ألمٌ عميق وحرق حول العين، هذان العَرَضان من أكثر أعراض الصداع العنقودي؛ وهو شكل نادر من الصداع يتميز بألم من جانب واحد.
يستمد الصداع العنقودي اسمه من كونه يأتي في شكل مجموعة من الهجمات المُتكررة الشديدة، التي يمكن أن تحدث عدّة مرات خلال اليوم أو الأسبوع أو الشهر.
فيما يلي، كل ما تحتاج معرفته عن الصداع العنقودي وأعراضه، وكيف يمكن التعامل معه؟
ما هو الصداع العنقودي؟
يصيب الصداع العنقودي الرجال أكثر من النساء، ويزداد معدل الإصابة به 5 إلى 6 أضعاف بين الرجال، ويكون أكثر شيوعاً في المرحلة العمرية التي تتراوح بين 20 و40 عاماً.
يُعتبر الصداع العنقودي من أكثر أنواع الصداع ألماً، فعادةً ما يستيقظ الشخص في منتصف الليل بألم شديد بداخل أو حول إحدى العينين بجانب واحد من الرأس.
وقد تدوم نوبات ألم الصداع لفترة ما بين الأسابيع والأشهر، وتعقبها فترات من الهدوء بعد توقف نوبات الصداع.
هذه الفترة التي لا يتعرض فيها الفرد لأي أعراض على الإطلاق قد تمتد من بضعة أشهر إلى سنوات قبل ظهور الصداع العنقودي مرة أخرى.
يُمكن أن يكون لهذا النوع من الصداع أساس وراثي جيني، ويختلف الصداع العنقودي عن الصداع النصفي، سواء في شدة الأعراض أو تكرار حدوثها.
قد تحدث هجمات هذا الصداع في الوقت نفسه من كل عام، خاصةً خلال أشهر الخريف والربيع، ويختلف وقت الإصابة ونمط التكرار من شخص إلى آخر.
أعراض الصداع العنقودي
تتضمن العلامات والأعراض المُرتبطة بهذا النوع من الصداع، والتي تشير إلى حدوث الصداع العنقودي، ما يلي:
1- ألم شديد حول عين واحدة، ويمتد إلى الجبهة والخدين واللثة العلوية على الجانب نفسه من الوجه.
2- انسداد الأنف أو سيلانها بالجانب المُصاب.
3- كثرة الدموع وحدوث انتفاخ حول عينيك في الجانب المُصاب.
4- شحوب الجلد وتدلّي الجفن في الجانب المُصاب.
5- الانفعالات والأرق.
6- التعرُّق من جانب واحد على الجبهة.
7- قد يحدث احمرار في الجانب المُصاب من الوجه.
8- الإصابة بهجمات مؤلمة ثابتة 1-3 مرات في اليوم، وتستمر 15-180 دقيقة، وقد تحدث هذه الهجمات مُتتالية مدة 6-8 أسابيع.
9- قد يتسبب هذا الصداع في حدوث حساسية تجاه الضوء أيضاً.
سيقوم طبيبك بتشخيص حالتك بناء على الألم ونمط الهجمات ومُدتها، والأعراض التي عانيتها في أثناء الصداع.
كما قد يستخدم اختبارات التصوير الطبي مثل التصوير المقطعي والتصوير بالرنين المغناطيسي.
أسباب الصداع العنقودي
السبب الرئيسي لحدوث الصداع العنقودي غير معروف بعد، إلا أن أنماط الصداع العنقودي تشير إلى أن اضطرابات الساعة البيولوجية للجسم تؤدي دوراً في حدوثه.
وعكس الصداع النصفي وصداع التوتر، لا يرتبط عادةً بالمُحفزات، مثل الأطعمة، أو التغيرات الهرمونية أو الإجهاد.
لكن إلى جانب الأسباب الوراثية كما سبق الذكر، يزيد الكحول الأمر سوءاً في هذا النوع من الصداع.
الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة بالصداع العنقودي هم:
1- الرجال، كما سبق الذكر، خاصةً من الشريحة العمرية بين 20 و40 عاماً.
2- المُدخنين
3- مدمنو الكحول
4- التاريخ العائلي
علاج الصداع العنقودي
لا يمكن علاج الصداع العنقودي باستخدام مُسكنات الألم التي لا تحتاج وصفة طبية فقط، لكن العلاج المتاح يهدف إلى خفض حدّة الألم، وتقليل مدة الصداع، ومنع تكرار النوبات.
ونظراً إلى أن ألم الصداع العنقودي يأتي فجأة، وقد يهدأ في غضون فترة زمنية قصيرة، فيمكن أن يكون تشخيصه صعباً.
يتطلب أدوية سريعة المفعول، منها:
1- حقن سوماتريبتان:
تعمل من خلال تضييق الأوعية الدموية في الدماغ، فتساعد على منع عبور إشارات الألم.
يتم إعطاء أول جرعة حقن تحت الملاحظة الطبية، وقد تتمكن من استخدام سوماتريبتان في هيئة بخاخ أنف.
2- العلاج بالأكسجين
يُستخدم قناع الوجه لتوصيل ما لا يقل عن 7-10 لترات في الدقيقة من الأكسجين، لفترة قصيرةٍ مدتها 15 دقيقة.
مُلاحظة: الأكسجين في هذه التركيزات العالية يصبح ساماً للرئتين وقد يضرّ بأنسجة الرئة، لذلك يجب استخدامه فترات زمنية قصيرة، أقل من 15 دقيقة، مرة واحدة أو مرتين في اليوم.
