كيف يمكن للمنشطات ومكملات هرمون التستوستيرون تقليل الخصوبة عند الرجال

تتنوع هذه المنتجات بين العقاقير أو المكمِّلات الهرمونية للمساعدة في نموِّ العضلات، أو زيادة مستويات الطاقة، أو تحسين الغريزة الجنسية.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/13 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/13 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
كيف يمكن للمنشطات ومكملات هرمون التستوستيرون تقليل الخصوبة عند الرجال

بدايةً بإعلانات الملابس الداخلية التي يظهر فيها عارضو أزياءٍ يافعون مفتولو العضلات، وانتهاءً بآخر أفلام الأبطال الخارقين من بطولة ممثِّلٍ لم يكن ذا بنيةٍ قويةٍ إلا حديثاً، يمكن أن يكون الضغط هائلاً على الرجال لكي يتمتعوا بمظهرٍ معينٍ، أو الوصول إلى مستوى محدَّدٍ من اللياقة.

ولأولئك الذين قد يشعرون بأنهم لم يصلوا إلى (أو لم يعودوا في) أوج مستوياتهم، هناك الكثير من المنتجات المسوَّق لها باعتبارها وسيلةً لمساعدتهم في بلوغ ذلك الهدف. وتتنوع منتجات مكملات هرمون التستوستيرون بين العقاقير أو المكمِّلات الهرمونية للمساعدة في نموِّ العضلات، أو زيادة مستويات الطاقة، أو تحسين الغريزة الجنسية.

لكن ما لا يعرفه بعض الرجال هو أن العديد من هذه المكملات الكيماوية والهرمونية قد تُزيد كذلك من نسبة العُقم لديهم، بحسب ما نشره موقع Health Line الأمريكي.

الرابط بين التيستوستيرون والعقم

على حدِّ قول الدكتور براين ليفين، الشريك المؤسس ومدير الممارسات لعيادة CCRM New York، فإن "تعاطي التسوستيرون يكاد يكون وسيلةً لمنع الحمل لدى الرجال".

وكما أوردت شبكة BBC ووسائل إعلامية أخرى في تقاريرها، فإن استخدام التسوستيرون أو المنشطات البنائية لزيادة الكتلة العضلية التي تجعل الرجل يبدو أكثر خصوبةً، يزيد في الواقع من احتمال إصابته بالعقم، تُعرَف الآن باسم مفارقة موسمان-بيسي، المسماة على اسم الباحثَين اللذَين وصفاها للمرة الأولى.

وتحمل هذه المفارقة تناقضاً بين نقطتَين مختلفتَين من بحث الرجل عن زوجةٍ: المكاسب قصيرة المدى لتحلِّيه بمظهرٍ أكثر جاذبيةً للنساء، بينما يعرِّض نفسه لمخاطر بعيدة المدى على قدرته التناسلية.

ونخصُّ بالذكر هنا نوع المنشطات المستخدَمة لتنمية العضلات إلى حجمٍ يقارب حجم عضلات الأسطورة الإغريقية هرقل، ولكن من المهم أيضاً أن ننوِّه إلى الجرعات اليومية الصغيرة للمنتجات الهادفة لزيادة الطاقة وتحسين الغريزة الجنسية.

تقول الدكتورة كاثرين ماكنايت، المختصَّة بعلم الغدد التناسلية والعقم في مستشفى Houston Methodist وعيادة CCRM بمدينة هيوستن الأمريكية، إنها ترى أعداداً وفيرةً من الأزواج الذين يعانون من العقم الذكوري، لا لسببٍ آخر سوى تعاطي هرمون التستوستيرون، إذ إن الجرعات العالية تقلِّل بنسبةٍ كبيرةٍ من عدد الحيوانات المنوية عند الرجل.

