معرفة أن طفلك يسرق يمكن أن تكون إحدى أكثر التجارب الصادمة بالنسبة لك، وفي حين أن الأطفال الأكبر سناً قد يسرقون بسبب ضغط الأقران، فقد يكون الأطفال الأصغر سناً يقومون بذلك دون أن يدركوا أن هذا فعل خاطئ أو سيئ.
ربما يتذكر العديد من البالغين مرحلةً ما في طفولتهم كانوا خلالها مذنبين بسرقة صغيرة، ربما كانت هذه السرقة لا تتجاوز لعبةً صغيرةً أو قطعة حلوى صغيرة موضوعة على طاولة متجر، والحقيقة هنا هي أن الأطفال الصغار قد لا يفهمون دائماً ما هي السرقة.
أما الأطفال الأكبر الذين يسرقون لإثبات شيء ما لأقرانهم، فإن هذه "التجربة" في خيانة الأمانة هي تجربة قصيرة الأجل على أي حال، خاصةً عندما يتم اكتشاف أمرهم والتعامل معهم بالشكل المناسب، لكن رغم هذا يجب اعتبار السرقة مشكلة خطيرة مُحتملة، خاصةً إذا حدثت خارج المنزل، يتطلب ذلك اتخاذ الإجراءات المُناسبة ومعرفة الأسباب التي دفعت طفلكِ للسرقة، واتخاذ خطوات لمنع تكرار هذا.
ما الأسباب التي تدفع الأطفال للسرقة؟
1- قد يكون من الشائع بالنسبة لأطفال ما قبل المدرسة أن يأخذوا متعلقات الآخرين، خلال هذه المرحلة قد يكونون يفتقرون إلى فهم واضح لكيفية تأثير السرقة على الآخرين، وكيف يمكن أن تكون ضارة بهم، وقد يأخذون أيضاً شيئاً من المتجر، لمجرد أنهم لا يفهمون أنه يتوجَّب عليهم شراؤه قبل الحصول عليه.
قد تكون هذه المرحلة وقتاً رائعاً لبدء تعليم طفلك معاني حول التعاطف والشعور بالآخرين، ولماذا السرقة خاطئة حتى يتعلم احترام ممتلكات الآخرين، فيكون عليك إجراء محادثات منتظمة معه حول أهمية ترك متعلقات الآخرين لأصحابها.
2- غالباً ما يكافح الأطفال في سن المدرسة الابتدائية في السيطرة على دوافعهم ورغباتهم، فقد يضعون بسرعة الشيء الذي يريدون في جيوبهم دون النظر في العواقب، لمجرد أنهم يرغبون في ذلك، علِّم طفلَك التحكم في اندفاعاتهم ورغباتهم لمنع السرقة.
3- بالنسبة لطلاب المدارس الإعدادية والثانوية يمكن أن يتعرضوا لضغوط من زملائهم بشأن الممتلكات والمُتعلقات التي بحوزة كل واحد منهم، مما يُدخلهم في منافسات قد تدفعهم للسرقة في بعض الأحيان، بهدف حيازة أشياء تجعلهم يحظون بإعجاب زملائهم.
4- وأحياناً أخرى يسرق المراهقون لأنهم يريدون الحصول على أشياء لطيفة لا يمكنهم تحمل تكاليفها، أو يخجلون من طلب ثمنها من والديهم.
5- كذلك عندما يشعر طفلك بأنه لا يحصل على ما يكفي من الاهتمام منك أو من معلمه، فقد يشعر بالحاجة إلى فعل شيء مثل السرقة لجذب انتباهك.
6- وأحياناً أخرى يسرق بعض المراهقين كوسيلة للتمرد ضد السلطة، كذلك فالسرقة قد توفر لهم الشعور بالمخاطرة والإثارة الذي قد يرغبون فيه ويحاولون الوصول إليه، لكن هذا قد يجعلهم يواجهون مشكلات قانونية إذا لم تتم معالجة السرقة بشكل فعّال.
