تلتقي بشخص جديد وتبدو بوادر العلاقة واعدة وإيجابية، ولكن سرعان ما تتوقف عن الرد على رسائلك وتحاول تجنب أي احتكاك. يغضب الآخر بطبيعة الحال ويسارع إلى إنهاء العلاقة. التخريب الذاتي للعلاقات لا يعني أنك إنسان يهدف إلى تعدد العلاقات بل يعكس شخصاً يهرب من الالتزام والارتباط الحميم.
كيف ولماذا؟ إليك العلامات…
لماذا نقوم بتخريب علاقاتنا الجيدة؟
أحد الأسباب الرئيسية لتخريب الناس لعلاقاتهم هو الخوف من العلاقة الحميمة. يخاف الناس منها عندما يخشون التقارب العاطفي أو الجسدي مع الآخرين.
الكل يريد ويحتاج إلى علاقة حميمة، ولكن بالنسبة لمن كانت لديهم تجارب سيئة، يلجأ البعض منهم إلى سلوك "الدفع والشد"، فتتفكك العلاقة بطبيعة الحال.
عادة ما ينشأ الخوف من العلاقة الحميمة نتيجة علاقة الوالدين غير السوية أو نتيجة صدمات الطفولة، سواء جسدية أو جنسية أو عاطفية.
يؤمن الذين يخشون العلاقة الحميمة أنه لا يمكن الوثوق بالأشخاص حتى وإن كانوا قريبين للغاية.
ولأن علاقات الثقة المُبكرة مع الأهل تم تحطيمها بسبب سوء المعاملة، فالأشخاص الذين يخشون العلاقة الحميمة يعتقدون أن الأشخاص الذين يحبونهم سيؤذونهم بالضرورة.
يظهر هذا الخوف في شكلين مُختلفين:
- الخوف من الهجر.
- الخوف من الانغماس في الشريك.
في الحالة الأولى، يشعر المرء بالقلق من أن الحبيب سيتركه عندما يكون في أشد الحاجة له.
أما في الحالة الثانية، فيشعر المرء بالقلق من أنهم سيفقد هويته أو قدرته على اتخاذ القرارات نتيجة انغماسه وتعلقه الزائد بالشريك.
غالباً ما يجتمع هذان الخوفان، مما يؤدي إلى سلوك "الشدّ والجذب" .
علامات تحذيرية تُنبئك بأنك شخص مُخرب للعلاقات
لست ضحية دائماً، قد تقوم بتخريب علاقاتك بنفسك حتى دون أن تعي هذا أو تُدركه. ومن العلامات الأكثر شيوعاً:
1- عينك دوماً على باب الخروج:
تتجنب أي شيء يؤدي إلى التزام أكبر، كمقابلة الأهل، أو الظهور دوماً أمام الناس بصحبة بعض، وما إلى ذلك.
كما تتساءل دائماً: "إذا حدث خطأ ما، فكيف يُمكنني إخراج نفسي بسهولة من هذه العلاقة؟".
ولأن الالتزام يُقلل من قدرتك على ترك علاقة دون عواقب مالية أو عاطفية، فإنك تميل إلى تجنبه تماماً.
2- تشكيك الشريك في نفسه:
زرع بذور الشك في شريكك تجاه ذاته هو شكل من أشكال التلاعب النفسي، وهو أيضاً شكل من أشكال الإساءة العاطفية التي تهدف إلى إنكار واقع الشخص الآخر أو تجاربه.
على سبيل المثال، إذا قال شريكك إنه مُنزعج من شيء مُحدد قُمت بفعله، فسيكون ردك بشيء من قبيل: "أنت لست مستاءً حقاً، إنه خطؤك من الأساس، وأنت تحاول فقط إلقاء اللوم عليّ" .
3- مُلاحظة الآخرين عدم استقرارك في علاقة:
غالباً ما يسألك أصدقاؤك عن سبب انفصالك عن شركاء محتملين، وكثيراً ما يُرددون لك أنك لا تستقر مع أي شخص.
تنفصل عن شريكك لأسباب بسيطة وتافهة أحياناً كي تتمكن من مواعدة شخص آخر على الفور وتكرار الدورة من جديد.
قد لا ترغب في أن يُنظر إليك على أنك تلهو بمشاعر الآخرين، أو أنك غير جاد في علاقاتك، ولكن لا يبدو أنك تجد شخصاً يمكنك الالتزام تجاهه.
4- الغيرة المُبالغ فيها:
تقلق دائماً من أن شريكك يواعد شخصاً آخر دون علمك، فتطلب السيطرة على كل جانب من جوانب حياته وتتطلب اتصالاً دائماً.
تشعر بالقلق نتيجة تواجده مع أشخاص بدونك، وتخاف من إعجابه بأشخاص آخرين.
تطلب إثباتاً دائماً عن الإخلاص، وهو ما يؤدي إلى فض العلاقة نتيجة مُحاولة إحكام القبضة عليهم.