العبث في مستويات التستوستيرون

وصرَّحت في حديثٍ لها مع موقع Healthline قائلةً: "هناك تركيزٌ كبيرٌ في مجال الصحة الذكورية اليوم على مكافحة الإجهاد وزيادة الطاقة والغريزة الجنسية، وللأسف تُستخدَم الأدوية الهرمونية، لاسيما التستوستيرون ومشتقَّاته في علاج هذه الأعراض".

وفيما يمكن التخلُّص من آثار هذه الأدوية التي تزيد من التستوستيرون، يحذِّر الخبراء من أي شيءٍ يعبث بمستويات التستوستيرون في جسدك، موضِّحين أن عليك تجنُّبها لأن جسدك قد يكوِّن مناعةً ضدَّها.

ببساطةٍ، كلما استشعر المخُّ مزيداً من التسوستيرون في الدم، قلَّل من إشاراته للخصيَتَين بإفرازه وحدهما.

بول جينكنز هو مدرِّب رياضي ومؤسِّس شركة المكمِّلات DNA Lean، وله باعٌ طويلٌ يمتدُّ إلى عقدين في العمل مع الرياضيين، سواء من الهواة أو محترفي مسابقات كمال الأجسام، "الذين تناولوا جميعهم المنشطات".

ومن الآثار الجانبية الأخرى لتعاطي التسوستيرون الصلع، ولهذا يحلق كثيرٌ من لاعبي كمال الأجسام رؤوسهم.

ويضيف جينكنز أن التسوستيرون الخارجي حينما يدخل جسد الرجل فهو يخلُّ بالدورة الطبيعية للجسد، مما يؤدِّي إلى توقُّف الخصيتين عن إفراز التسوستيرون الطبيعي، وينتج عن ذلك ضمورٌ في الخصيتين.

ونقل موقع Healthline عن جينكز قوله: "يمكنكم أن تتصوَّروا أن الخصيتين المتقلصتَين تعانيان بنسبةٍ كبيرةٍ من العقم، وحين يتوقف تناول التسوستيرون، تتوقف الخصيتان عن العمل، وتهبط مستويات التسوستيرون في الجسد، ويؤدي هذا إلى ضعف الانتصاب والعقم، إلى جانب العديد من الأعراض الأخرى".

والجانب الأسوأ أن الصلع لا يزول حتى بعد الامتناع عن تناول المنشِّطات.

ما عليك وضعه في اعتبارك قبل تناول مكملات هرمون التسوستيرون

إلى جانب الآثار قصيرة المدى -التي قد تصبح طويلة المدى- على الأداء الجنسي، لم يتوصَّل الباحثون بعد إلى معرفة الآثار الإضافية التي قد يسبِّبها تغيُّر مستويات التسوستيرون على الجسد، مثل تنظيم صحة القلب والعظام.

وينصح ليفين المرضى المحتمَلين بمراجعة جميع حالاتهم المرضية مع أطبائهم، إذ إن هذه الأدوية والمكملات قد تؤثِّر في أعضاء أخرى غير الأعضاء التناسلية، كالكبد أو الكليتَين، إلى جانب تفاعلاتها الخطيرة مع الأدوية الأخرى.

واستطرد قائلاً: "حال التعرف على المخاطر، على المرضى أن يعوا أنهم قد يعانون من مشاكل في الأداء الجنسي، وزيادة الوزن أو نقصانه، والعقم".

لكن يحذِّر الخبراء أيضاً من الدعاية المصاحبة لهذه المكملات والأدوية، إذ إن تساقط الشعر وتناقص الغريزة الجنسية والطاقة هي جزءٌ طبيعيٌّ من كبر السن، تجدر مكافحتها بالأنظمة الغذائية الصحية وممارسة الرياضة والنوم لفتراتٍ كافيةٍ.

وتروِّج وسائل الإعلام ذكورية الطابع لبعض هذه المنتجات برسائل مستفيضةٍ، تلتزم بالأنماط الذكورية التقليدية. ويقول الخبراء إن هذا النوع من تدفُّق الرسائل الدعائية قد يكون له أثرٌ بعيد المدى البعيد في صحة الذكور المتابعين لوسائل الإعلام وعافيتهم.

