يستقبل الأهل المغتربين في الشق الغربي من الكرة الأرضية بحماسة، سرعان ما تتحول إلى إرهاق، بسبب عدم قدرة الغائبين العائدين على النوم إلا ما بعد منتصف الليل. هذه ليست حماسة فائضة، بل هي عارض من عوارض اضطراب الرحلات الجوية الطويلة.
بالنسبة إلى المُتمرسين في سفر المسافات الطويلة، مثل المُضيفات والطيارين، يُعتبر اضطراب الرحلات الجوية الطويلة جزءاً مألوفاً في حياتهم، فهم اعتادوا الإرهاق والارتباك، واضطرابات النوم بسبب المنبه الداخلي الذي يوقظهم في غير أوقات الاستيقاظ.
لكن بالنسبة للبقية من المُسافرين فإن الأمر غير مُعتاد، ويُسبب متاعب حقيقية تتراوح بين الأرق والإجهاد ومشاكل معوية، فضلاً عن إرهاق مستضيفيهم.
نتعرّف في هذا التقرير على اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، وطرق التعامل معه أو منع حدوثه من الأساس.
ما هو اضطراب الرحلات الجوية الطويلة؟
هو رد فعل مادي يحدث للجسم نتيجة للتغير السريع في المناطق الزمنية.
لا يصيب هذا الاضطراب من يسافر بين مدينتين تقعان في المنطقة الزمنية نفسها، لكن تأثيراته تظهر فقط عند الرحلات الجوية الطويلة.
إذا كنت تعيش وفق جدول منتظم، كأن تستيقظ يومياً عند الساعة 7:00 صباحاً، وتنام في الساعة العاشرة مساء، فهذا يعني أن اضطراب الرحلات الجوية الطويلة سيكون وقعه أصعب.
أعراض اضطراب الرحلات الجوية الطويلة
تختلف أعراض اضطراب الرحلات الجوية الطويلة من شخص إلى الآخر:
1- اضطرابات النوم، مثل الأرق أو الاستيقاظ المبكر أو فرط النعاس.
2- الإرهاق في أثناء اليوم.
3- صعوبة التركيز أو العمل بالمستوى المعتاد.
4- مشكلات المعدة أو الإمساك أو الإسهال.
5- الشعور العام بالتعب والإرهاق.
6- تغيّرات حادة وتقلبات في الحالة المزاجية.
غالباً ما تحدث أعراض اضطراب الرحلات الجوية الطويلة خلال يوم أو يومين من السفر.
ومن المرجح أن تزداد الأعراض سوءاً أو تستمر فترة أطول، خاصةً إذا كان المسافر يتجه شرقاً، إذ يستغرق الأمر يوماً تقريباً للتعافي لكل منطقة زمنية مررت بها.
كيفية التعامل مع اضطراب الرحلات الجوية الطويلة
هناك بعض الخطوات التي يمكنك القيام بها قبل السفر وفي أثنائه وبعده:
قبل السفر
1- عالِج جسمك جيداً قبل السفر، واحصل على قدر كافٍ
وجيّد من النوم.
فعلى الرغم من أنه قد يكون من المغري أن تبقى
مُستيقظاً طوال الليل قبل رحلتك، من أجل النوم بسهولة على متن الطائرة، فإنه ينبغي
لك القيام بالعكس.
يمكن أن يصيبك اضطراب الرحلات الجوية الطويلة
بشكل أكثر حدة إذا كنت متعباً أو مريضاً أو مُرهقاً.
2- حاوِل مُمارسة الرياضة قبل ذهابك إلى المطار،
للمساعدة على النوم بشكل أفضل على متن الطائرة.
وبمجرد وصولك إلى المطار، تجنَّب السلالم
المتحركة والأرصفة المتحركة، بدلاً من ذلك، امشِ واصعد الدرج في الطريق إلى منطقة
تسجيل الوصول.
هذا الجهد البدني سيُمكّنك من النوم في
الطائرة.
3- حاوِل تغيير مواعيد نومك قبل السفر: احسب تغيير
الوقت الذي ستواجهه عند سفرك للمنطقة الزمنية الجديدة.
فإذا كنت ستواجه تغييراً في الوقت مدته ثلاث
ساعات، فحاوِل أن تضبط ساعتك الداخلية على هذا التغيير قبل مغادرتك ببضعة أيام.