العلاجات المنزلية للصداع العنقودي
إلى جانب الأدوية، يمكنك دمج بعض التغييرات في نمط حياتك، والنظام الغذائي، والروتين اليومي، للتغلب على الصداع العنقودي، ومنها:
1- الضغط البارد والساخن:
من الحلول السهلة لعلاج الصداع العنقودي، الضغط البارد، الذي يكون له تأثير مُخفِّض للألم.
خذ كيساً من الخضراوات المُجمَّدة أو ضع بعض مكعبات الثلج في منشفة، وضعها على الجزء الخلفي من رقبتك. يمكنك أيضاً غمس منشفة في ماء بارد ووضعها على رأسك 5 دقائق، وتكرار هذا الأمر عدّة مرات حسب الحاجة.
كذلك ستساعد الحرارة على استرخاء توتر العضلات وتخفيف آلام الصداع.
خذ دشاً بالماء الساخن واترك الماء يسيل على رقبتك؛ تساعد الحرارة على استرخاء عضلات الرقبة.
ضع قطعة قماش قطنية على الجزء الخلفي من عنقك فوقها كيس ماء ساخن مدة 10 إلى 15 دقيقة.
2- العلاج بالإبر
العلاج بالإبر تقنية تُستخدم على نطاق واسع في الطب الصيني، وخلالها يتم الضغط على نقاط محددة في الأصابع واليدين.
تحفيز هذه النقاط بالضغط يمكن أن يساعد في تخفيف الألم.
وأكدت دراسة نُشرت عام 2014 في Pain Management Nursing، على استخدام العلاج بالإبر كعلاج بديل للأشخاص الذين يعانون آلام الصداع المزمن وآلام الصدمة الأخرى.
3- العلاج بالتدليك:
التدليك اللطيف يمكنه أن يساعد على تقليل الصداع، عن طريق حظر إشارات الألم الناجم عن الصداع والمُرسلة إلى المخ.
باستخدام إصبعيك الأوَّلين، قم بتدليك رأسك برفق بحركة دائرية على نقاط تخفيف الألم الموجودة في قاعدة الجمجمة، وفي زاوية العينين، وبين الحاجبين، فذلك يمكنه أن يساعد في توفير بعض الراحة من الألم.
4- الصداع العنقودي وعلاجه بالأعشاب:
يمكن استخدام بعض الزيوت العشبية لعلاج الصداع العنقودي، فالزيوت الأساسية مثلاً لها خصائص مضادة للتشنج ومضادة للالتهابات.
لهذه الأعشاب تأثير مُهدِّئ على الأعصاب، وهو ما يُساعد على تهدئة الصداع، لكن يجب تجنُّب استهلاك أي من الزيوت العطرية عن طريق الفم.
ومن الزيوت التي يمكن الاستعانة بها:
– زيت البردقوش:
لديه القدرة على إعادة تدفق الدم، وتهدئة الجسم من التوتر والقلق، ويمكن إضافة الزيت أيضاً إلى الحمام الساخن.
– زيت إكليل الجبل:
يحتوي زيت إكليل الجبل على خصائص مهدئة ومضادة للالتهابات، هذه الخصائص يمكن أن تساعد في تخفيف آلام الصداع، وهو ما أكدته دراسة نُشرت عام 2013 في كيمياء الأغذية.
امزج بضع قطرات من زيت إكليل الجبل في ملعقة كبيرة من زيت محايد، واستخدِم مزيج الزيت لتدليك رأسك.
لكن لا يُنصح أولئك الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم أو الصرع، باستخدام زيت إكليل الجبل.
– زيت النعناع:
يتميز زيت النعناع بتركيبة غنية من المنثول المعروف أن له تأثيراً مُسكناً على الصداع، وهو يعمل عن طريق فتح الأوعية الدموية المحظورة المعروفة بأنها تسبب الصداع العنقودي.
أوضحت دراسة أُجريت عام 2016، أن زيت النعناع يمكن أن يعالج بفاعلية الصداع عند الأطفال فوق سن 6 سنوات وكذلك البالغين.
يمكنك إضافة 3 قطرات من زيت النعناع الأساسي في ملعقة كبيرة من زيت اللوز أو زيت الزيتون، واستخدِم هذا المزيج لتدليك رأسك، يمكنك كذلك وضع أوراق النعناع المطحون على جبينك.
كذلك يمكن تناول كوب من شاي البابونج، الذي يحتوي على خصائص مضادة للالتهابات والتشنج ومهدئة، وهو ما يساعد على تخفيف آلام الصداع.
أضِف بعض عصير الليمون والعسل إلى الشاي، وتناوَله ثلاث أو أربع مرات يومياً.
يمكن أن يساعد الزنجبيل أيضاً، لأن له خصائص مضادة للالتهابات ومضادة للأكسدة ولها تأثير علاجي على الألم، فشرب الزنجبيل مرتين في اليوم يساعد في تقليل أعراض الصداع العنقودي.
5- تغييرات في نمط الحياة:
مثل شرب كميات كافية من الماء منعاً للجفاف.
فإذا كان لديك صداع من أي نوع، سواء أكان صداعاً نصفياً أم صداعاً عنقودياً، فتأكَّد من شرب كثير من الماء، كذلك يجب أكل الفواكه والخضراوات التي تحتوي على نسبة كبيرة من الماء مثل البطيخ والسبانخ والخيار، على سبيل المثال.
يجب الإقلاع عن التدخين وحتى التعرض للتدخين السلبي. وأخيراً التزم مواعيد مُنتظمة للنوم.