رغم أن أعراض مرض التهاب الدماغ تشابه أعراض الأنفلونزا، مثل الحمى أو الصداع، فإنه يُعدّ من الأمراض الخطيرة التي يمكن أن تُسبب تشوش التفكير، أو حدوث نوبات، أو مشاكل في الحواس أو الحركة وصولاً إلى الغيبوبة والموت.
التهاب الدماغ مرض نادر لكنه خطير ويهدد الحياة، لذلك يكون العلاج والتشخيص في الوقت المناسب أمرَين في غاية الأهمية؛ لأنه يصعب التنبؤ بالكيفية التي سيؤثر بها التهاب الدماغ في كل شخص.
نتعرف في هذا التقرير على مرض التهاب الدماغ.
ما هو التهاب الدماغ؟
هو التهاب في أنسجة المخ، والسبب الأكثر شيوعاً لهذا هو الالتهابات الفيروسية، وفي حالات نادرة يمكن أن يحدث هذا الالتهاب بسبب البكتيريا أو حتى الفطريات.
هناك نوعان رئيسيان من التهاب الدماغ:
1- التهاب الدماغ الأوَّلي: تحدث هذه الحالة عندما يصيب فيروس أو أي عامل آخر، الدماغ مباشرةً. يمكن أن تتركز العدوى في منطقة واحدة أو تنتشر، قد تكون العدوى الأولية إعادة تنشيط الفيروس الذي كان غير نشط بعد مرض سابق.
2- التهاب الدماغ الثانوي: تحدث هذه الحالة نتيجة لردّ فعل خاطئ من جهاز المناعة لعدوى في أماكن أخرى من الجسم، فبدلاً من مهاجمة الخلايا التي تسبب العدوى فقط، فإن الجهاز المناعي يهاجم أيضاً الخلايا السليمة في الدماغ.
يحدث التهاب الدماغ الثانوي، الذي يُعرف أيضاً باسم التهاب الدماغ التالي للعدوى، عادةً بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الإصابة الأولية.
أعراض التهاب الدماغ
يمكن أن تتراوح أعراض التهاب الدماغ بين خفيفة وشديدة.
تشمل الأعراض الخفيفة:
الحمى، صداع الرأس، القيء، الرقبة الصلبة، آلام في العضلات والمفاصل، الخمول ونفاد الطاقة وعدم القدرة على بذل أي جهد.
أما الأعراض الحادة فتشمل:
حمى تصل إلى 103 فهرنهايت (39.4 درجة مئوية) أو أعلى، ارتباك، نعاس، هلوسة، بطء في الحركة، غيبوبة، حدوث نوبات، التهيج، حساسية للضوء، فقدان الإحساس أو شلل بعض مناطق الوجه أو الجسم، مشكلات في الكلام أو السمع، ضعف العضلات، فقدان الوعي.
الرُّضع والأطفال الصغار تظهر عليهم أعراض مختلفة، مثل:
القيء، انتفاخ اليافوخ/ وجود بقعة ناعمة في فروة الرأس، سوء التغذية أو عدم الاستيقاظ من أجل الطعام، البكاء المستمر، تصلُّب الجسم، ضعف الشهية.
ما الذي يُسبب التهاب الدماغ؟
يمكن أن تسبب عديد من الفيروسات المختلفة التهاب الدماغ، وتشمل هذه الفيروسات:
1- فيروس الهربس البسيط (HSV):
– فيروس الهربس البسيط من النوع الأول، المرتبط بالإصابة بالقروح الباردة أو بثور
الحمى التي تظهر حول الفم.
– وفيروس الهربس البسيط من النوع الثاني، المرتبط بالهربس التناسلي.
التهاب الدماغ الناجم عن فيروس الهربس البسيط من النوع الأول نادر، لكنه قد يؤدي إلى تلف شديد في الدماغ أو الوفاة.
2- فيروسات الهربس الأخرى: تشمل فيروس أبشتاين بار، الذي عادةً ما يسبب ارتفاع عدد كرات الدم البيضاء المعدية، والفيروس النطاقي الحماقي، الذي عادة ما يسبب الجديري المائي والهربس النطاقي.
3- الفيروسات المعوية: تشمل هذه الفيروسات فيروس شلل الأطفال والفيروسات الكوكساكية، التي عادة ما تسبب الإصابة بأعراض تشبه أعراض الأنفلونزا والتهاب العين وألم البطن.
4- الفيروسات المنقولة
بالبعوض: يمكن أن تسبب هذه الفيروسات عدوى مثل فيروس غرب النيل، والتهاب الدماغ
لاكروس، والتهاب الدماغ سانت لويس، والتهاب الدماغ الخيلي الغربي والخيلي الشرقي.
قد تظهر أعراض العدوى في غضون بضعة أيام إلى أسبوعين، بعد التعرض للفيروسات
المنقولة بالبعوض.
