يتعرض عدد كبير من المستثمرين في العملات المشفرة إلى الاحتيال عبر الإنترنت ولسرقة مبالغ ضخمة من الأموال منهم.
خسارة 1.7 مليار دولار نتيجة الاحتيال عبر الإنترنت في 2018 فقط!
وحسب موقع The Conversation الأسترالي، وصلت الخسائر الناتجة عن جرائم العملات المشفرة إلى 1.7 مليار دولار في عام 2018.
إذ يستخدم المجرمون الطرق القديمة والتكنولوجيا الحديثة للاستيلاء على أموال أهدافهم بمخططاتٍ تعتمد على العملات المشفرة التي تُتداول من خلال قواعد بيانات على الإنترنت تسمى شبكات البلوكتشين.
وبعد البحث في شبكات البلوكتشين، والعملات المشفرة، وجرائم الإنترنت، فإنَّ بعض محتالي العملات المشفرة يعتمدون على خدعة بونزي المجربة والحقيقية، التي تستخدم الدخل من المشاركين الجدد في دفع عوائد المستثمرين القدامى.
ويستخدم آخرون عمليات آلية معقدة للغاية، مثل البرمجيات وآلية التشغيل التي تتفاعل مع تطبيق تليغرام، وهو نظام رسائل لحظي على الإنترنت ومعروف بين المهتمين بالعملات المشفرة.
حتى عندما تكون خطة الاستثمار في العملات المشفرة شرعية، ما زال بإمكان المحتالين التلاعب بأسعارها في السوق.
لكن يظهر لنا سؤالٌ أهم: كيف يُستَدرج المستثمرون إلى عمليات احتيال العملات المشفرة من الأساس؟
المحتالون سريعو الكلام
يراهن بعض محتالي العملات المشفرة على جشع الناس، ويعدونهم بعوائد كبيرة.
مثلاً، تدير مجموعة مجهولة من رواد الأعمال التطبيق الآلي iCenter، وهو عبارة عن تطبيق لتداول عملات البتكوين واللايتكوين يقوم على خدعة بونزي.
فهو لا يقدم للمستثمر أي معلومات عن استراتيجيات الاستثمار، لكنَّه يعد بطريقة ما بنسبة عوائد 1.2% يومياً.
يعمل مشروع iCenter الوهمي من خلال محادثة جماعية على تليغرام، ويبدأ بمجموعة صغيرة من المحتالين على دراية بالخدعة.
ويحصلون على كود إحالة يشاركونه مع الآخرين في المدونات وعلى الشبكات الاجتماعية، أملاً في جذب المزيد للاشتراك في المحادثة.
وعندما يدخل الوافدون الجدد، يجدون الرسائل المشجعة والمثيرة من المحتالين الأصليين يقرر بعض الجدد الاستثمار، وعند وقتٍ معين، يحصلون على محفظة بتكوين فردية، يمكنهم إيداع البيتكوين فيها.
ثم يوافقون على الانتظار لفترةٍ من الوقت من 90 إلى 120 يوماً، حتى يتلقون عائداً كبيراً.
وفي هذه الفترة، ينشر الجدد عادةً كود الإحالة على الشبكات الاجتماعية مع الأصدقاء وجهات الاتصال، مما يجلب المزيد من الأشخاص إلى المحادثة الجماعية، وبالتالي في مشروع الاستثمار الوهمي.
لا يوجد أي استثمار حقيقي للأموال في أي عمل قانوني. لكن عندما يدخل أشخاص جدد، يحصل من جاء بهم على نسبة من التمويل الجديد، وتستمر الدورة، ويدفعون الأرباح للمشاركين القدامى من وراء المستثمرين الجدد.
يعمل بعض الأعضاء لجلب المزيد من الأموال الجديدة، وينشرون مقاطع فيديو توضيحية لأنفسهم وصوراً وهم يمسكون بمبالغ ضخمة لإغراء المشاهدين بالانضمام للمشروع الوهمي.
كذب ثم كذب.. ثم المزيد من الكذب
يتجه بعض المحتالين إلى الخداع المباشر؛ إذ تمكن مؤسسو مشروع OneCoin الوهمي للعملات المشفرة من الاحتيال على المستثمرين وسرقة مبلغ 3.8 مليار دولار، عن طريق إقناع الناس بأنَّ عملاتهم المشفرة غير الموجودة حقيقية فعلاً.
تعتمد عمليات احتيال أخرى على اللغة الرنانة والمصطلحات، أو ادعاء المعرفة والتخصص.
