طلاق الوالدين أو انفصالهما يمكن أن يكون أمراً قاسياً على الأطفال، وقد لا يلتفت أحد من الوالدين حول أن طفلهما قد تأثر سلباً من الطلاق ويعاني بسببه، وغالبية حالات الطلاق تؤثر على الأطفال قبل سن الـ18 عاماً، هنا ستجد بعض السلوكيات التي قد تدل على تأثير الطلاق السلبي في طفلك، كما ستجد بعض الاستراتيجيات التي يُمكنك تجربتها للتعامل مع طفلك بفاعلية في هذه الفترة الصعبة.
علامات تدل على التأثير السلبي للطلاق على طفلك
نظراً لأن الأطفال يعتمدون على الوالدين في شعورهم بالأمان، فمن الطبيعي أن يشعر الطفل بالخوف أو الارتباك عندما يرون أن والدتهما أو والدهما يتألمان بسبب حدوث الانفصال، كما قد يتعرض الأطفال للاضطراب وتشتت الانتباه بشكل متزايد نظراً للتحديات الجديدة، فعندما يفشل الآباء في توضيح سبب تغير مشاعرهم تجاه بعضهما وسبب حدوث هذه التغيرات الضخمة، فغالباً ما يُسيء الطفل تفسير ما يحدث، فقد يبدأون في افتراض أنهم تسببوا في الطلاق، أو قد يُطالبون أنفسهم بتحمل مسؤولية محاولة لم شمل والديهم.
قد يعود الأطفال الصغار إلى السلوكيات التي كانوا قد تجاوزوها في السابق، مثل التبول أثناء النوم أو الرغبة في الحصول على مصاصة أو تعرضهم لنوبات الغضب، قد تلاحظ أيضاً أن طفلك قد يُبدي قلقاً أو اضطراباً مُبالغ فيه عند انفصاله أو ابتعاده عنك.
قد يعاني الأطفال الأكبر سناً من مجموعة من المشاعر الأخرى، مثل الغضب أو الشعور بالذنب أو حتى الشعور بالارتياح لانفصال آبائهم، قد يُصبح أيضاً أكثر عدوانية عند الغضب، وقد يتعرض لبعض أعراض الاكتئاب أو القلق، ويبدأ في الانسحاب أو العزلة عن الآخرين.
وهناك بعض السلوكيات والأعراض الشائعة الأخرى التي يمكن أن تحدث، ومنها: المشكلات الأكاديمية أو السلوكية، التقلبات في الحالة المزاجية، يُصبحوا أقل اندماجاً مع أصدقائهم، تنخفض رغبتهم في التعاون لأداء المهام اليومية، انخفاض احترام الذات والثقة فيها، زيادة المخاوف غير المنطقية، عدم الاهتمام بالتواصل مع الآخرين.
متى يجب اللجوء إلى الطبيب؟
سيستغرق طفلك بعض الوقت للتكيف مع هذه التغييرات، العلامات السابقة التي تم ذكرها، مثل عودة الأطفال الصغار إلى السلوكيات التي كانوا قد تجاوزوها في السابق، أو حدوث نوبات الغضب، يمكن اعتبارها ردود فعل طبيعية، ويجب أن تتحسن بمرور الوقت، لكن هناك علامات تحذيرية تدل على أن طفلك يُعاني من مشكلة أكثر خطورة، ومنها:
القلق، الحزن والاكتئاب الدائم، التغيير في عادات الأكل أو النوم، حدوث مشكلات مُتكررة في المدرسة، وتبني طفلك دوماً للسلوك العدواني.
إذا استمر السلوك السلبي أو تفاقم، يجب التحدث إلى طبيبك.
ماذا يجب أن تُخبر طفلك بشأن الانفصال / الطلاق؟
هناك بعض القواعد التي يجب أن تلتزم بها عند إخبار طفلك بشأن الطلاق، ومنها:
1- خطط كيف تخبر أطفالك، فكر في مكان جيد ووقت للحديث، كن صريحاً، ولكن أيضاً ضع في اعتبارك أعمار أطفالك عند تحديد مقدار ما تخبرهم به، الأطفال الأصغر سناً سيحتاجون إلى تفاصيل أقل، وقد يطلب الأطفال الأكبر سناً المزيد من المعلومات.
2- طمأن أطفالك أنك لا تزال تحبهم وأنكما ستواصلان العناية بهما معاً كوالدين، اجعلهم يعلمون أنه سيكون هناك العديد من الفرص لقضاء بعض الوقت مع كلا الوالدين.
3- كن واضحاً جداً في أنهم ليسوا سبب الانفصال، سيقلق الأطفال الصغار بشكل خاص أن يكونوا هم السبب في حدوث الانفصال أو الطلاق، اشرح لهم أن هذه مشكلة تخصكما وأنه لا يوجد شيء يمكن لأطفالك فعله لمنعها، يجب أن يعرفوا أيضاً أنه لا يوجد شيء يمكنهم، أو يمكن لغيرهم، القيام به لتغيير ما يحدث، حتى لا يُحملّوا أنفسهم مسؤولية فشل الإصلاح بينكما.