5- فيروس داء الكلب: تتسبب العدوى بفيروس داء الكلب، والتي عادةً ما تنتقل عن طريق عضة حيوان مصاب، في حدوث تقدم سريع لالتهاب الدماغ بمجرد بدء ظهور الأعراض.
6- عدوى الأطفال: من المعروف أن عدوى الأطفال الشائعة، مثل الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، تُعدّ من الأسباب الشائعة إلى حد ما للإصابة بالتهاب الدماغ الثانوي، هذه الأسباب قد تكون نادرة الحدوث حالياً في بعض البلدان، بسبب توافر التطعيمات لهذه الأمراض.
الأشخاص المعرَّضون أكثر لخطر التهاب الدماغ
المجموعات الأكثر عرضة هي:
كبار السن، الأطفال دون عمر العام، الأشخاص الذين يعانون ضعف الجهاز المناعي.
يرتفع خطر الإصابة التهاب الدماغ بين سكان المناطق التي ينتشر فيها البعوض أو القراد، وتحديداً في فصلي الصيف والخريف.
المضاعفات المرتبطة بالتهاب الدماغ
معظم المصابين الحاد سيواجهون مضاعفات، يمكن أن تشمل ما يلي:
فقدان الذاكرة، التغيرات السلوكية، الصرع، الإعياء، الضعف البدني، الإعاقة الذهنية، عدم وجود تنسيق العضلات، مشاكل بالرؤية، مشاكل في السمع، اضطرابات التحدث، غيبوبة، صعوبة في التنفس، وصولاً إلى الموت.
كيف يتم تشخيص التهاب الدماغ؟
يقوم الطبيب بالاختبارات التالية في حالة الاشتباه بالتهاب الدماغ:
– تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي بحثاً عن أي تورم في الدماغ، أو أي إصابة أخرى قد تسبب الأعراض كالورم.
– البزل الشوكي/البزل القطني: ويتم هذا عن طريق إبرة يتم إدخالها إلى الجزء السفلي من الظهر؛ لجمع عينة من السائل الدماغي الشوكي.
– اختبارات معملية أخرى: مثل فحص عينات من الدم أو البول أو الإفرازات من خلف الحلق، بحثاً عن الفيروسات أو غيرها من العوامل المُعدية.
– مخطط كهربي للدماغ (EEG): لا يكشف EEG عن الفيروس الذي يسبب التهاب الدماغ، لكن يمكن أن يؤدي التهاب الدماغ إلى نوبات غيبوبة في مراحل لاحقة، هذا هو السبب في أن تخطيط كهرباء الدماغ أمر مهم في تحديد مناطق الدماغ المصابة وأنواع موجات الدماغ التي تحدث في كل منطقة.
كيف يتم علاج التهاب الدماغ؟
تساعد الأدوية المضادة للفيروسات في علاج التهاب الدماغ "الهربس"، ومع ذلك، فهي ليست فعالة في علاج أشكال أخرى من التهاب الدماغ، بدلاً من ذلك، يُركز العلاج غالباً على تخفيف الأعراض، وعادة ما يتكون علاج التهاب الدماغ المعتدل من:
الراحة في الفراش، تناول كثير من السوائل، الأدوية المضادة للالتهابات.
قد تحتاج المستشفى في أثناء العلاج، خاصةً مع تورم المخ ونوبات الصرع، وقد يحتاج الأشخاص المحجوزون في المستشفى بسبب الإصابة بالتهاب الدماغ الحاد، ما يلي:
1- الأجهزة المساعِدة في التنفس، بالإضافة إلى المتابعة الدقيقة لوظائف القلب والتنفس.
2- السوائل الوريدية؛ لضمان الحصول على الترطيب المناسب والمستويات المناسبة للمعادن الأساسية.
3- العقاقير المضادة للالتهابات، لتقليل التورم والضغط في الجمجمة.
4- الأدوية المضادة للتشنجات، لإيقاف النوبات أو الوقاية منها.
هل يمكن الوقاية من التهاب الدماغ؟
لا يمكن الوقاية من التهاب الدماغ دائماً، لكن يمكن تقليل مخاطر الإصابة من خلال التطعيم ضد الفيروسات التي يمكن أن تسبب التهاب الدماغ.
في المناطق التي يكون فيها البعوض والقراد شائعين، يجب استخدام المواد الطاردة للبعوض، وارتداء الأكمام الطويلة والسراويل.
إذا كنت مسافراً إلى منطقة معروفة بالفيروسات التي تسبب التهاب الدماغ، فتحقَّق من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)؛ للحصول على توصيات بشأن التطعيم.
ويجب الحرص دوماً على النظافة عن طريق غسل اليدين بشكل متكرر وبعناية بالماء والصابون، خاصة بعد استخدام المرحاض وقبل الوجبات وبعدها، وكذلك الحرص على عدم التشارك مع آخرين في استخدام أدوات المائدة وتناوُل المشروبات.