خربشاتك ورسومك قد تعالجك نفسياً.. بهذه الطريقة الهادئة

هل شعرت ببعض الإرتياح من قبل عندما رسمت بعض الخربشات والرسوم؟ فماذا تعرف عن العلاج بالفن إذن؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/22 الساعة 05:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/18 الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش
رسوماتك وخربشاتك قد تترجم إلى العلاج بالفن

ربما شعرت ببعض الارتياح من قبل عندما قمت برسم بعض الرموز والخربشات خلال محاضرة طويلة ومملة في محاولة منك لإضاعة الوقت حتى تنتهي هذه المحاضرة! قد تكون هذه الخربشات عديمة المعنى بالنسبة لك فأنت لم ترسمها إلا بدافع التسلية، لكن هل تعلم أن هذا السلوك الذي قمت به هو إحدى الطرق المُثبتة علمياً لإراحة النفس وعلاجها؟ وهو شكلٌ مبسّط لمصطلح علمي شهير يسمى "العلاج النفسي بالفنّ" .

ما هو العلاج بالفن؟

العلاج بالفن هو إحدى الطرق العلمية التي تقوم على استخدام تقنيات إبداعية مثل الرسم والتلوين واستخدام الرموز والأشكال الفنية لمساعدة الناس على التعبير عن أنفسهم فنياً، وتزويدهم بفهمٍ أعمق لأنفسهم وشخصياتهم.

العلاج بالفن
يساعد العلاج بالفن الأطفال والمراهقين والكبار على السواء

يعتمد العلاج بالفن على الاعتقاد بأنّ التعبير عن الذات من خلال الإبداع الفني له قيمة علاجية، فوفقاً لجمعية العلاج بالفن الأمريكية، يتم تدريب المعالجين بالفن على فهم الأدوار التي يمكن أن يلعبها اختيار اللون والملمس والشكل الخاص بالعمل الفني في العملية العلاجية وكيف يمكن لهذه الأدوات المساعدة أن تكشف عن أفكار الفرد ومشاعره وتصرفاته النفسية.

بتوجيهٍ من معالج فني معتمد، يمكن للعملاء "فكّ شفرة" الرسومات والرموز والتي ينبغي أن تؤدي إلى فهمٍ أفضل لمشاعرهم وسلوكهم حتى يتمكنوا من المضيّ قدماً لحلّ المشكلات الأعمق التي تواجههم.

يساعد العلاج من خلال الفن الأطفال والمراهقين والبالغين على استكشاف عواطفهم، وتحسين احترام الذات، وتخفيف التوتر، وتخفيف أعراض القلق والاكتئاب.

يتم الآن تقديم العلاج بالفن على نطاقٍ واسع في المستشفيات والعيادات النفسية في جميع أنحاء العالم، ويعمل المعالجون بالفنّ مع الأفراد والأزواج والمجموعات في مجموعة متنوعة من البيئات، بما في ذلك الاستشارات الخاصة والمستشفيات ومراكز الصحة والمؤسسات الإصلاحية والمراكز العليا والمؤسسات المجتمعية الأخرى.

العلاج بالفن لا يتطلّب موهبة فنية!

لا يجب أن تكون هناك موهبة فنية ضرورية لنجاح العلاج بالفن، لأنّ العملية العلاجية لا تتعلق بالقيمة الفنية التي يقدمها العمل، وإنما تتعلق بإيجاد ارتباطات بين الأعمال الابداعية التي قام بها الشخص وبين ما يشعر به في أعماقه.

يمكن استخدام العمل الفني كنقطة بداية لإعادة إحياء الذكريات وحثّ الشخص على أن يروي ما مر به من أحداثٍ قديمة تركت أثراً عميقاً بداخله مما يساعد في كشف الرسائل والمعتقدات الموجودة بالعقل اللاواعي، بالإضافة إلى تطوير سلوكياتهم ومشاعرهم وإدارتها وتحسين احترام الذات.

كيف يكون العلاج بالفن؟

كما هو الحال مع أي شكلٍ من أشكال العلاج، ستقوم في جلستك الأولى بالتحدُّث إلى المعالج حول سبب رغبتك في العثور على المساعدة وتعلُّم ما يقدمه المعالج.

ستتوصلان معاً إلى خطة علاجية تتضمَّن إنشاء شكل من أشكال العمل الفني. بمجرد أن تبدأ في هذا العمل الفني قد يقوم المعالج في بعض الأحيان بمراقبة ما تقوم به أثناء عملك دون تدخُّل أو تحكم. 

عندما تنتهي من العمل الفني  سوف يسألك المعالج عن أسئلة على غرار ما تشعر به حيال العملية الفنية، وما الذي كان سهلاً أو صعباً بشأن إنشاء عملك الفني؟  وما هي الأفكار أو ذكريات قد تكون لديكم أثناء عملك؟ 

بشكل عام، سيسأل المعالج عن تجربتك ومشاعرك قبل تقديم أية ملاحظات.

العلاج بالفن يحارب الاكتئاب

عندما يكافح شخصٌ ما الاكتئاب أو يعالج اضطراب القلق، غالبًا ما يكون التحدُّث إلى الناس هو آخر ما يريده. لكن طبيعة العلاج بالفن يمكن أن تكون أكثر راحة بالنسبة له. علاوةً على ذلك، يساعد العلاج بالفنّ على إشراك أجزاء مختلفة من الدماغ، مما يحفز إطلاق مواد كيميائية في المخ "تشعرك بالرضا" .

العلاج  بالفن يحسّن من وظيفة العقل

قد يكون تلقِّي الأخبار السيئة من الطبيب بمثابة ضربة مدمرة، وخاصة للأشخاص الذين يعانون من مرض لفترة طويلة. 

يمكن للعلاج بالفن أن يساعد الناس على التعامل مع صدمات التشخيصات الصعبة للأمراض الخطيرة كالسرطان.

أيضا ربطت  بعض الأبحاث بين العلاج بالفن وتحسين الوظيفة العقلية لدى المصابين بالخرف والزهايمر، وانخفاض مستويات القلق لدى الأطفال المصابين بالربو.

العلاج النفسي بالفن
يساعد العلاج بالفن في التعامل مع الصدمات

تاريخ العلاج بالفن

كان الفن وسيلة للاتصال منذ  الآلاف السنين، فقد استخدم الفن كشكل من أشكال التعبير عن النفس وحل النزاعات والمشكلات على مر العصور. 

في عام 1700 بدأ بعض الأطباء النفسيين في استخدام الفنون في أنماط مختلفة من العلاج النفسي وتطور استخدام الفن في العلاج إلى تخصص مهني في الأربعينيات من القرن العشرين.

استمر مجال العلاج بالفن ينمو، وبدأت برامج درجة الماجستير في العلاج بالفن في الظهور في منتصف القرن العشرين، وساهم خبراء الصحة العقلية من الأطباء النفسيين والمحللين والأخصائيين الاجتماعيين وعلماء النفس والمستشارين في الكتابة عن قيمة العلاج بالفن.

بدأت جامعة دريكسل في تقديم واحد من أوائل برامج العلاج عن طريق الدراسات العليا المتاحة في أواخر الستينيات. قدمت جامعة نيويورك أيضاً واحداً من أوائل برامج العلاج عن طريق الفن في البلاد في منتصف السبعينيات.

وبحلول نهاية القرن العشرين كان العلاج بالفن يستخدم لمساعدة عدد لا يحصى من الأفراد في جميع أنحاء العالم.