4- شجع أطفالك على التحدث بصراحة عن مشاعرهم، وعندما يتحدثون، استمع جيداً وحاول عدم المقاطعة، من الطبيعي أن يواجه الأطفال مشكلة في التعبير عن مشاعرهم، لذلك كن صبوراً، يجب السماح لهم التعبير بصدق عن مخاوفهم ورغباتهم في الوضع الجديد، وأجب عن أي أسئلة بأمانة قدر الإمكان.
وإذا شعر طفلك بعدم الارتياح في التحدث معك، فساعده في العثور على شخص يمكن أن يثق به مثل فرد آخر من العائلة أو طبيب نفسي أو أخصائي اجتماعي.
كيف يمكنك مساعدة طفلك خلال هذه المرحلة؟
فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكنك الاستعانة بها لمساعدة الأطفال في التغلب على الآثار السلبية لحدوث الطلاق، ومنها:
1- تواصل مع شريكك
إذا كان ذلك ممكناً، فلا تخبر الطفل بالطلاق وحدك، يجب أن يكون كلا الوالدين حاضرين لمساعدة الأطفال على الاستعداد للانتقالات القادمة، كذلك لا يجب أن يكون الطفل هو آخر من يعلم ما يحدث، فعليك إبلاغه في أقرب وقت ممكن، وليس في اللحظة الأخيرة.
كذلك يجب بعد حدوث الطلاق أن تحاول التواصل مباشرة مع الوالد الآخر، تشارك معه المعلومات الطبية والمدرسية الهامة عن طفلك، وحاولا حضور الاجتماعات والمواعيد الخاصة به معاً حتى يكون لدى كلاً منكما صورة واضحة عمّا يحدث له.
2- لا تستخدم طفلك
حاول ألا تعتمد على الطفل للحصول على الدعم العاطفي أثناء الطلاق، يمكنك الحصول على القوة من حبهم، ولكن يجب أن يأتي الدعم من الأصدقاء والعائلة والاستشارة النفسية المُتخصصة إذا لزم الأمر، حاول ألا تتذمر من زوجتك السابقة أمام أطفالك، وبالتأكيد لا تستخدم الأطفال كوسيلة لنقل الرسائل بينكما.
3- شارك أطفالك في التغيرات المعيشية التي تحدث
شارك أطفالك، خاصةً إذا كان سنهم يسمح بذلك، في كيفية تغيير ترتيبات المعيشة، فلديهم الحق في معرفة القرارات التي يتم اتخاذها نيابة عنهم، وتذكر أن الخطط قد تحتاج إلى التغيير مع تقدمهم في العمر، وكن دوماً على استعداد لاحترام مشاعرهم حول المكان الذي يريدون أن يعيشوا فيه.
4- اعترف بالحزن
قد تجتهد في تصوير الطلاق كوضع سعيد أو أفضل للجميع، على الرغم من أن الأمور قد تتحسن على المدى الطويل، لكن من المهم أن تأخذ كل مرحلة وقتها، عليك الإعتراف بحزنك وإحباطك وأن تكون واضحاً في وضع الأمور في أماكنها بأفضل شكل مُمكن لأنك لن تستطيع خداع أطفالك، يُمكنك فقط شرح الأمر لهم دون زيف أو خداع.
5- منع انتشار المخاوف
في حين أنه من المهم الإقرار بأن الطلاق صعب، لكن تأكد من أن أطفالك لا يسمعونك وأنت تتحدث بشأن المخاوف المالية أو غيرها من القضايا المتعلقة بالطلاق، لأنك ستُحملهم مسؤولية التفكير في الأشياء التي لن يستطيع حلها سوى البالغين.
6- شجع العلاقات بين طفلك وشريكك السابق
يجب ألا يشعر الطفل أبداً بأنه يتعين عليه الاختيار بين الوالدين، أخبر طفلك أنك تريد له أن تكون علاقتة إيجابية ومُحبة مع الوالد الآخر، حتى لا يشعروا بالتمزق، لا ينبغي أن يشعروا أنه يتعين عليهم إخفاء قصصهم المضحكة مع الطرف الآخر عنك حتى لا يُغضبونك.
كذلك يجب ألا تتحدث سلباً عن الوالد الآخر مع أطفالك أو أفراد عائلتك أو أصدقائك، وإذا كنت تكافح مع مشاعرك وعواطفك السلبية تجاهه، فيُمكنك البحث عن صديق أو مستشار داعم للتحدث معه، لكن من المفيد على أي حال لصحة أطفالك وضع قواعد أساسية عند التحدث عن الوالد الآخر.
لسوء الحظ، هناك حالات قد يكون فيها الانفصال أو الطلاق نتيجة سوء المعاملة في العلاقة، فإذا كان هذا هو الحال، فمن المهم أن تجد مكاناً آمناً لك ولأطفالك للبقاء فيه.