على الرغم من وجود أنواع مختلفة من فقر الدم، فإن فقر الدم الناجم عن نقص الحديد هو الأكثر شيوعاً، وهو حالة يفتقر فيها الدم إلى عددٍ كافٍ من خلايا الدم الحمراء السليمة والتي تستطيع حمل الأوكسجين إلى أنسجة الجسم.
كما يوحي الاسم فإن فقر الدم الناجم عن نقص مخزون الحديد يرجع إلى عدم كفاية الحديد، وبدون الكمية الكافية من الحديد فإنه لا يمكن للجسم إنتاج ما يكفي من المادة التي تمكّن الهيموجلوبين من حمل الأوكسجين، ونتيجة لذلك يتسبّب نقص الحديد بأعراض متعدّدة كالتعب، والإعياء، وضيق النفس.
أسباب نقص الحديد في الدم
هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى نقص مستويات الحديد في الدم نذكر منها ما يلي:
نقص الحديد في الطعام
يعتمد الجسم على الطعام كمصدر أساسي لامتصاص الحديد، فإذا كان النظام الغذائي يحتوي على كمية قليلة من الحديد فإن ذلك سيؤثر في مستوى الحديد في الدم، وتختلف كمية الحديد التي يحتاجها الجسم باختلاف العمر والجنس فمثلاً يحتاج الذكر إلى 8 مغ على الأقل من الحديد يومياً، بينما تحتاج الأنثى التي تبلغ 50 عاماً أو أقل إلى 18 مغ من الحديد يومياً.
عدم قدرة الجسم على امتصاص الحديد
يتم امتصاص الحديد في الأمعاء الدقيقة، وبالتالي فإن الأمراض التي قد تصيب الأمعاء الدقيقة ستؤثر سلباً في امتصاص الحديد وتقلل من مستواه في الدم، ومن الأمثلة على هذه الأمراض: مرض كرون ومرض حساسية القمح، ومن الجدير بالذكر أن تناول الأدوية التي تخفض من حموضة المعدة يمكن أن يؤثر أيضاً في امتصاص الحديد من الطعام.
فقدان الدم أو النزيف
قد يكون فقدان الدم خارجياً يمكن ملاحظته، وقد يكون داخلياً نتيجة لعدة أمراض مثل: القرحة المعدية، أو الفتق الحجابي، أو سرطان القولون، أو الانتباذ البطاني الرحمي الذي يُعرف بمرض بطانة الرحم المهاجرة، وفي هذه الحالات يصعب ملاحظة النزيف.
الحمل
تحتاج المرأة الحامل إلى كمية أكبر من الحديد للحفاظ على مخزون الحديد في جسمها، وذلك بسبب زيادة حجم الدم أثناء الحمل ولإمداد الجنين بكمية كافية من الحديد اللازم لنموه وتطوره بشكل سليم، فدون أخذ المكملات الغذائية المحتوية على الحديد خلال فترة الحمل تصبح المرأة أكثر عرضة لفقر الدم الناتج عن نقصان مستوى الحديد في الدم.
أعراض نقص الحديد في الجسم
تختلف علامات نقص الحديد تبعاً لشدة فقر الدم، ومدى سرعة تطوره، وتعتمد على العمر والحالة الصحية كذلك؛ ففي بعض الحالات لا يشعر المرء بأيّة أعراض، وفي حالات أخرى قد تتأثّر صحّة الإنسان وإنتاجيّته، وقدرته على ممارسة الأنشطة اليوميّة، وفيما يلي بعض هذه الأعراض الأكثر شيوعاً:
تعب غير عادي
الشعور بالتعب الشديد هو واحد من الأعراض الأكثر شيوعاً عند نقص الحديد، ويشكو من هذا العرض أكثر من نصف الأشخاص الذين يعانون من نقص الحديد، ويرجع ذلك إلى انخفاض كميّة الأوكسجين التي تصل أنسجة الجسم، وبالتالي لا يتم تزويدها بالطاقة اللازمة لأداء نشاطها الحيوي.
