لماذا أفقد شهيتي؟ العلم يخبرك أن الأمر ليس مجرد مشكلة نفسية، إليك أسباباً أخرى

وجد العلماء أن اضطرابات الأكل المدمرة مثل فقدان الشهية العصبي ليست حالة نفسية بحتة، ولكنها مدفوعة أيضاً بمشكلات في التمثيل الغذائي.

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/20 الساعة 12:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/20 الساعة 12:24 بتوقيت غرينتش
فقدان الشهية ليس مجرد مشكلة نفسية

وجد العلماء أن اضطرابات الأكل المدمرة مثل فقدان الشهية العصبي ليست حالة نفسية بحتة، ولكنها مدفوعة أيضاً بمشكلات في التمثيل الغذائي.

قد يساعد هذا الاكتشاف على تفسير السجل السيئ للأطفال في علاج المرض وتمهيد الطريق أمام أساليب علاج جذرية جديدة يمكنها التنبؤ وعلاج المرضى المعرضين للخطر بشكل أكبر.

بحسب صحيفة The Guardian البريطانية وصل الباحثون إلى ذلك الاكتشاف بعد مقارنة الحمض النووي لما يقرب من 17,000 شخص يعانون من فقدان الشهية وأكثر من 55,000 شخص بصحة جيدة. أرسلت عينات الحمض النووي لمن يعانون من فقدان الشهية من خلال المبادرة الوراثية لفقدان الشهية العصبي أو فريق العمل المعنيّ باضطرابات الأكل بالجمعية الوراثية النفسية.

الجينات تتدخل  

وكشفت الدراسة عن 8 جينات تربط فقدان الشهية بالقلق، والاكتئاب، واضطراب الوسواس القهري، وكل ذلك كان متوقعاً. ولكنها كشفت أيضاً عن أن ارتباط فقدان الشهية بالحمض النووي المسؤول عن حرق الدهون، والنشاط البدني ومقاومة النوع الثاني لمرض السكري. 

قال جيروم برين، المختص بعلوم الوراثة بجامعة الملك في لندن، والذي ساهم في الدراسة مع باحثين من الولايات المتحدة وجامعة نورث كارولينا: "ما تعنيه الدراسة هو أننا لم يعد بإمكاننا علاج فقدان الشهية، وربما غيره من اضطرابات الأكل، على أنه حالة نفسية بحتة". 

وأضاف برين: "هناك علاقة متوقعة بين فقدان الشهية والقلق والاكتئاب واضطراب الوسواس القهري، لكن هناك أيضاً علاقة واضحة مع التمثيل الغذائي لا نراها مع أي اضطراب نفسي آخر". 

وبالرغم من أن جينات التمثيل الغذائي تظهر صحية، يبدو أنها تتحد مع الجينات المرتبطة بالمشكلات النفسية لترفع من خطر الإصابة بفقدان الشهية. يفسر علم الوراثة حوالي نصف حالات فقدان الشهية، ويرجع البقية إلى أحداث حياتية وعوامل أخرى.

ويعد فقدان الشهية العصبي أشد الأمراض النفسية فتكاً. ويصيب بين 1% إلى 4% من النساء وحوالي 0.3% من الرجال. قد يعاني المصابون من نقصان حاد وخطير بالوزن، وانطباع خاطئ عن شكل أجسامهم، وقد ينتابهم الفزع لمجرد فكرة صعودهم على الميزان.

وبينما لا يتناول بعضهم إلا أقل القليل من الطعام، هناك بعض منهم يتناولون الطعام بشكل طبيعي ولكن يمارسون الرياضة بشكل مفرط لدرجة حرقهم سعرات حرارية أكثر من استهلاكهم. 

فقدان الشهية والبيئة الأسرية 

ويمكن علاج هذا الاضطراب من خلال الجمع بين التدخل النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي، وبرامج إعادة التغذية العائلية والتي تهدف إلى إعادة المصابين إلى وزن صحي بدعم من عائلاتهم. ولكن لا تنجح هذه الطريقة دائماً. 

لطالما اعتبر الأطباء أن البيئة الأسرية تمثّل عاملاً مهماً في الإصابة بفقدان الشهية العصبي، ولكن في بعض الحالات قد تخطئ أكثر الاعتقادات شيوعاً وانتشاراً. على سبيل المثال، كان يُعتقد أن "الكمالية" أحد أسباب فقدان الشهية العصبي، ولكن أحدث الأعمال اكتشفت العكس. 

قال برين: "تميل عائلات الأشخاص المصابين بفقدان الشهية إلى مستويات أعلى من الكمالية، ولأننا نعتقد أن الناس تفهم السبب والتأثير بشكل خاطئ. ليست الكمالية سبباً في فقدان الشهية العصبي، بل إن الميل إلى فقدان الشهية هو ما يؤدي إلى زيادة الشعور بالكمالية. نعتقد أن ما يحدث هو التفاعل بين البيئة الأسرية والجينات الوراثية". 

وتفسر الجينات الثمانية المشار إليها في البحث جزء بسيط جداً من مرض فقدان الشهية العصبي. ولكن كما هو الحال مع العديد من الحالات الطبية، قد يكون هناك مئات أو آلاف الجينات التي تسهم في كون شخص ما معرض للإصابة باضطراب فقدان الشهية. 

ليس حالة نفسية فقط

وقال برين إن هناك حاجة الآن إلى أن يدرس العلماء عملية التمثيل الغذائي في الأشخاص المصابين بفقدان الشهية العصبي وغيرها من اضطرابات الأكل ليروا إن كان من الممكن تطوير علاجات تعتمد على التمثيل الغذائي أو تحديد الأشخاص المعرضين للانتكاس، وهي المشكلة الشائعة مع مرضى فقدان الشهية العصبي. وأضاف: "التنبؤ بالانتكاس أحد أهم الأمور الحاسمة التي يمكننا العمل عليها". ونُشرت الدراسة في مجلة Nature Genetics

قالت ريبيكا بارك، استشارية الطب النفسي والتي درست اضطرابات الأكل بجامعة أوكسفورد، إن الدراسة بالرغم من عدم تقديمها حلاً فورياً، فإنها تفتح الباب أمام طرقاً جديدة علاج فقدان الشهية. 

وقالت: "هذه الدراسة تضيف أموراً مهمة. وتبعث رسالة للمصابين وعوائلهم، وللعاملين على تقديم أو تطوير العلاجات، مفادها أن فقدان الشهية قد لا يكون حالة نفسية فقط كما هو متصور. بل عوامل التمثيل الغذائي تسهم في ذلك أيضاً". 

وقالت إنها تأمل أن تؤدي تلك النتائج بمرور الوقت إلى طرق علاجية جديدة تتجنب ثقافة إلقاء اللوم على المصابين وإن عليهم تجاوز هذا الأمر بإرادتهم المطلقة.

وأضافت بارك: "ندرج حاجتنا إلى علاجات أكثر فعالية لفقدان الشهية العصبي. الكثير من العمل يركز فقط على محاولة تجنب الوصول إلى مرحلة المجاعة، ولكن لا يفلح ذلك أغلب الوقت. والرسالة الأهم هي ضرورة التدخل المبكر، من البداية مباش

علامات:
تحميل المزيد