7- يمكن أن تسهم اضطرابات السلوك أو مشاكل الصحة العقلية أيضاً في حدوث السرقة، فقد يبدأ الطفل الذي يكافح للتعامل مع طلاق والديه أو الطفل الذي يعاني من الاكتئاب في السرقة كوسيلة للتعامل مع الضغط النفسي الذي يشعرون به.
كيف يُمكنك التعامل مع الأمر إذا عرفت أن ابنك يسرق؟
بالنسبة للأطفال الذين يُظهرون نمطاً من السرقة المتكررة، يجب اتخاذ خطوات لتصحيح هذا السلوك في أقرب وقت ممكن، ولا يجب الاستهانة بالأمر لأن غالبية المجرمين البالغين بدأوا حياتهم في عالم الجريمة قبل سن المراهقة.
بصفتك أحد الوالدين، يجب أن تظلَّ هادئاً وتتصرف بطريقة مسؤولة أثناء التعامل مع هذه المشكلة، ويجب أن تعرف أيضاً أن العقوبة القاسية التي تُطبقها على الأطفال هي وسيلتك أنت لإخراج غضبك وصدمتك من الأمر، لكنها لن تكون مفيدة للأطفال في شيء.
فيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها التعامل مع مشكلة السرقة التي يواجهها طفلك:
1- لا تتهم طفلك أبداً
عليك ألا تبدأ أبداً باتهام طفلك، ولا تواجهه بتشكك فيه إلا إذا رأيت ابنك يسرق أو سمعت عنه من شخص تثق به تماماً، ففي بعض الأحيان قد يكون ابنك ضحية لاتهامات زائفة أو سوء فهم، ورغم ذلك يجب عليك على أي حال التصرف على الفور، وألَّا تنتظر الإثبات، قد لا تكون قادراً دائماً على إثبات أن طفلك قد سرق، خاصةً إذا تعلم طفلك التستر عن طريق الكذب.
2- قل بوضوح إنه فعل شيئاً خاطئاً
عندما تتأكد من فعل السرقة تماماً، ويعترف ابنك أنه أخذ هذا الشيء فعلاً، يجب أن تعلم الأطفال بعدها أن فعل السرقة غير مقبول، وأن تُخبرهم أن ما قاموا به هو عمل خاطئ، ويمكن أن يتسبب لهم في عقوبات قانونية.
3- حافظ على هدوئك
لا ترفع صوتك، ولا تستخدم انفعالك لتُعرّف ابنك أنه قام بشيء خاطئ، عليك أن تجعل ابنك يدرك خطأ تصرفه، دون أن تُجبره على القول إنه لن يسرق مرة أخرى، بدافع الخوف.
4- اطلب من ابنك إصلاح الخطأ
بعد اعتراف الطفل بالفعل عليك أن تطلب منه الاعتذار للشخص الذي سرق منه، وتقديم هدية صغيرة لهذا الشخص لإصلاح المشاعر الصعبة التي تسبب له بها، كما يجب إرجاع البضائع أو سداد الأضرار إذا تمت السرقة من متجر، قد تكون هذه تجربة مُذلة لطفلك، مما قد يساعده على الابتعاد عن السرقة تماماً بعدها.
5- سامح ابنك
على الرغم من أن فعل السرقة صادم ومؤلم، إلا أنه يجب عليك مواجهة المشكلة كوالد، يجب عليك أن تنقل إلى طفلك أنك لا تزال تحبه وتغفر له، يمكنك أن تمنح طفلك عناقاً وقُبلة، مما سيُساعده على الامتناع عن القيام بذلك مرة أخرى، إذا كان قد فعل ذلك لجذب الانتباه.
لكن عليك أن تُخبره أنك تراقب سلوكه بعد أزمة السرقة، وأنك فقدت بعض الثقة، وأنه بحاجة إلى إعادة كسب ثقتك فيه من جديد.
