تريد ميغان ماركل الطموحة أن تحدث فرقاً اجتماعياً وإنسانياً لن يثنيها أحد عن تنفيذه، حتى الملكة البريطانية نفسها. لكن طموحها اللامحدود يتعارض بعض الشيء مع قواعد المؤسسة البريطانية الملكية التي تسير وفق قيود عمرها آلاف السنين.
أسلوب جديد تشهده الساحة البريطانية تخطه ماركل لأول مرة، عبر اتباع نهجي الممثلة العالمية والناشطة أنجلينا جولي والمحامية البريطانية من أصل لبناني أمل كلوني.
تريد ماركل تبني قضية لتكرس حياتها من أجلها، تماماً كالنجمتين، وهي مقاربة تختلف كلياً عن درب كيت ميدلتون، ملكة بريطانيا المستقبلية.
وبينما تحضر ماركل نفسها لتلد طفلها الأول الشهر المقبل، ينتاب العالم شعور واضح بأننا نشهد تغييراً كبيراً في صورة العائلة المالكة البريطانية، وولادة أول نجماتها العالميات على أرض الواقع.
لم يؤكد قصر كينسينغتون موعد ولادتها ولكن ميغان ألمحت إلى أنه سيكون في أواخر أبريل/نيسان أو أوائل مايو/أيار)، وإلى أنها تعاني ضغطاً إضافياً يسببه تسليط وسائل الإعلام العالمية الضوء عليها في كل لحظة من لحظات حياتها.
وبالنسبة لاقتراب موعد ولادتها، فإن معدل نشاطها، بصراحة، يعد مذهلاً.
ميغان ماركل تتبع أنجلينا جولي وأمل كلوني
وهي عن قصد أو عن غير قصد، تتبع نموذجيّ أنجلينا جولي وأمل أكثر من اتباعها نموذجيّ الملكة والأميرة آن أو كيت ميدلتون.
وفي الواقع، تبدو محاولات البعض مقارنتها بكيت، التي كان يرى البعض، سواء كانوا على حق أم لا، أنها تتذرع بحملها للتهرب من واجباتها العامة المهمة، الآن أكثر سخافة من أي وقت مضى.
الصحافة البريطانية اللاذعة لم تتوان عن نشر أي خبر يتم تسريبه من القصر، إذ كشفت أن العاملين هناك أطلقوا عليها اسم "الدوقة الصعبة" واسم آخر معناه "أنا أربح" أو Me-Gain.
ونشرت صحيفة Daily Mail أن "أخلاقيات ميغان العالية في العمل" تجعل تلبية طلباتها من قبل عمال القصر صعبة.
وشكلت استقالة أكثر من مساعدة شخصية لها مثار حديث وإشاعات أخرى، إذ نُقل عنها مثلاً أنها تبدأ في إرسال بريدها الإلكتروني للعاملين من الساعة الخامسة صباحاً.
ميغان تتجاهل انتقادات الصحافة البريطانية
ولحسن الحظ لا تهتم ميغان بالانتقادات الموجهة إليها في وسائل الإعلام البريطانية (والتي هي أكثر عدائية لميغان من وسائل الإعلام العالمية) التي وصلت الآن إلى مستويات تصم الآذان.
وكانت آخر الاتهامات الموجهة إليها هي البذخ، إذ راحت الصحف الشعبية بكل سرور تفصِّل نفقات رحلة نيويورك التقريبية وقررت الآن أن الرحلة كانت عبارة عن حماقة بقيمة نصف مليون دولار.
ويقلل منتقدوها، من قبيل الخداع، من أهمية حقيقة أن دافعي الضرائب البريطانيين ليسوا مسؤولين عن أي من هذا على وجه التحديد (إذ تكفلت أمل كلوني بنفقات الطائرة، وتكفلت سيرينا وليامز بنفقات الغرف في فندق مارك) باستثناء نفقات بعض رجال الأمن التي تكون ثابتة على أي حال.
الصحافة تقسو على ميغان أكثر من كايت وبقية أفراد العائلة
على سبيل المثال، قال بيرس مورغان، الذي نصب نفسه زعيماً لمعسكر المُعادين لميغان، إنه "لا يهم ما إذا كانت دفعت مقابل أي شيء أم لم تفعل"، أو إذا "تكفلت سيرينا وليامز بنفقات الفندق"، أو إذا "تكفلت أمل كلوني بنفقة الرحلات".
وقال إن "الشيء الأساسي بخصوص العائلة المالكة يجري التهوين من أمره. نعلم جميعاً أنهم أفراد من العائلة المالكة، وأنهم أثرياء للغاية. لكن القاعدة المطلقة الأولى هي ألا تُقحموا الشعب البريطاني في ثروتكم".
