إحدى أكثر مشاكل النرجسية شيوعاً هي التركيز بشكل أساسي على الذات. يمكن للأشخاص النرجسيين التظاهر بالرعاية والتعاطف تجاه الآخرين. وبحسب ما نشره موقع مجلة Psychology Today الأمريكية؛ إن الحقيقة أنهم أنانيون، وفي أمَسّ الحاجة لمنح أنفسهم الأولوية، حتى على حساب أولئك الذين يعتمدون عليهم للحصول على الدعم العاطفي والرعاية.
السنوات المبكرة علامات الاستقلال والفردية
ينشأ الأطفال الذين تربيهم أمهات نرجسيات، وخاصة بنات الأمهات النرجسيات، في بيئةٍ عاطفية معادية ومدمرة. وفي هذه الأنواع من العلاقات، ترى الأم النرجسية الابنة بصفتها انعكاساً شخصياً لها، مما يعني أن الطفل يتوقع منه أن يصبح مثالياً في كل ما يفعله، الأمر الذي يعد مستحيلاً في نهاية المطاف.
وعلى جانبٍ آخر، تصبح الأم غير قادرة على تولي الاحتياجات العاطفية للطفل، لكنها في المقابل ترى الأطفال امتداداً لها. ولا توجد حدود في عقل الأم حرفياً تفصل بينها وبين طفلها، أو أطفالها؛ إذ تحاول الأم خلق نسخة مصغرة من ذاتها، وهو أمر مستحيل بسبب المرحلة التنموية للطفل.
ومهما تكبَّدت الابنة من محاولات، فلن تستطيع أن تصبح ما تطلبه الأم. ويخلق هذا الغضب والعداء تجاه الطفل، إذ تنظر الأم لتعذَر الطفل باعتباره فشلاً. ويصبح العقاب، والعزلة العاطفية، وحتى التهديدات بالتخلي عن الطفل كلها مظاهر شائعة في تلك الحالة. وفي الوقت نفسه، يسارع الشخص النرجسي باكتشاف أي علامات استقلال أو فردية تظهر على الابنة، وهي السمات التي تعد تهديداً أو تُخلِّف انعكاساً سلبياً على الوالد النرجسي.
إلى جانب هذا، فإنَّ الشخص النرجسي يعجز عن التواجد عاطفياً من أجل الطفل. ببساطة، لا يتوافر لدى الطفل شعورٌ بأنه معتنى به ومحبوب، وغالبًا ما توصف العلاقة بالوالد بأنها باردة أو إكلينيكية أو بعيدة. ويكون هذا في كثير من الأحيان في تناقض صارخ مع العلاقة التي يحظى بها الطفل مع الوالد الآخر أو مع الجد. وإذا مد الطفل يده أملاً في تحقيق التواصل العاطفي، سيقابل بالرفض على الفور من جانب الأم، الإنسانة ذاتها التي تحتاج الابنة إلى التواصل معها أكثر من أي شخص آخر.
الأطفال الأكبر سناً وسلبية الآباء
وفي حالة الأطفال الأكبر سناً، ومرة أخرى، مع تأثيرٍ أكبر على الفتيات، تُقوِّض الأم النرجسية الطفل والمراهق في ما يتعلق بتقدير الذات. ويحدث ذلك من خلال الخزي المستمر لعدم الالتزام بالمعايير التي حددتها الأم، والتي غالباً ما تكون انعكاساً لقصورٍ في شخصيتها.
وبالإضافة إلى الخزي المستمر واللوم، تتحكم الأم النرجسية أيضاً في جميع جوانب حياة الابنة، مما يقلل على المدى البعيد من قدرة الفتاة على أن تكون ذاتية الاعتماد ومستقلة عن والدتها. ويجب على الفتاة أن تحب ما تحبه الأم، وأن تعيش حياتها بما تراه الأم مناسباً. وفي الوقت نفسه، ربما تتعرض الأم بالاعتداء الجسدي على الابنة، أو تغمر الطفل الذكر في الأسرة بكل اهتمامها. وربما ترى الأم ابنتها غريمةً لها في الواقع، إذ تسلب كل الحب والاهتمام الكاملين من الزوج أو الشريك، وكذلك من الأطفال الآخرين.
ولسوء الحظ، غالباً ما يكون الآباء أو الشركاء في الأسرة معتلين بدورهم، وربما يكونون سلبيين للغاية لدرجة تجنب المواجهة مع الشريكة النرجسية. ويترك هذا الفتاة الصغيرة بمفردها، من دون أيّ دعمٍ عاطفي، ودون وجودٍ لشخص يوازن البيئة العاطفية السلبية والعدائية.
ومع هذا النوع من التجارب العاطفية، غالباً ما يتحرك أطفال الأم النرجسية نحو علاقات اعتمادية مع شخص نرجسي؛ إذ يحل الشريك محل الأم ببساطة، ليس لأن الفرد يود مواصلة استقبال المشاعر السلبية، وإنما لأن هذا هو كل ما يعرفه/تعرفه عن العالم.