يبدأ الأمر بالرغبة في تصحيح عيب بسيط ثم يتحول إلى إدمان، ما هو إدمان الجراحات التجميلية؟

على عكس الإدمان الكيميائي للهيروين أو الكوكايين، فإن إدمان الجراحات التجميلية هو هوس عقلي يدفع الناس إلى تغيير أجسامهم باستمرار.

عربي بوست
تم النشر: 2019/06/16 الساعة 11:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/16 الساعة 11:41 بتوقيت غرينتش
إدمان الجراحات التجميلية

هل يمكن أن يُدمن شخص إجراء العمليات الجراحية؟ نعم يحدث هذا إذا كانت هذه الجراحات تجميلية، وتُحدث تعديلاً في الشكل، فالأشخاص المهووسون بأن يكون لديهم جسم "مثالي"، أو يرغبون في التشبه بشخص مشهور ينقلون الأشياء إلى مستوى آخر من خلال الجراحات التجميلية، ويصبح لديهم هوس عقلي يدفعهم إلى التغيير في شكلهم باستمرار، سنتعرف هنا على إدمان الجراحات التجميلية، والأسباب التي تقف وراء حدوث هذا الإدمان.

ما هو إدمان الجراحات التجميلية؟

على عكس الإدمان الكيميائي للهيروين أو الكوكايين، فإن إدمان الجراحات التجميلية هو هوس عقلي يدفع الناس إلى تغيير أجسامهم باستمرار.

يحدث إدمان الجراحات التجميلية بسبب انعدام الشعور بالثقة والأمان، وهوس تحقيق تصور غير صحي ولا صحيح حول الجمال، يمكن لمعظم الناس الخضوع لعملية جراحية واحدة وتحقيق الشعور بالرضا والابتعاد، لكن هذا لا يحدث في بعض الحالات فيتحوَّل الأمر إلى هوس بتعديل الجسم.

يتم تدريب جرَّاحي التجميل على تنفيذ الإجراءات التي تصحح التشوهات الجسدية، وتلك التي تهدف فقط إلى تحسين مظهر المريض، لكن هناك مهارة أخرى يجب أن يتمتع بها الجراحون التجميليون، وهي: القدرة على تحديد مرضى جراحة التجميل الذين لا يرضون أبداً عن أنفسهم ويرغبون في إجراء جراحات تجميلية بشكل دائم لتعديل شكلهم، لأن هناك من قد يُصاب بإدمان الجراحة التجميلية.

يُشجعهم على ذلك أن هناك عدد قليل من اللوائح المعمول بها للحدّ من عدد عمليات الجراحات التجميلية التي يمكن أن يقوم بها أي شخص، مما يجعل بإمكان هؤلاء المُدمنون على هذا الأمر أن يخضعوا لـ 100 عملية جراحية ولن يكون ذلك كافياً لهم، تماماً مثلما لا يستطيع المدمن أن يسيطر على استهلاكه للمخدرات أو أن تكون كمية مُحددة كافية بالنسبة له.

اضطراب التشوه الجسمي كجذر لإدمان جراحة التجميل

هل يمكن أن تصبح مدمناً للجراحة؟ إنها مسألة نفسية أكثر من إدمان جسدي، كما يوضح كانيس إ. كريراند، عالم نفسي في قسم الجراحة التجميلية في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا.

والمشكلة النفسية الأساسية لها اسم: اضطراب تشوه الجسم، أو مرض BDD، وهو اضطراب عقلي لا يمكنك فيه التوقف عن التفكير في واحد أو أكثر من العلل أو العيوب الملحوظة في مظهرك، قد يكون عيباً بسيطاً أو غير ملحوظ بالنسبة للآخرين، لكنك قد تشعر بالخجل والقلق، بحيث قد تتجنب العديد من المواقف الاجتماعية.