6- اكتشف السبب الجذري
إذا كنت ترغب في منع طفلك من السرقة، فعليك أن تصل إلى السبب الجذري الذي أثار دفعه للقيام بهذا الفعل، عليك أن تتحدث مع طفلك، وحاوِل تحديد سبب قيامه بالسرقة، وما هو الدافع، ومعرفة ما إذا كان هذا شيئاً متكرراً، لكن أثناء هذا لا تحاول أن تحرج طفلك أو تخيفه أو تسخر منه.
إذا كان أصدقاء ابنك هم السبب في وصوله لهذا الأمر، فعليك التعامل مع علاقته بهم ومناقشته.
وإذا كنت تجد صعوبة في إبعاد طفلك عن الأصدقاء الذين يبدو أن لهم تأثيراً سيئاً عليه، فساعده على الانخراط في بعض الأنشطة الرياضية أو الأنشطة التي لا تشمل هؤلاء الأطفال، فالتعامل مع جذر المشكلة أهم من التعامل مع فروعها.
7- كن على تواصل مع ابنك دائماً
قم بإيقاف تشغيل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بك لبعض الوقت، واستمتع بالتواصل عن قرب مع أطفالك، هذا سوف يساعدك على إقامة علاقات قوية معهم، وتقديم ما يكفي من الحب لهم، هذا من شأنه أن يساعد ابنك على وقف ممارسة السرقة ومناقشة احتياجاتهم لك.
8- لا تُغري أطفالك بالسرقة
عندما تعلم أن ابنك يسرق تأكد من أنك لا تقدم فرصة لإغرائه على القيام بذلك مرة أخرى، لا تجعل هناك إمكانية مباشرة وسهلة للوصول إلى النقود، ولا تجعل النقود مُبعثرة في أماكن مُختلفة من البيت.
9- تعليمه أصول الملكية
علِّم أطفالك أن هناك ما يُسمى بالملكية الخاصة، وأنه ينبغي احترامها، وعندما يكون لديك طفلان أو أكثر في المنزل، لا تتبع سياسة "جميع الألعاب للجميع"، علّم طفلك أن يطلب الإذن قبل استخدام لعبة أخيه أو أخته وإعادتها بعد اللعب، تحدث أيضاً عن القيم والأخلاق، اجعل هذا الجزء قصيراً، وليس محاضرة، فقط للتذكير.
10- قدِّر صدق ابنك وحفِّزه
إذا كان ابنك يقول الحقيقة ويتكلم بصدق، قدِّر ذلك، إذا وجد ابنك محفظتك المفقودة قدِّر جهوده. انقل رسالتك بأن ابنك فعل ما هو متوقع منه، هذا التقدير سيحفّزه أن يكون الأفضل دوماً.
11- طلب المشورة
قد تكون السرقة المُتكررة أيضاً علامة على وجود مشاكل أسرية خطيرة، أو إشارة إلى تعرض طفلك لصعوبات أخرى مثل العدوان أو الكذب أو العصيان أو تدني احترام الذات أو صعوبات التعلم، إذا كنت قلقاً من أن طفلك يعاني من مشاكل كبيرة، اطلب المساعدة والمشورة المُتخصصة.
12- حاول أن تفصل نفسك عاطفياً عن الفعل
حقيقة أن ابنك يسرق ليست فكرة سلبية حول مدى نجاحك في مهام الأبوة أو الأمومة الخاصة بك، كن مطمئناً لأن معظم الأطفال الذين يسرقون يفعلون ذلك أحياناً فقط، خلال مرحلة من طفولتهم، فعليك أن تفصل نفسك عاطفياً عن الأزمة حتى تتمكن من التعامل معها بحكمة وهدوء، شعورك بتورطك وإحساسك بالتقصير سيجعلك تكون أكثر غضباً في التعامل مع ابنك الذي ترى أنه تسبب لك بفعله هذا بهذه المشاعر السلبية.