أعترف أنني تأخرت في كتابة هذه السطور كثيراً لسرد تجربتي مع نظام الكيتو، لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي. فإليكم قصتي مع الكيتو.
انتظمت في نظام الكيتو مرتين، كل واحدة امتدت لشهر وعدة أيام. وكان بينهما فترة تسمى الـ"ريفيد" أي الانقطاع عن الكيتو، واستمرت قرابة الثلاثة أسابيع أو أقل.
بدأت
القصة عندما شجعني الكثير من الأصدقاء والمعارف على الانتظام في نظام الكيتو، خاصة
وأن تجاربهم في فقدان الوزن مع الكيتو كانت أكثر من مذهلة. ومع المنشورات
"العنيفة" على كروب نظام الكيتو المشهور، الذي لا أود ذكر اسمه، والتي
تشعرك أن هذا النظام هو أفضل شيء في الحياة.
ولأنني إنسانة تحب دراسة ما هي مقدمة عليه قبل
البدء في تطبيقه شاهدت عدة أفلام وثائقية وفيديوهات وقرأت عدة كتب عن نظام الكيتو
حتى اقتنعت بالفعل أن النظام جيد جداً وأنه يحارب الأمراض والسمنة، وبدأت أحلم
بحياة كلها صحة ورشاقة وحيوية رفقة الكيتو.
بعد ثلاثة أسابيع من الالتزام التام
بدأت أفقد شهيتي تماماً، فكتبت سائلة على كروب الكيتو الشهير عن الأمر فما كانت
إجابات أعضاء الكروب سوى "الله عليكي" و"عادي" أو "نحن
نستغل فترة فقدان الشهية لننتظم في صيام البيض أو صيام المياه" إلى آخر تلك
الخزعبلات والترهات.
باختصار،
كان ملخص الأجوبة هو أن فقداني لشهيتي أمر عادي بل إيجابي من أجل فقدان الوزن وأن
الكيتو بدأ يؤتي ثماره.
وبالفعل كنت قد فقدت سبعة كيلو غرامات في وقت
قياسي!
لكن في أحد الأيام استيقظت من نومي وبينما أنا في طريقي إلى دورة المياه، وقعت أرضاً، وكنت أرى كل شيء حولي بوضوح لكنني لم أكن قادرة على الحركة بينما أفكر هل هذه سكرات الموت أم ما الذي يحدث لي؟
أخذت قطعة كيك ودفست نصفها في فمي دفعة واحدة ولا أعلم ما حدث بعد ذلك. أفقت مرة أخرى لأجد نفسي مستلقية على الأريكة وباقي قطعة الكيك في يدي. يبدو أنني كنت بدأت فقدان الوعي مرة أخرى فاتجهت إلى الأريكة وأغمي عليّ مرة أخرى بالفعل.. لا أعلم.
وإن ساوركم الشك أو الفضول أعذروني عن الإجابة عن كنه هذه الجزئية، لأنني لا أتذكر فعلاً ما حدث بعدما قضمت نصف قطعة الكعك.
بعدما استفقت، أخذت هاتفي وطلبت أكلاً من أحد المطاعم، كان ما طلبته من محاذير نظام الكيتو. إذ كان الأكل مكوناً من نشويات ودهون مشبعة. وهي مكونات ممنوعة تماماً في نظام الكيتو أو بعد الانقطاع عنه بفترة صغيرة تحت حجة أن ذلك سيعرض الجسد لصدمة. لكنني كنت في لحظة انهيار وغير قادرة على الحركة أو الطبخ، وكان الغريب أن جسمي لم يصدم إطلاقاً، بل أكلت وشحنت طاقتي مرة أخرى وأصبحت على ما يرام.
في اليوم التالي عدت إلى نظامي الغذائي المتوازن المكوّن من حصص متوازنة تلبي احتياجات الجسد بما في ذلك النشويات، كما أنه خال من الدهون غير الصحية، أي نمط حياة صحي كما هو متعارف عليه. لكن المشكلة هي أنني كنت قد بدأت في اكتساب الوزن بشكل غير مسبوق وسريع.
اكتسبت السبعة كيلو غرامات المفقودة خلال عدة أيام رغم أنني لم أتجاوز معدل سعراتي الحرارية اليومية ولم آكل بشكل شره أو مبالغ فيه.
نظام الكيتو كان سيقتلني مرة ودمر لي نظام الحرق في جسمي مرة. وإن كنت أنا محظوظة بعض الشيء ولم أمت، فإن الكيتو أدى إلى وفيات بالفعل وازدادت الشكاوي والاعتراضات عليه، كما بدأت تنتشر وتتضاعف المنشورات المحذرة.
ما ينفع مع غيرك قد لا ينفعك، وما تبهرك به الدراسات العلمية الآن وتسوقه باعتباره أفضل اختراع في تاريخ البشرية قد تأتي دراسة أخرى بعد سنتين وتؤكد أنه الأسوأ في تاريخ البشرية بكل بساطة وأريحية.
ورسالة إلى ألتراس نظام الكيتو الذين تضايقهم هذه الكلمات، لا تتعبوا أنفسكم ولا تكلفوا أنفسكم عناء الرد. فكل ردودكم معروفة مسبقاً ومحفوظة عن ظهر قلب، سيقول بعضكم أنني طبقت النظام بشكل خاطئ رغم أنني طبقته بالطريقة المثلى. أو سيقول بعضكم أنه من الطبيعي التعرض للدوّار أو الوقوع وفقدان الوعي لكنني أرد عليكم أنه ليس من الطبيعي على الإطلاق تعريض النفس للموت من أجل فقدان بضعة كيلوغرامات.
وإن قال لي أحدهم أن المشكلة هي أن نسبة الأملاح عندي كانت ناقصة سأخبره إن الملح الصخري لم يفارقني.
وإن حاول أحدكم التذاكي وقال بأنني أكلت خبزاً ومعكرونة في فترة "الريفيد" وتسبب ذلك في تخريب منظومة الحرق عندي سأخبره بحقيقة أنني لا أتناول أياً من منتجات الدقيق أصلاً لأن عندي حساسية غلوتين وأنه من النادر جداً أن أقرر أكل شيء منها وتحمل أعراض الحساسية المصاحبة له.
أما من سيخبرني عن تجربته السعيدة والناجحة مع الكيتو وأن المشكلة فيَّ وليست في النظام، سأرد عليه بأن الحمد لله أنك سعيد وحالك أفضل من حالي، لكن لا يمكنك التعميم بناء على تجربتك. فما ينفع لك قد لا ينفع لغيرك.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.