وهذه الحالة يمكن أن تؤدي إلى إدمان الجراحة التجميلية، فقد يكون الشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية BDD منشغلاً بعيب بسيط، أو حتى مُتخيل، وعادةً ما يكون في الوجه، فيصبح التركيز على هذا العيب هوساً ويعرقل بشكل خطير الأنشطة والمسؤوليات اليومية، وتشير إحدى الدراسات إلى أن ما يصل إلى ثلث مرضى جراحات تجميل شكل الأنف لديهم أعراض BDD.

قد يقضي الأشخاص الذين يعانون من اضطراب التشوه الجسمي ساعات كل يوم في محاولة لإخفاء ملامحهم البدنية المزعجة بالماكياج أو الملابس أو الملحقات، وحتى تجربة نوع من جراحات التجميل، من غير المُرجح أن يكون مرضى هذا الاضطراب راضين عن نتائج الجراحة التجميلية، كما يكون هؤلاء الأشخاص لديهم معدلات محاولة انتحار مرتفعة بشكل غير عادي.

أعراض اضطراب تشوه الجسم

قد تشمل علامات وأعراض اضطراب تشوه الجسم ما يلي:

– الانشغال الشديد بالعيوب المُتصورة في المظهر التي لا يمكن للآخرين رؤيتها أو تظهر بشكل طفيف.

– الاعتقاد القوي بأن لديك عيباً في مظهرك يجعلك قبيحاً أو مشوهاً.

– الاعتقاد بأن الآخرين يلاحظون مظهرك ملاحظة خاصة بطريقة سلبية أو يسخرون منك.

– الانخراط في السلوكيات التي تهدف إلى إصلاح أو إخفاء الخلل المتصوَّر الذي يصعب مقاومته أو التحكم فيه، مثل فحص المرآة بشكل مرضي أو استخدام الماكياج بشكل مُبالغ فيه.

–  استمرار مقارنة مظهرك بمظهر الآخرين.

– السعي دائماً إلى الاطمئنان على مظهرك من الآخرين.

– الرغبة المستمرة في الخضوع لإجراءات تجميلية وعدم الرضا بالنتائج التي يتم تحقيقها.

–  تجنب التجمعات والمواقف الاجتماعية.

– القلق بسبب المظهر، الأمر الذي يسبب مُشكلات ومعاناة كبيرة في الحياة الاجتماعية أو العمل أو المدرسة أو أي مجالات أخرى.

قد يصبح المريض مهووساً بجزء واحد أو أكثر من جسده، وقد تتغير السمة الجسدية التي يُركز عليها مع الوقت، وتشمل أكثر السمات الجسدية شيوعاً في الاستحواذ على مرضى هذا الاضطراب ما يلي:

  • الوجه، كالأنف ولون البشرة والتجاعيد وحب الشباب وعيوب أخرى.
  • شكل الشعر وخفته والصلع.
  • مظهر الجلد والأوردة.
  • حجم الثدي.
  • حجم العضلات.
  • الأعضاء التناسلية.

يبدأ اضطراب تشوّه الجسم عادةً في بداية سنوات المراهقة، ويؤثر على الذكور والإناث على حدّ سواء، ويصبح الذكور بشكل خاص مهووسين بما إذا كانت هيئة الجسم صغيرة جداً، أو عدم وجود ما يكفي من العضلات (شذوذ البنية العضلية).

يتسبب هذا الاضطراب في حدوث بعض المُضاعفات، مثل: الاكتئاب الشديد أو الاضطرابات المزاجية الأخرى، وأفكار أو سلوكيات انتحارية، واضطرابات القلق، والمشاكل الصحية الناتجة عن السلوكيات الخاطئة التي يُسببها هذا الاضطراب، واضطراب الوسواس القهري، واضطرابات الأكل، وتعاطي المواد المخدرة.

أسباب اضطراب تشوه الجسم

يعتبر سبب الإصابة باضطراب تشوه الجسم غير معروف، مثل العديد من الأمراض النفسية الأخرى، قد ينتج اضطراب تشوه الجسم عن مجموعة من الأسباب، مثل:

اختلافات الدماغ: فقد تلعب تشوهات بنية الدماغ أو كيمياء الأعصاب دوراً في التسبب في اضطراب تشوه الجسم.

