قد يكون التأمل وسيلة فعالة للتعامل مع الصداع النصفي. مع مواءمتها بشكل متكرر مع تمرينات اليقظة الذهنية واليوغا وتقنيات أخرى تربط بين العقل والجسد توصف بأنها عناصر فاعلة قوية في التحكم بالألم، هناك مجموعة من الأبحاث التي تظهر أن ممارسة التأمل لعلاج الصداع النصفي قد تساعد في منع بعض محفزات محددة للصداع النصفي، بل وحتى إحداث تغييرات جسدية مفيدة في الدماغ.
إن لم تكن قد مارست التأمل مطلقاً من قبل، فقد تجد فكرة الجلوس صامتاً لفترة طويلة من الوقت صعبة، وقد يكون من العسير في البداية أن تتعلم إيقاف أفكارك وأن تكون حاضراً في لحظة تأمل ساكنة. ولكن هناك العديد من تقنيات التأمل المختلفة، لذلك قد تجد أن هناك تقنية واحدة على الأقل يمكنك إتقانها بل والاستمتاع بها، خاصةً إذا كانت تساعدك على التعامل مع آلام الصداع النصفي.
كيف يساعدك التأمل لعلاج الصداع النصفي؟
تظهر الدراسات أن ممارسة التأمل المنتظمة قد تكون فعالة في التعامل مع الصداع النصفي بعدة طرق.
التحكم في الإجهاد
من المعروف أن التوتر والإجهاد والقلق هي محفزات شائعة للصداع النصفي. وفقاً لمؤسسة الصداع النصفي الأمريكية، قد يساعد التأمل في التخفيف من هذه العوامل عن طريق تثبيط جزء من الجهاز العصبي المسؤول عنها وقد وجدت الأبحاث أن التأمل يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على معدل التغيّر في ضربات القلب، والذي يميل إلى أن يتأثر بالإجهاد.
التأمل لنمو الدماغ
وجِد أن الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي يكون لديهم كمية أقل من المادة الرمادية في مناطق معينة من الدماغ من أولئك الذين لا يعانون منه، الأمر الذي قد يكون نتيجة للصداع النصفي المتكرر. وكانت المناطق الأكثر تضرراً في الدماغ من تداعيات الصداع النصفي المتكرر هذه، هي تلك المسؤولة عن العاطفة، والإدراك، والذاكرة، واتخاذ القرار، وأيضاً الوظائف التنفيذية مثل التنظيم الذاتي، والذاكرة العاملة، وحل المشكلات.
وجدت عدة دراسات أن التأمل يمكنه زيادة حجم المادة الرمادية في أجزاء معينة من الدماغ. على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2010 أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل بطريقة "زن" يملكون مادة رمادية أكثر سماكة وكانوا أقل حساسية للألم. والأكثر من ذلك، أنه كلما طالت مدة التأمل، زادت كمية المادة الرمادية في دماغ الشخص الممارس للتأمل.
تحسين وموازنة مستويات الناقلات العصبية
يُعتبَر الاختلال الكيميائي في المخ وانخفاض جودة النوم من العوامل الرئيسية المُتسببة في الإصابة بالصداع النصفي بالنسبة لكثير من الأشخاص. من ثم، وجِد أن التأمل له آثار إيجابية على بعض الناقلات العصبية المهمة.
بالتحديد، وجدت بعض الدراسات أن التأمل يمكن أن يزيد من إفراز الدوبامين (المشارك في تنظيم الانتباه ونظام المكافأة)، والميلاتونين (منظم النوم واليقظة في الجسم)، والسيروتونين (الذي يشارك في التأثير على الحالة المزاجية من بين وظائف أخرى). ويمكن للتأمل أيضاً أن يقلل من المواد الكيميائية المسؤولة عن استجابة "الكر أو الفر"، والكورتيزول، والنورأدرينالين.
تخفيف الألم وعلاج الصداع النصفي
لطالما ركز العلماء على دراسة التأمل بصفة خاصة لتحديد آثاره على آلام الصداع النصفي. وفي دراسة واحدة صغيرة ولكنها مهمة ومن المحتمل أن تكون نقطة انطلاق لإجراء مزيد من البحوث، شارك 10 أشخاص يعانون من نوبات الصداع النصفي (أقل من 15 نوبة في الشهر) في ممارسة برنامج تأمل قياسي مدته 8 أسابيع يعرف باسم الحد من الإجهاد القائم على الوعي (MBSR). وقُورنوا بمجموعة من تسعة أشخاص استمروا في اتباع طرقهم المعتادة للتعامل مع نوبات الصداع النصفي.
أفاد الباحثون بأن الأشخاص الذين مارسوا برنامج الحد من الإجهاد القائم على الوعي انتابتهم حالات صداع أقل بكثير، وشهدوا أيضاً تغيرات إيجابية في "حدة الصداع، ومدته، والفعالية الذاتية، والإجهاد المحسوس، والعجز المرتبط بالصداع النصفي/تأثير الصداع النصفي، والقلق، والاكتئاب، واليقظة الذهنية، ونوعية الحياة".
كيفية البدء
تنقسم أنواع التأمل الكثيرة تقريباً إلى نوعين رئيسيين: التأمل التركيزي وهو يعمل على عزل الأفكار عن الدماغ، والتأمل اليقظ الذي يكون من خلال الانتباه إلى كل ما يجري في اللحظة الحالية وملاحظة أي أفكار تطرأ لذهنك ثم صرفها بعيدا..
لم يختص الباحثون بشكل محدد من التأمل باعتباره الأفضل لآلام الصداع النصفي، ولكن التأمل اليقظ هو النوع المُستخدَم كثيراً في الدراسات. إذ من السهل تعلمه، إضافة إلى أن ممارسته لبضع دقائق فقط في اليوم يمكن أن تكون مفيدة.
إليك طريقة البدء:
1. ابحث عن مكان هادئ لن يزعجك فيه أحد أو يشتت انتباهك. هذا هو السر خاصة للمبتدئين. إذ يمكن للمتأملين في المراحل المتقدمة ممارسة التأمل في أي مكان
2. هيّئ وضعية جلوسك. يمكنك الجلوس في وضعية القرفصاء على وسادة أو حتى أن تميل مستنداً إلى الحائط قليلاً. من الجيد أيضاً الجلوس بشكل مستقيم على كرسي مع فرد كلا القدمين بشكل مستو على الأرض. ما يهم هو أن تكون مرتاحاً ولكن ليس مسترخياً لدرجة أنك قد تغفو.
3. أرح يديك على فخذيك وأغلق عينيك.
4. ركز انتباهك على تنفسك، لكن لا تحاول التنفس بطريقة معينة. لاحظ فقط كيف يدخل الهواء ويخرج. ولا تقلق إذا تغير تنفسك.
5. عندما تراودك الأفكار بطريقة عشوائية (وسوف تظهر كثيراً)، لاحظها واتركها تمضي عن بالك، فقط لتحرص على إعادة التركيز على تنفسك.