خطوات يجب فعلها في أثناء الرحلة
1- ابقَ رطباً بشرب كثير من السوائل غير الكحولية وغير
المحتوية على الكافيين.
إذ تبين أن الجفاف يضخم بعض أعراض اضطراب
الرحلات الجوية الطويلة، وهو ما يجعلك تشعر بأنك أسوأ.
2- اضبط ساعتك على الوقت في وجهتك بمجرد إقلاعك، حتى تتمكن من البدء في تدريب عقلك على الزمن الجديد.
3- إذا كنت ستصل في الصباح إلى وجهتك، فمن الجيد محاولة
النوم على متن الطائرة.
ارتدِ ملابس مريحة فضفاضة، وقناعاً للعينين،
وسدادات للأذن، أو سماعات الرأس التي تعمل على إلغاء الضوضاء، لمساعدتك في الحصول
على مزيد من الراحة والنوم العميق في أثناء الرحلة.
أما إذا كنت ستصل متأخراً إلى وجهتك، فحاوِل تجنُّب النوم أكثر من مجرد غفوة قصيرة على متن الطائرة؛ فبهذه الطريقة، ستكون متعباً بما يكفي للنوم عند وصولك.
خطوات يجب فعلها بعد الوصول
حاوِل البقاء مستيقظاً حتى المساء عند وصولك، قد يكون الأمر صعباً، خاصةً إذا لم تتمكن من النوم كثيراً على متن الطائرة، ولكن ستتمكن من التعامل بفاعلية مع اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، إذا كان بإمكانك البقاء مستيقظاً على الأقل حتى المساء المبكر من اليوم الأول، يمكن أن يساعد التجول في الهواء الطلق والحصول على بعض الضوء الطبيعي في ضبط إيقاعات جسمك اليومية. و ستحتاج أيضاً الاستمرار في الحفاظ على رطوبتك وشرب كثير من السوائل.
وماذا عن دواء المنوّم؟
الميلاتونين مادة كيميائية في الجسم تساعد على تنظيم دورات النوم،
يمكن تناولها كحبة دواء.
تمت دراسة الميلاتونين بشكل موسع كعلاج
لاضطراب الرحلات الجوية الطويلة والمساعدة في النوم، وهو الآن مقبول بشكل عام كجزء
من العلاج الفعال لهذا الاضطراب.
وأشارت أبحاث إلى أن الميلاتونين يساعد على النوم في الأوقات التي لا تكون فيها عادة مسترخياً، وهو ما يجعله مفيداً للأشخاص الذين يعانون اضطراب الرحلات الجوية الطويلة.
تجدر الإشارة إلى أن للميلاتونين بعض الآثار الجانبية، هي في العموم غير شائعة، ولكنها قد تشمل الغثيان والقيء وفقدان الذاكرة والسير في أثناء النوم والارتباك والنعاس بالصباح، لذلك استشر طبيبك دائماً قبل تجربة أي علاج.
العلاج بالضوء
تتأثر الساعة الداخلية للجسم أو الساعة البيولوجية بالتعرض لأشعة الشمس، فعندما تسافر عبر مناطق زمنية، يجب أن يتكيف جسمك مع الجدول الزمني الجديد لضوء النهار ويُعاد ضبطه.
إن أمكن، يمكنك قضاء بعض الوقت بالخارج تحت أشعة الشمس الطبيعية، وإذا لم تستطع فعل ذلك، فإن استخدام العلاج الضوئي قد يساعد.
يتضمن العلاج الضوئي التعرض لمصباح أو لضوء ساطع صناعي يحاكي ضوء الشمس فترة محددة ومنتظمة من الوقت، حيث يفترض أن تكون مستيقظاً.
تطبيقات لمواجهة هذا الاضطراب
تم تطوير عديد من تطبيقات الهواتف الذكية لمساعدة المسافرين على تجنُّب اضطراب الرحلات الجوية الطويلة مثل Timeshifter أو Entrain.
يتطلب بعضها إدخال تفاصيل رحلة الطيران، فتنشئ جدولاً زمنياً مقترحاً لموعد النوم، وتذكّر بضرورة تجنب الكافيين أو التعرض لضوء ساطع تحضيراً لتغيير الوقت.