وقالت الدكتورة كاثرين: "ترسِّخ هذه الشخصيات الإعلامية فكراً تقليدياً بين الرجال بأن القوة والرجولة رهنٌ بالشعور الذاتي للرجل، وغالباً ما يدفع هذا الرجال نحو أدوية تساقط الشعر، وتراجع الغريزة الجنسية، والإرهاق، وتناقص الكتلة العضلية".

ويمكن لهذا أن يكون غير صحيٍّ.

زيادة معدلات العقم عند الرجال

صدرت تقارير عديدةٌ في السنوات الأخيرة عن تراجع الخصوبة عند الذكور، حتى إن إحدى المقالات التي نشرتها مجلة GQ لمَّحت إلى أن البشر في طريقهم إلى التهديد بانقراض سلالتهم.

وصدر في عام 2017 مراجعةٌ للدراسات المنشورة في دورية Human Reproduction Update تتناول الدراسات المتاحة عن أعداد الحيوانات المنوية لدى الرجال في أمريكا الشمالية وأوروبا وأستراليا، ووجدت أنها قد انخفضت بنسبةٍ تزيد عن 52.4% منذ عام 1973 حتى 2011 "ولا يوجد دليل على امتناعها عن الانخفاض في السنوات الأخيرة".

وخَلُص الباحثون إلى أن "هذه النتائج توحي بقوةٍ بتراجعٍ حادٍّ في الصحة التناسلية لدى الرجال، مما يكون له توابع خطيرةٌ تتعدَّى مسألة الخصوبة".

ومع أن من المحال الوقوف على عاملٍ واحدٍ يسهم في زيادة العقم عند الرجال، يقترح بعض الخبراء مثل ليفين ألّا زيادة بها، وإنما تحسَّنت قدرة الخبراء الآن على تشخيصها وتصنيفها.

إذ قال: "ارتفعت كثيراً حساسيتنا نحو الحالات الشاذة، وزاد كثيراً حرصنا على معالجة الأعداد غير الطبيعية بوسائل علاجيةٍ مثل التلقيح و(الإخصاب في المختبرات)".

استشِر طبيبك

وترى كاثرين ماكنايت، أن ارتفاع معدلات العقم عند الذكور هو ناتج عدة عوامل، منها المَيل الحديث للناس نحو إرجاء محاولات الإنجاب حتى سنٍّ متأخرةٍ.

وصرَّحت قائلةً: "تنخفض جودة الحيوانات المنوية مع تقدُّم السن، مع أن أعدادها قد تظلُّ كما هي دون تغيير".

ثم إن هناك بالطبع زيادة في الإقبال على تناول مكملات التسوستيرون والعقاقير الأخرى المعدِّلة للهرمونات، التي تقول كاثرين إنها قد أسهمت في انخفاض الخصوبة عند الذكور.

وفي هيوستن، حيث تعمل كاثرين -كما في جميع أنحاء الولايات المتحدة- تنتشر الإعلانات على المحطات الإذاعية واللوحات الإعلانية، التي تعد الرجال بمزيدٍ من الطاقة وزيادة الكتلة العضلية.

وأوضحت أنه "للأسف، لا يملك المستهلك معرفةً كاملةً بالمخاطر التناسلية الناتجة عن بعض هذه الأدوية".

قبل تناول أي مكمِّلٍ أو عقارٍ يعد بزيادة الطاقة أو تحسين الغريزة الجنسية أو الكتلة العضلية، استشر طبيبك لكي تحرص على معرفتك بالمخاطر التناسلية المقترنة بتناولها. ويمكنك الاستعانة بالخيارات الطبيعية المتاحة لديك، والأكثر أماناً، لمساعدتك في تحقيق أهدافك بطريقةٍ أكثر صحيةً.

علامات:
تحميل المزيد