يعاني الجميع في وقت ما من الانقباضات العضلية متراوحة الشدة، فتمنعنا من ممارسة حياتنا بصورة طبيعية. حينها علينا بالتأكيد استخدام المسكن الموضعي أو وضع كمادات دافئة على الجزء المصاب، وربما لم نتمكن من تحريك هذا الجزء لبعض الوقت.
في بعض الأحيان، مع قليل من الراحة، قد تتعافى انقباضات العضلات تلقائياً وتختفي ببساطة، ولكن في حالات أخرى قد لا تُشفى كلياً وتتكرر بمرور الوقت، بل والأسوأ من ذلك أنها قد تصبح مزمنة.
والانقباض هو زيادة في توتر العضلات تسبب تقلصها لفترة طويلة. نتيجة لذلك، يمكن أن نشعر بألم وانتفاخ أو تورم في هذا الجزء، بالإضافة إلى خلل في الأداء الطبيعي للعضلات. أي أن العضلات لا تستجيب لنا كما ينبغي ولا تسمح لنا بالقيام بالحركات الطبيعية المعتادة.
ولتجنب حدوث ذلك، تعُد الوقاية أمراً ضرورياً.
ولكن كيف يمكننا الوقاية؟ ولماذا تحدث هذه الانقباضات؟ وما الذي نفعله بشكل خاطئ يجعلها لا تزول وتستمر لفترة أطول؟ وكيف يجب أن نتصرف؟
ما هي العادات المتعلّقة بوضعية الجسم التي يجب اتباعها يومياً؟
للإجابة على هذه الأسئلة، استشار موقع El Español دييغو غارسيا جيرمان، أخصائي الجراحة التنظيرية في مستشفى HM Torrelodones الجامعي بمدريد، وأخصائي الرضوض في الاتحاد الملكي للرياضات الشتوية الإسبانية (RFEDI).
يقول الخبير: "يمكن أن نقول إن الجميع سيصابون بنوبة من الانقباض العضلي في مرحلة ما من حياتهم؛ 35-40 ٪ من الأشخاص سوف يذهبون للطبيب في وقت ما بسبب آلام العنق و15٪ قد يعانون ألماً مزمناً".
عادة ما تحدث تقلصات العضلات لعدة أسباب وهناك نقطة واحدة مشتركة؛ الحركات والوضعيات الخاطئة وعدم ممارسة الرياضة.
أسباب الانقباضات العضلية
كما يوضح غارسيا جيرمان أنه في حالة المرضى الشباب والرياضيين، يمكن أن تحدث الانقباضات نتيجة لمجهود رياضي مكثف، وخاصة في أوتار الركبة أو العضلة الرباعية أو الظهر.
في حالة الأشخاص الذين يبذلون مجهوداً أقل، يمكن أن تكون الانقباضات نتيجة للوضعيات الخاطئة التي يستمرون عليها لفترات طويلة، مثل وضعيات الجلوس خلال ساعات العمل الطويلة.
وأخيراً، في حالة الأطفال والمراهقين يمكن أن يكون للعادات الصحية المتعلقة بوضعية الجسم دور مهم.
على سبيل المثال، يقضي الصغار وقتاً طويلاً في اللعب بالأجهزة الإلكترونية، ومن المهم في هذه الحالة الاهتمام بوضعية الجسم؛ وذلك بعدم البقاء طويلاً في نفس الوضعية، والحركة، وقبل كل شيء، ممارسة النشاط البدني.
باختصار، يقول الطبيب: "تحدث انقباضات العضلات عندما لا نكون مستعدين للنشاط العضلي المكثف وعندما نرهقها بصورة مفرطة".
تحدث الانقباضات لثلاثة أسباب رئيسية: بعد بذل مجهود كبير في وقت قصير أو مجهود أقل لوقت طويل، وعدم شرب المياه والسوائل الكافية واضطرابات التغذية، بالإضافة إلى التوتر.
ويضيف الخبير: "هناك علاقة مباشرة بين الانقباضات والتوتر، سواء في العمل أو لأي سبب آخر".
ما العمل عند حدوثها؟
عند حدوث هذه الانقباضات، ينبغي أن نتصرف على النحو التالي:
- تناول الأدوية المضادة للالتهابات مثل الإيبوبروفين
- وضع كمادة دافئة على المنطقة المصابة
- تدليكها وأداء تمارين التمدد
ولكن، ينصح الخبير بأنه: "في حالة استمرار الانقباضات لمدة أسبوع أو 10 أيام، ينبغي استشارة الطبيب".