الجينات: تُبيّن بعض الدراسات أن اضطراب تشوه الجسم أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعاني أقرباؤهم بالدم أيضاً من تلك الحالة أو اضطراب الوسواس القهري.

البيئة: فقد تسهم بيئتك، وخبراتك الحياتية، وثقافتك في اضطراب تشوه الجسم خاصة إذا تضمنت تقييمات اجتماعية سلبية حول جسمك أو صورتك الذاتية، أو حتى الإهمال أو إساءة المعاملة في مرحلة الطفولة.

علاج اضطراب تشوه الجسم

غالباً ما يشمل علاج اضطراب تشوه الجسم مزيجاً من العلاج السلوكي المعرفي والأدوية.

العلاج السلوكي المعرفي

يركز العلاج السلوكي المعرفي لاضطراب تشوه الجسم على:

  • مساعدتك في معرفة مدى تأثير الأفكار السلبية في استمرار المشكلات وتفاقمها بمرور الوقت.
  • تحدي الأفكار السلبية التلقائية التي تتعلق بصورة جسمك وتعلم طريقة تفكير أكثر مرونة وواقعية.
  • معرفة طرق بديلة للتعامل مع الرغبات أو الطقوس من أجل المساعدة في تقليل فحص المرآة أو طلب الطمأنة.
  • تعليمك سلوكيات أخرى لتحسين الصحة العقلية.

يمكن أن تتحدث مع المعالج حول أهدافك من وراء المعالجة ووضع خطة علاج مخصصة للتعلم وزيادة مهارات التكيف.

الأدوية

بالرغم من عدم وجود أدوية معتمدة خصيصاً من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لعلاج اضطراب تشوه الجسم، فإن الأدوية المستخدمة لعلاج حالات مرضية أخرى، مثل الاكتئاب، يمكن أن تكون فعالة.

كيف يحدد الطبيب ما إذا كان اضطراب التشوه الجسمي وراء إدمان جراحة التجميل؟

إلى جانب كون المرضى يكونون غير راضين عن النتائج الجراحية، فإن مرضى BDD قد تكون لديهم توقعات غير واقعية للغاية بشأن الجراحة، معتقدين أنها ستؤدي إلى علاقة أفضل أو وظيفة ذات رواتب أعلى، ورغم كونهم غير راضين عن النتائج إلا أنهم قد يدركون فجأة أن هناك ميزة أخرى يمكن تحقيقها من خلال إجراء عمليات جراحية إضافية.

دور الجراح التجميلي في إدمان جراحات التجميل

نعم، قد يكون للجراح دور في إدمان العمليات الجراحية التجميلية، فمبدئياً يجب أن يحاول جراح التجميل تحديد هوية المريض المصاب بهذه الحالة قبل الموافقة على إجراء العملية الجراحية، فالأشخاص الذين يعانون من اضطراب التشوه الجسدي في الجسم يضعون قدراً مُبالغاً فيه من التركيز على مظهرهم البدني، ويبنون عليه الكثير من الآمال مثل تحسن علاقاتهم أوضاعهم العائلية والمهنية وحتى تطورهم الفكري والسلوكي.

العمليات الجراحية التجميلية هي دائماً إجراءات اختيارية، لذلك يتحمل جراح التجميل مسؤولية أخلاقية عن تقييم المخاطر والفوائد المُحتملة للجراحة.

لاستبعاد BDD، يجب على جراح التجميل إجراء مقابلة مع المريض لمحاولة فهم وجهة نظره، قد يسأل الجراح عن أشياء مثل: كم يزعجك الخلل الذي تريد تصحيحه؟ كم مرة تفكر في ذلك؟ هل أُجريت لك أي عملية جراحية سابقة لتصحيح هذا الخلل؟ فقد تشير عملية التكرار إلى خلل معين وإلى وجود اضطراب BDD.

تحميل المزيد