أُصيبوا به؟
العجائز والشباب والرجال والنساء: المجتمع بأكمله؛ النبلاء والفلاحين والأساقفة والرهبان والراهبات ورجال الدين في الأبرشية. لم يكن أحد بمأمن من "الموت الأسود".
ضاعت المهارات الحرفية والفنية أو تضرَّرت بشدة، بدايةً من مبنى الكاتدرائية في إيطاليا حتى صناعة الخزف في إنجلترا. وكان من بين الضحايا الإخوة لورنزيتي من سيينا، وماتت عائلة رامزي، عمال العائلة الملكية الإنجليزية.
وكان هناك نقصٌ في عدد الأشخاص الذين يحرثون الأرض ويرعون قطعان الماشية والأغنام.
ماذا كانت أعراض الطاعون؟
تضمَّنت أعراض الطاعون الورم، وكان غالباً ما يُصيب الفخذين والإبطين والرقبة؛ والبقع الداكنة؛ والسعال دماً.
لاحظ مراقبو العصور الوسطى، ونظراؤهم العصريون في القرن التاسع عشر في الصين والقرن العشرين في فيتنام، الذين راقبوا وباءات أحدث، أن سلالاتٍ مختلفة من المرض تسبَّبَت في الوفاة خلال وقتٍ قصير تراوح من 5 أيام إلى نصف يوم.
كم عدد الأشخاص الذين ماتوا به؟
يُعتَقَد أن الطاعون أتى على 50 مليون شخص في أوروبا خلال ثلاثة أو أربعة أعوام. وقد انخفض التعداد السكاني من 80 إلى 30 مليوناً. وقَتَلَ المرض ما لا يقل عن 60% من التعداد السكاني في المناطق الريفية والحضرية.
وأُبيدت بعض المجتمعات مثل Quob في هامبشاير؛ وانهارت العديد من المجتمعات الريفية وهُجِرَت مع الوقت. ونعرف الآن أن بعض المجموعات السكانية نجت، لكن مواطني العصور الوسطى لم يعرفوا ذلك، وكل ما عرفوه هو أن الجميع سيموتون لا محالة.
هل كان الطاعون حدثاً وقع مرة واحد؟
لا. وقعت في الماضي 3 جائحات معروفة أولاً، كانت هناك جائحة عالمية جسيمة في القرن السادس الميلادي.
ثانياً، ابتداءً بالموت الأسود -وهو هجمته الأكثر دموية- عاد الطاعون إلى بريطانيا لاحقاً عام 1361 (عندما أصاب الشباب والعجائز على وجه التحديد)، ثم في عام 1374، وبشكل دوري إلى أن اختفى بعد وقتٍ قصير من طاعون لندن العظيم عام 1665.
ثالثاً، تفشَّى المرض مرة أخرى في آسيا في تسعينيات القرن التاسع عشر، وأسَّس بؤراً جديدة، بحيث كان بالإمكان العثور عليه اليوم في الحيوانات.
ما العلاجات التي استُخدِمَت مع الطاعون؟
اعتقد الناس في العصور الوسطى أن الموت الأسود مرضٌ إلهي، وهكذا استجابوا له بالصلوات والمواكب. وأدرك بعض المعاصرين أن الحل الوحيد للطاعون هو الهرب منه.
ورواية ديكاميرون لبوكاتشيو هي سلسلة من القصص التي تتداولها مجموعة من الشباب اللاجئين من الموت الأسود خارج مدينة فلورنسا الإيطالية.
لم يكن هناك علاجٌ معروف، لكن يمكن للمضادات الحيوية الآن التصدي للطاعون، لكنها مُهدَّدة بتحوُّر الأمراض ومناعتها ضد تأثيرات المضادات الحيوية.
هل سيعود الطاعون؟
الواقع أن المرض لم يختفِ كلياً وقد تسبَّب تفشيه في مدينة سورات الهندية في أوائل تسعينيات القرن العشرين في هلعٍ حول العالم. ولاقى خبر موت راعٍ من قيرغيزستان في عام 2013 بالطاعون الدملي تضخيماً في الإعلام.
في ظل إدراكنا لمرض الطاعون القديم بشكلٍ أفضل الآن، تخضع الأمراض الأخرى المنتشرة بين الحيوانات مثل إنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير للمراقبة الدقيقة اليوم تحسُّباً لتطورها إلى عدوى تنتقل بين الأشخاص، ما سيُسبِّب عدداً كبيراً من الوفيات مثلما كان مع الموت الأسود.