الشحوب
قد يظهر الشحوب على الجسم بشكل عام، أو قد يكون في مناطق محددة مثل الوجه، أو الجفن الداخلي السفلي، أو الأظافر، ويُعَد الشحوب علامة تدل على أنّ الجسم يعاني من نقص متوسط أو شديد في الحديد. ويعود سبب الشحوب إلى نقص الهيموجلوبين في خلايا الدم الحمراء، حيث إنه يُعطي الدم لونه الأحمر، ولذلك فإن الدم يُصبح أقل حمرة عند حدوث نقص الحديد، ما يجعل الجلد يبدو أقل نضارة، بحيث لا تبدو البشرة ورديةً لدى الأشخاص الذين يُعانون من نقص الحديد.
ضيق التنفّس
كما ذُكِر سابقاً فإن نقص الحديد مرتبط بانخفاض مستوى الهيموجلوبين في الدم، ما يؤدّي إلى جعل الجسم غير قادر على نقل الأكسجين إلى العضلات، والأنسجة بكفاءة، ويظهر ضيق النفس على شكل صعوبة في التنفّس الاعتيادي عند ممارسة الأنشطة اليومية كصعود الدرج، أو المشي.
الصداع والدوار
يعتبر الصداع، والدوار أحد الأعراض التي قد تدل على نقص الحديد في الدم، حيث إن قلّة الهيموجلوبين ترتبط بعدم وصول كميّة كافية من الأوكسجين للدماغ، وذلك يتسبب في تضخّم الأوعية الدموية والشعور بالضغط.
تورّم وتقرّح الفم واللسان
يمكن أن يكون اللسان المتقرّح، أو المتورم، أو الشقوق التي تكون في زوايا الفم علامات دالّة على فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، حيث إن انخفاض الهيموجلوبين يتسبب بشحوب اللسان، وانخفاض الميوغلوبين يتسبب بظهور التقرّحات، وبعض التورّمات، إذ إنّ الميوغلوبين يوجد في خلايا الدم الحمراء التي تدعم وتُعزّز عمل العضلات والتي منها ما يدخل في تشكيل اللسان.
متلازمة تململ الساق
الأشخاص الذين يُعانون من فقر الدم الناجم عن نقص الحديد لديهم فرصة أكبر للتعرض لمتلازمة تململ الساق، حيث تتولد عن هذه المتلازمة رغبة قوية بتحريك الساقين أثناء الراحة، وغالباً ما تحدث في الليل، وقد وُجِد أنّ أكثر من 25% من الذين يُعانون من هذه المتلازمة لديهم نقص في الحديد كذلك، وكلّما زاد هذا النقص كانت الأعراض التي يواجهها الشخص أسوأ.
علاج نقص الحديد في الدم
هناك عدة طرق يمكن للطبيب أن يستخدمها لمعالجة نقص الحديد في الدم، ومنها:
تناول الأغذية الغنية بالحديد
وذلك بتعويض الجسم بما يحتاجه من حديد عن طريق إدراج الأطعمة الغنية بالحديد في وجبات الطعام اليومية، ومن الأمثلة على هذه الأطعمة: اللحوم الحمراء، والخضراوات الورقية والفاكهة المجففة، والمكسرات، والحبوب المدعمة بالحديد.
تناول مكملات الحديد
عن طريق الكمية والجرعة التي يحددها الطبيب وهي تختلف من شخص إلى آخر تبعاً لمستوى الحديد في الدم، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المكملات من الأفضل أن تُؤخد قبل الطعام عندما تكون المعدة فارغة إلا إذا تسببت بالشعور بانزعاج في المعدة، فإنّها تُؤخذ بعد الطعام.
ويُفضل أن تُؤخذ مع عصير البرتقال المحتوي على فيتامين ج الذي يساعد على امتصاص الحديد بشكل أفضل، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه المكملات قد تسبب الإمساك في كثير من الأحيان، لذلك يمكن أن يصف الطبيب أحد المليّنات المناسبة معها.
معالجة المسبِّب
أي معالجة السبب الذي أدى إلى نقصان مستوى الحديد في الدم خصوصاً إذا كان نقص الحديد ناتجاً عن النزيف، فمثلاً من الممكن أن يصف الطبيب حبوب منع الحمل لمعالجة نقص الحديد الناتج عن غزارة الطمث، ومن الممكن أيضاً أن يصف المضادات الحيوية وأدوية أخرى إذا كان سبب نقص الحديد الإصابة بالقرحة الهضمية.