من المهم أيضاً أن تذهب إلى الطبيب في حالات مثل تلك التي ذكرها الخبير: عند استمرار ظهور الأعراض، أو ظهور الانقباضات في بعض الأماكن المحددة، كما في حالة عضلة الساق، والتي يمكن الخلط بينها وبين حالات مرضية أخطر مثل الخثار (تشكّل جلطة دموية).
كذلك يجب أن نزور الطبيب في حالة تقلصات العنق المرتبطة بخلل عصبي في الأطراف العليا (مثل وخز أو تنميل في اليدين)، وعندما تكون هذه الانقباضات مصحوبة بحمى أو أنواع أخرى من الخلل، وكذلك في حالة من لديهم تاريخ من الأمراض الخطيرة، وأخيراً، في حالة وجود صعوبة في البلع أو تضخّم في العقد اللمفاوية في الرقبة.
كيفية تجنب انقباضات العضلات
اللياقة البدنية ليست كافية لتجنب هذه الانقباضات. وهناك أربع عادات أو سلوكيات وقائية على الأقل علينا أخذها في الحسبان، وكلها متعلقة بأسلوب حياتنا.
أولاً: علينا أن نعلم أن تبني عادات جيدة فيما يتعلق بوضعية الجسم هو أمر في غاية الأهمية. كذلك يجب ألا نفعل حركات مفاجئة وأن تكون وضعية الظهر صحيحة.
للجلوس في وضعية صحيحة، من المهم أن يكون ظهرك مستقيماً، مستنداً إلى ظهر الكرسي وأن تكون ركبتيك محاذية تقريباً لارتفاع الفخذ. من المهم أيضاً أن يكون الكتفان مسترخيين (غير مشدودين).
كذلك يُستحسن ألا تظل على نفس الوضعية لفترة طويلة. لذا، يوصي غارسيا جيرمان: "في حالة العمل المستقر، علينا تغيير وضعية جلوسنا باستمرار".
ثانياً: ممارسة الرياضة أمر ضروري. قد يعاني الأشخاص الذين يعيشون نمط حياة مستقر، كما رأينا في الفقرات السابقة، من انقباضات بسبب "الوضعيات الخاطئة لوقت طويل". لذا، فإن النشاط البدني ضروري للحفاظ على قوة عضلاتنا، ومن ثمّ، الحفاظ على صحة جيدة بشكل عام.
وتوصي منظمة الصحة العالمية للبالغين بـ150 دقيقة من النشاط المعتدل في الأسبوع أو 75 دقيقة من التمرينات الرياضية المكثفة.
من المستحسن أيضاً عمل أشياء بسيطة تزيد من نشاطنا البدني وبالتالي تقلل من التأثير الضار لحياتنا المستقرة، مثل المشي إلى العمل أو صعود الدرج بدلاً من استخدام المصعد، إلخ.
وماذا عن الأطفال؟
في حالة الأطفال، توصي منظمة الصحة العالمية بما لا يقل عن 60 دقيقة يومياً من النشاط البدني للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً.
في سبتمبر/أيلول الماضي، قدّمت الجمعية الإسبانية لطب الأطفال (AEP) تقريراً عن المشي إلى المدرسة جمعت فيها الأدلة العلمية حول فوائد هذا النشاط.
وفقاً لهذا التقرير، يمثل المشي ذهاباً وعودة من المدرسة حوالي 65٪ من النشاط البدني اليومي الذي يجب على الأطفال أداءه. كما أن "المشي لمدة 20 دقيقة يومياً يزيد من مقاومة العمود الفقري بنسبة 11٪، ومرونته بنسبة 8٪ وتوازنه بنسبة 69٪".
في حالة ممارسة رياضة أو نشاط بدني أكثر كثافة يوصي غارسيا جيرمان بأنه: "من المهم أن يكون هناك إحماء كاف قبل ممارسة الرياضة وأداء تمارين التمدد بعدها، وشرب الماء بانتظام".
النصيحة الوقائية التالية هي تجنب التوتر والتحكم به. لهذا، على سبيل المثال، سيكون من المهم معرفة طرق جيدة للاسترخاء، وأداء أنشطة مفيدة قادرة على القضاء على هذا التوتر أو على الأقل الحد منه، وقبل كل شيء، من المهم أن نحاول التوصل لحل قبل أن يصبح التوتر مزمناً أو يخرج عن السيطرة.
وأخيراً، ينبغي شرب سوائل كافية واتباع نظام غذائي متنوع ومتوازن، مثل حمية البحر المتوسط.