فمثلاً ادعى محتالو شركة Global Trading بأنَّهم استغلوا الفرق في السعر بين تحويلات العملات المشفرة، ليحققوا أرباحاً من المضاربة، أي ببساطة الشراء بسعر أرخص والبيع بأسعار أغلى. لكن ما فعلوه حقاً هو أنَّهم أخذوا أموال المستثمرين.
استخدم Global Trading تطبيقاً آلياً على تليغرام أيضاً، وكان يمكن للمستثمرين أن يرسلوا استفساراً عن الرصيد، ويحصلون على ردٍ به معلومات مغلوطة عن المبلغ الموجود في حساباتهم، وفي بعض الأوقات كانوا يرون أرصدتهم تزداد بمقدار 1% في ساعة واحدة.
وبعائداتٍ مثل هذه، من يستطيع أن يلوم الناس على نشر المشروع الوهمي مع أصدقائهم وعائلاتهم وعلى الشبكات الاجتماعية؟
استغلال الأصدقاء والعائلة
عندما يبدأ المشروع الوهمي، يستمر على الأقل لفترةٍ من الزمن، من خلال الشبكات الاجتماعية.
يدخل شخص واحد بوعود العائدات الكبيرة من الاستثمار في العملات المشفرة، ثم ينشر الثقة بين الأصدقاء، وأفراد العائلة.
في بعض الأوقات، تتورط أسماء كبيرة. على سبيل المثال، تمكن الشخص المهيمن على مشروع GainBitcoin الوهمي وبعض المشاريع الأخرى في الهند من إقناع عددٍ من مشاهير بوليوود بترويج كتابه "العملات المشفرة للمبتدئين".
حتى إنَّه حاول أن يجعل من نفسه شخصيةً مشهورة نوعاً ما، بصفته "معلم عملات مشفرة"، وهو يقود جهوداً كلفت المستثمرين بين 769 مليون دولار و2 مليار دولار.
لا يعلم كل المشاهير أنَّهم متورطون. وفي منشورٍ على إحدى المدونات، نشرت iCenter مقطع فيديو ادعت فيه أنَّه تأييد من الممثل الشهير دواين جونسون، وهو ممسك بلافتة عليها شعار iCenter.
وتلاعبوا بمقاطع فيديو لجاستن تيمبرليك وكريستوفر واكن ليبدوا وكأنَّهما يمدحان iCenter.
عروض أولية احتيالية
هناك أسلوب آخر معروف للاحتيال من خلال "العرض الأولي للعملة".
وهو فرصة استثمارية شرعية محتملة، فالعرض الأولي للعملة هو في الأساس طريقة لشركات العملات المشفرة الناشئة لجمع الأموال من مستخدميها المستقبليين.
وفيها يتلقى العملاء وعوداً بخصومات على العملات المشفرة الجديدة، مقابل إرسال عملات نشطة مثل البتكوين والإيثريوم.
اتضح أنَّ الكثير من العروض الأولية للعملة هي مشاريع وهمية، دبَّر منظموها مؤامراتٍ ماكرة، حتى إنَّهم استأجروا مكاتب زائفة وأنتجوا مواد تسويقية فاخرة.
ففي عام 2017، ساعدت الضجة الكبيرة والتغطيات الإعلامية عن العملات المشفرة في تغذية موجة كبيرة من الاحتيال من خلال العروض الأولية للعملة.
وفي عام 2018، انهارت حوالي 1000 من محاولات العروض الأولية للعملة، مما كلف داعميها 100 مليون دولار على الأقل.
والكثير من هذه المشاريع لا تمتلك أية أفكارٍ أصلية، وأكثر من 15% منها نقل أفكاره من محاولاتٍ أخرى في مجال العملات المشفرة، أو حتى سرقوا الوثائق الداعمة ونسبوها لأنفسهم.
ما زال المستثمرون الذين يبحثون عن جني العائدات من المجالات التكنولوجية الجديدة مهتمين بالبلوكتشين والعملات المشفرة، لكن يجب أن يعلموا أنَّها أنظمة معقدة جديدة حتى بالنسبة لمن يروجون لها. ووقع الجدد وأنصاف الخبراء فريسةً للكثير من المشاريع الوهمية.
وفي بيئة كتلك المحيطة بسوق العملات المشفرة، يجب أن يتحلى المستثمرون بالحذر الشديد ويدرسوا المشاريع التي يستثمرون فيها، ويتأكدوا من معرفة مع من يتعاملون، وكذلك طبيعة الخطة الحقيقية لكسب المال دون خداع الآخرين.