اليمن ليس حروباً ومجاعات فقط.. مهاجرة تنشر وصفات أكل يمنية بتتبيلات غربية لنشر ثقافة بلدها

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/29 الساعة 11:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/29 الساعة 20:58 بتوقيت غرينتش

كانت أمجاد حسين على وشك الانتهاء من تحضير حساء العدس، وبينما كان العدس على وشك النضج، سخَّنت رشفة من زيت الزيتون في مقلاة صغيرة، ونثرت كمية من الثوم المفروم والكزبرة، وحمَّرت الخليط الفوَّاح حتى تحوَّل الثوم إلى اللون الذهبي واقتربت الأعشاب من اللون الأسود وصارت مقرمشة. 

ووفقاً لحوار أجرته معها صحيفة The Washington Post الأمريكية، لم يسبق أن ذهبت "أمجاد" التي تعيش في أمريكا إلى اليمن، منذ أن فرَّت عائلتها في الستينيات لأسباب سياسية، لكنها تؤمن بأن اليمن معروف بثقافته وقهوته، ومن الأولى أن تتحدث عنها بدلاً من الحروب والمجاعات.

في الخريف الماضي، نشرت "أمجاد" بجهودها الذاتية كتاب Sifratna: Recipes From Our Yemeni Kitchen (سفرتنا: وصفات من مطبخنا اليمني)، ليكون طريقة لمشاركة الوصفات من المطبخ اليمني.

ونظراً إلى أن قليلاً جداً من الكتب يركز على الطبخ اليمني فقط، يفتح كتاب Sifratna نافذة على جانب من جوانب البلد الجميل الذي لا يحظى إلا بقليل من الاهتمام.

يحتوي كتاب Sifratna على وجبات يمنية كلاسيكية، ويعرض الوجبات المفضلة لـ "أمجاد" والوصفات الممزوجة مع الطبخ اليمني.

المطعم اليمني بروح غربية 

تعكس الفكرة أنه برغم التقاليد التي لدى أغلب العائلات ذات الأصول المهاجرة، فإن المكونات والأساليب المحلية يمكنها أن تتداخل مع هذه التقاليد أيضاً. إذ تُتبَّل العقدة، وهي لحم بقري وعكاوي مطهوة على نار هادئة، بتتبيلة مونتريال لشرائح الستيك. وتحضر "اللحوح اليمني"، وهو خبز إسفنجي "يشبه الكريب والبان كيك"، بحفنة من خليط البان كيك، وهي حيلة تعلمتها من إحدى الخالات.

توضح "أمجاد" في كتابها، أن "المقلوبة" موجودة في كل بيت عربي، لكنها طوَّرت نوعاً مع أمها معتمداً على بواقي الدجاج في المرق المتبَّل والمسقعة.

ومن بين الحلوى التي ذكرتْها في كتابها، يمكن أن يرى القارئ "المفحوس"، وهو قِطع دافئة من الخبز المرصَّع بحبَّة البركة والمغموس بالعسل، في حين تظهر بعد صفحات قليلة "كعكة الجزر"، لأن أباها يحب كعكة الجزر جداً. 

وصفات معقدة.. 

يمتلئ المطبخ اليمني بكثير من الوجبات مثل وجبة العدس، التي تعتمد على المكونات الأساسية نفسها، والتي تصنع شيئاً معقداً عند إضافتها معاً، وتتنوع الوصفات من منطقة إلى أخرى، ومن عائلة إلى أخرى، ومن جالية إلى أخرى.

لكنهم يتشاركون في استخدام توابل معينة، من ضمنها الكزبرة والكمون والفلفل والكركم والحبّهان، وقد سافر هذا الخليط إلى أماكن كثيرة مثلما فعل اليمنيون.

في البداية، لم تكن "أمجاد" تخطط لبيع Sifratna، إذ تقول: "كنت أشعر بأنني مهما حاولت بجد، فلن يبدو شيئاً على شاكلة الكتب التي تنشرها دار نشر بارنز ونوبل (دور نشر شهيرة في أمريكا)". 

لكنها قررت قبل أشهر قليلة من نشره، أن تتبرع بأرباح أول 100 نسخة لجهود الإغاثة من المجاعة في اليمن، وتوضح: "إنني أتحدث عن الطبخ وهؤلاء الناس يتضورون جوعاً حتى الموت، لذا كان الأمر منطقياً هكذاً".

تتحدث "أمجاد" الآن مع أشخاص كانوا في اليمن، ويبدون متشوقين إلى رؤية كتاب كامل يتحدث عن وصفاتهم الشعبية وأكلهم الوطني. 

وتقول إنها تحاول العثور على كل طريق تتمكن من خلاله أن تندمج في المطبخ اليمني، إما عن طريق الوصفات أو التوثيق حتى لو كان نسلها لا يتحدث اللهجة اليمنية أو اللغة العربية بالأساس. 

وعن تشبعها بالحضارة الغربية، تقول "أمجاد": "أينما تذهب يكون ذلك جزءاً منك، فتشعر دائماً بأنك مشتت"، عندما زارت عائلتها في السعودية، كانت تتعامل كأمريكية. وفي شمال فرجينيا، حيث تربَّت هي وإخوتها الثلاثة، كانت عربية. فتوضح: "لم أعرف إطلاقاً كيف أوضح المكان الذي أنحدر منه"

والآن بعد أن صارت أخصائية نظم صحية وأستاذة مساعدة في جامعة جورجتاون، تصف "أمجاد" نفسها بالمحظوظة، لعدم تعرضها للعنصرية. لم تشر "أمجاد" إلى عمرها، لكنها تقول إنها تبلغ من العمر ما يكفي لتذكُّر أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، والمرة الوحيدة التي شعرت فيها بالتوتر بسبب هويتها كانت بعد انتخابات 2016، بعد أن بدأت تسمع حكايات محلية عن مضايقات يتعرض لها ذوو الأصول العربية. 

علامات:
تحميل المزيد