5- تنتقد كل ما يفعله الشريك:
تبحث باستمرار عن الكمال في الشريك، على الرغم من أنك تعرف أن الكمال أمر مستحيل.
تستطيع بسهولة أن تجد خطأً في كل شيء يفعلونه، بدءاً من طريقة الطهي إلى الملابس التي ترتديها.
الانتقاد المُستمر يوحي بأنك شخص صعب الإرضاء، وفي النهاية يتخلى الشريك عن محاولة إرضائك فيرغب في الانفصال.
6- تتجنب مواجهة المشاكل:
تقضي الكثير من الوقت لإقناع نفسك بأن العلاقة مثالية، حتى لو لم تكن كذلك، وعندما يريد شريكك مُعالجة مشكلة ما، تتجنب الموضوع أو تقول ببساطة: "لا أعتقد أننا نواجه مشكلة؛ الأمر طبيعي أو سيزول مع الوقت" .
ينزعج شريكك من عدم قدرتك أو حتى رغبتك على مواجهة المشاكل معاً والبحث عن حلول لها، ومُحاولتك في الإنكار هذه لن تُنهي المُشكلة ولن تجعلها تختفي، فهي تدفع الشريك إلى اليأس والإحباط.
7- الشجارات غير صحيّة وتشهد تجريحاً:
الشجار هو جزء طبيعي من أي علاقة صحية، ومع ذلك، يجب أن تظل تلك الشجارات محترمة؛ بمعنى آخر، أنت لا تسعى أبداً أثناء الشجار إلى تجريح شريكك أو إيذائه بالكلام الحاد بقصد إيلامه وكسر ثقته بنفسه.
إذا كانت حججك أثناء الشجار عبارة عن هجوم حاد، وإذا وجدت أنك تتجاهل بشكل صارخ كيف يشعر الآخر نتيجة كلامك الحاد فقط من أجل أن تشعر أفضل، فهذه علامة على تخريب علاقتك.
8- تحتاج أن تكون على حق:
التواصل الصريح والمفتوح مهم في صحة العلاقة، فذلك يُساعدك على توضيح أولوياتك واحتياجاتك، ومشاركة أفكارك واهتماماتك.
لكن عندما تتصاعد المناقشة وتصل إلى مواجهة أو عرض للحجج، فإننا نميل إلى مواصلة دفاعنا، والتباري في إثبات أننا على صواب، حتى وإن علمنا أننا على خطأ.
إن رفض التراجع وقبول إخفاقنا وعدم الرغبة في الاعتذار دائماً ما يكون على حساب السلام النفسي واستمرارية العلاقة.
9- المُقارنة:
أحد الأنماط الأكثر وضوحاً، والتي قد تكون قادراً على ملاحظتها هي عندما تقارن شريكك الحالي بشريكك السابق، او حتى بشريك خيالي مثالي.
كيف نتوقف عن التخريب الذاتي للعلاقات؟
لإنهاء التخريب الذاتي، تحتاج أولاً إلى إلقاء نظرة فاحصة على نفسك وأنماط سلوكك.
يجب أن يكون لديك استعداد لأن تكون صادقاً وشجاعاً مع نفسك، وتواجه كل المواقف التي قد تعرضت خلالها لإساءة المعاملة أو الأذى من الآخرين.
إن لم تتذكر هذه المواقف وتتعرف عليها بوضوح وتواجهها بشجاعة فستكون عُرضة لتكرارها.
العلاج هو الخطوة التالية؛ يمكن أن يساعدك أخصائي نفسي في تحديد السلوكيات، والوصول إلى جذر المشاكل، وإيجاد طرق جديدة وصحية في معاملة الشريك.
ومن المشاكل الرئيسية للتخريب الذاتي للعلاقات هي أننا نتصرف في الوقت الحاضر كما لو كان الوضع نفسه في الماضي.
يمكن أن تستذكر مواقف أليمة شهدتها في الطفولة، ذكّر نفسك بأنك في وقت مُختلف وفي حدث مُختلف وأمام شخص مُختلف، بدلاً من الرد بشكل أعمى على ما حدث لك في الماضي.
إضافة إلى ذلك، فإن من السمات المميزة للتخريب الذاتي للعلاقات هي عدم القدرة على التحدث عن المشاعر والمشاكل.
بمعنى، أنك تتجنب الحديث عن هذه الأشياء، لأن الحديث يعني الشعور، وهو ما لا تريده بأي ثمن، حاول التغلب على هذا العائق والتحدث.
التعبير عن المشاعر والمخاوف والاحتياجات لن يساعدك فقط في تحديد المشكلات، بل سيساعد الآخرين أيضاً على فهمك بشكل أفضل.
تذكر أنه لا بأس في الحصول على المساعدة؛ إن البحث عن علاج، أو مجرد إيجاد أذن لطيفة وودودة للاستماع إليك هو الخطوة الأولى نحو تحرير نفسك من سلوكيات التخريب الذاتي في العلاقات.