كثيراً ما نسمع من المقربين أو خبراء الموضة أن ارتداء الملابس السوداءد يجعلك تبدو أكثر نحافة. إنها فهي نصيحة أزياء شهيرة، ولكن هل تساءلت يوماً عن أسبابها؟ ولماذا تبدو أكثر رشاقة في بنطلون أسود أكثر مما تبدو عليه بآخر لونه أبيض.
لكي نفهم الأمر بصورة أكبر علينا أن نبدأ أولاً بسرد ما لاحظه عالم الفلك الإيطالي جاليليو جاليلي.
لماذا نبدو أنحف في الملابس السوداء
ملاحظات العالم جاليليو
عندما كان عالم الفلك الإيطالي جاليليو يدون ملاحظاته حول الكواكب، لاحظ شيئاً غريباً. وهو أن كوكب الزهرة المعروف بإشراقه ولمعانه ظهر أكبر من كوكب المشتري، ولكن عندما نظر إليه من خلال التلسكوب كان كوكب المشتري أكبر بوضوح.
اعتقد غاليليو أن عدسة العين البشرية تسببت في هذا الوهم المزعوم، وقال إنه يجب أن يكون السبب في ذلك هو "أن الضوء ينكسر في الرطوبة التي تغطي بؤبؤ العين، أو لأنه ينعكس من حواف الجفون وتنتشر هذه الأشعة المنعكسة على بؤبؤ العين، أو لسبب آخر".
تأثير اللون الأسود..وهم التشعيع
في عام 1867، اكتشف العالم الألماني هيرمان فون هيلمهولتز أن مربعاً أبيض على خلفية سوداء يبدو أكبر من مربع أسود في خلفية بيضاء، على الرغم من أن كل مربع متطابق بالحجم مع الآخر.
وقد أطلق هيلمهولتز على هذه الظاهرة مسمّى "وهم التشعيع irradiation illusion" في كتيّب "البصريات الفسيولوجية Physiological Optics". في هذا الكُتيّب، قام هيلمهولتز بتضمين العديد من الأوهام المرئية التي تُوضّح كيف يُمكن أن تجعلك الملابس الداكنة جداً تبدو أكثر نحافة.
الدماغ البشري يبحث عن الضوء في الظلام
في عام 2014 استخدم الباحثون في كلية البصريات بجامعة ولاية نيويورك الأقطاب الكهربائية لتسجيل الإشارات الكهربية من الخلايا العصبية في مناطق مرئية للقطط والقرود والدماغ البشري.
نظر المشاركون من مختلف الفئات إلى أشكال فاتحة على خلفيات داكنة، وأشكال داكنة على خلفيات فاتحة، تماماً كما هو الحال في نظرية "وهم التشعيع"، إلى جانب أشكال فاتحة وداكنة على خلفيات رمادية.
وأظهرت مجسمات القطب الكهربائي أن النظام البصري يعمل عبر قناتين رئيسيتين: الخلايا العصبية الحساسة للأشياء الضوئية تسمى الخلايا "ON" ، في حين تسمى الخلايا العصبية الحساسة للأشياء المظلمة الخلايا العصبية "OFF". سجل الباحثون من كلا النوعين من الخلايا العصبية في التجارب.
الأجسام المضيئة على خلفية مظلمة
وجد العلماء أن الخلايا العصبية OFF استجابت بطريقة خطية يمكن التنبؤ بها للأشكال المظلمة على الخلفيات الفاتحة، ما يعني أنه كلما زاد التباين بين كائن مظلم والضوء كانت تلك الخلايا العصبية أكثر نشاطاً.
لكن الخلايا العصبية ON استجابت بشكل أكبر لأشكال الضوء على الخلفيات المظلمة، وهذا يعني لنفس مقدار التباين لديهم استجابة أكبر.
في ظلام الليل، تريد أن تكون قادراً على التقاط كل جزء من الضوء الذي يُمكنك الحصول عليه، لذلك يُبالغ النظام البصري في رصد الأجسام المضيئة على خلفية مظلمة فتبدو أكبر حجماً.
يوفر هذا التفسير إجابة عن لغز جاليليو. يبدو كوكب الزهرة أكبر حجماً من المشتري لأنه أكثر لمعاناً، في حين فإن المشتري هو الأكبر.
تميل الخلايا العصبية لدينا إلى المبالغة في حجم المنبهات الضوئية، مع رؤية المنبهات المظلمة لما هي عليه.
يوضح الدكتور خوسيه مانويل ألونسو، عالم الأعصاب في كلية البصريات بجامعة ولاية نيويورك وزعيم الدراسة، أن هذا الأمر له فائدة كبيرة للإنسان، لأنه عندما تكون في مكان مظلم للغاية، فإنه يتيح لك رؤية كميات صغيرة من الضوء سيكون هذا مفيداً، على سبيل المثال، لتنبيهك إلى الحيوانات المفترسة في الليل.
فكر في مدى صعوبة الأمر إذا كان هذا مكتوباً بخط أبيض على شاشة سوداء بدلاً من خط الأسود على شاشة بيضاء!