وبالطبع، يستند هذا إلى تعطيل أفراد الجمهور لقدراتهم الانتقادية: يتمتع أفراد العائلة المالكة بثراء فاحش، ويعيشون حياة مترفة مليئة بالرفاهية في القصور. والشعب البريطاني يرى هذا يومياً.
ورداً على هذا الهجوم تتساءل صحيفة Daily Beast الأمريكية: "أليس من الغريب أننا لم نشهد هذا المستوى من الغضب الإعلامي الشامل عندما تملّلك الأمير تشارلز القطار الملكي بصورة لا محدودة، بتكلفة تقدر بحوالي 53 ألف دولار في المرة، لاستخدامه في رحلات ليلية يمكن بسهولة إنجازها بالسيارة"؟
وأضافت: "لا ترى منتقدين يعبرون عن غضبهم إزاء أن الملكة لا يتعين عليها دفع ضريبة الميراث مثل أي شخص آخر في المملكة المتحدة (وهو إعفاء يكشف حقاً أن تكلفة رحلة إلى نيويورك كانت لا شيء). ولم نر تفصيلاً لـ"تكلفة" إرسال بضعة رجال أمن مع كيت ووليام وأبنائهما في رحلة تزلج خيالية أثناء عطلة نصف العام".
لكن ميغان لا تبالي وتعيّن مؤيدين لها
ولكن يبدو أن القواعد نفسها لا تسري على ميغان. فحين يتعلق الأمر بها، تنطلق الألسنة دون قيود، ويبدأ الجميع في مهاجمتها.
ومن الواضح أنها لا تبالي كثيراً.
ومما يثير قلق البعض، وسعادة آخرين، أن ميغان لن تطبق فمها ويُسكتها ما اعتادت ديانا أن تسميهم "ذوو الزي الرمادي" في القصر، أو المتآمرون التابعون لهم في وسائل الإعلام.
وفيما بدا واضحاً أنها لا تحب المكتب الإعلامي الرسمي في قصر كنسينغتون (لم يصحبها مسؤول صحفي من فريق قصر كنسينغتون في رحلتها إلى نيويورك)، فهي تعمل على تعزيز دائرة قوية من المؤيدين والمستشارين تتسع باستمرار (وخصوصاً محامية حقوق الإنسان أمل كلوني، التي وصلت خلال عاصفة ثلجية إلى فندق مارك لحضور حفل استقبال طفل ميغان وهي ترتدي بذلة حمراء (جمبسوت) وحذاءً ذهبياً بكعب عال).
الملكة لا تحبذ استعراض الثروة علناً
وقد أدت محاولة تخيل كيف كان سيكون رد فعل العائلة المالكة ككل على صور حفل استقبال المولود (وهي ممارسة غير شائعة في المملكة المتحدة، ولكن هذا قد يتغير الآن) إلى شعور بعض المعلقين بحالة من الاستمتاع.
وفي حين أن مورغان وأمثاله محقون في أن صاحبة الجلالة لا تحب استعراض الثروة علناً (على الرغم من حقيقة أنها أغنى امرأة في المملكة المتحدة على الإطلاق)، فإن فكرة أنها ستنزعج من بعض الصور الصحفية تبدو مستبعدة، عندما تفكر فيما حصلت عليه عائلتها في العقود القليلة الماضية فقط.
إن أفراد العائلة المالكة ومستشاريهم خبراء في اختيار وضعيات التصوير بعناية وتنظيم الفعاليات لإظهار أنفسهم في أفضل صورة.
وميغان مصرة على صورتها ويبدو أنها لن تسكت
وإذا كان ظهور ميغان ماركل كنجمة تسافر إلى دول مختلفة وتدعم حقوق الإنسان، فمن المؤكد أن هذا يوضح كيف أنها تمكنت من التعايش مع البيئة الموحلة المعقدة المحيطة بالحياة الأرستقراطية البريطانية بالقدر نفسه من الصلابة الذي كانت عليه العام الماضي.
تُبدي ميغان ماركل بوضوح أنها ترفض الخضوع لإرادة العائلة المالكة البريطانية.
إنها لن تطبق فمها ولن تقف ساكنة. ستبدي ضيقها وستتحدث بوضوح.
وسوف تصر على حقها في إبداء رأيها بشأن الظلم والعنصرية المؤسسية البريطانية وتهميش النساء والفتيات.
وقد تستفيد من الطائرات الخاصة التي تمتكلها زميلاتها بين الفينة والأخرى لتفعل هذا كله.
وترحب باعتراض أي شخص لا يروق له ذلك. إذ لدى ميغان طريقتها الخاصة في تجاهل الاعتراضات والانتقادات.