تراجع سهم شركة "جونسون آند جونسون" بنسبة 11% في جلسة التداول بالبورصة، أمس الجمعة 14 ديسمبر/كانون الأول، وهو ما سيتسبب في تداعيات للمستثمرين، وذلك بعد تقرير لوكالة رويترز ذكر أن الشركة علمت منذ عقود أن مادة الأسبستوس كانت موجودة أحياناً في بودرة الأطفال.
تراجع الأسهم تسبب في خسارة مقدارها 45 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة.
وكانت Bloomberg News أوضحت في سبتمبر/أيلول 2017 أن الوثائق السرية التي قدمت خلال دعوى قضائية، أوضحت أن "جونسون آند جونسون" عرفت منذ عقود أن منتجاتها من بودرة التلك تحتوي على ألياف الأسبستوس، وأن التعرّض لتلك الألياف يمكن أن يسبب سرطان المبيض.
وكانت المرة السابقة التي انخفضت فيها أسهم الشركة نفسها، ومقرّها نيوجيرسي الأميركية، كانت في شهر فبراير/شباط 2018، بعد أن قام المتداولون بتداول مدونة تركز على المخاوف بشأن ما يمكن كشفه خلال القضية المرفوعة. وانخفضت الأسهم بنسبة تصل إلى 11% أيضاً ذلك اليوم، ما جعل الشركة تحت ضغط شديد وسط مخاوف ضخمة.
القضاء يدين الشركة
وكانت هيئة محلّفين في ولاية ميسوري الأميركية أمرت شركة "جونسون آند جونسون" بدفع تعويضات، قدرها 4.69 مليار دولار، لـ22 سيدة أصبن بسرطان المبيض بعد استخدام منتجات للشركة، تحتوي مادة "التلك"، ومن بينها بودرة الأطفال.
الحكم الصادر بحق "جونسون آند جونسون" هو الأكبر منذ ظهور مزاعم حول تسبُّب منتجات للشركة في الإصابة بالسرطان، في حين وصفت الشركة القرار بأنه "جائر" وقالت إنها ستطعن عليه.
وتواجه الشركة نحو 9 آلاف دعوى قضائية تتعلق جميعها بمادة "التلك". وتنفي الشركة أن منتجاتها المكونة من تلك المادة تسبب السرطان، أو أن تكون قد احتوت على مادة الأسبستوس أو الحرير الصخري.
وكان خبراء ذكروا يوم الجمعة أن الشركة قد تضطر إلى دفع ما يقارب 6.5 مليار دولار إذا تضاعف عدد حالات الإصابات الحالي.
ما هي مادة الأسبستوس؟
الأسبستوس هو مجموعة معادن، تتألف من ألياف يتم استخراجها من مناجم خاصة، وهي مواد غير عضوية تحتوي على العديد من المعادن الطبيعية التي يدخل في تركيبها أملاح السيليكات، إلا أنها تختلف عن بعضها في التركيب الكيميائي والخواص الطبيعية لاختلاف كميات الماغنسيوم والحديد والصوديوم والأوكسجين والهيدروجين فيها.
ويستخدم الأسبستوس في مجال البناء وتسقيف المنازل والعوازل الداخلية والخارجية وأنابيب صرف المياه والأدخنة والتهوية، وتعتبر صناعة الإسمنت الأسبستي من أكثر الصناعات استهلاكاً لهذه المادة، إذ تصل نسبتها إلى 85%. وتدخل ألياف الأسبستوس في صناعة أغلفة الأبواب المقاومة للحريق والخزائن الفولاذية، كما تستخدم في صناعة الملابس الواقية من الحريق وكوابح السيارات وبعض أجزاء السيارات وكذلك كمادة عازلة للكابلات والأسلاك واللوحات الكهربائية.
الطريقة الأكثر شيوعاً لألياف الأسبستوس لدخول الجسم هي من خلال التنفس. في الواقع، لا تعتبر المواد المحتوية على الأسبستوس ضارة بشكل عام إلا إذا كانت تطلق الغبار أو الألياف في الهواء وبالتالي يمكن استنشاقها أو ابتلاعها، وهو ما يحدث بسهولة مع بودرة التلك.
تصبح العديد من هذه الألياف محصورة في الأغشية المخاطية للأنف والحنجرة، حيث يمكن إزالتها بعد ذلك، ولكن البعض قد ينتقل إلى عمق الرئتين، أو إذا ابتلعها الإنسان، فتنزل إلى الجهاز الهضمي. بمجرد أن يتم تدخل للجسم يمكن لهذه الألياف التسبب في مشاكل صحية.
الأسبستوس يكون أكثر خطورة عندما يكون قابلاً للتفتيت، ويقصد به أن الأسبستوس يمكن أن يتفتت بسهولة عند حكه باليد، ما يؤدي إلى إطلاق الألياف في الهواء وتصبح قابلة للاستنشاق. فمثلاً استخدام الأسبستوس بطريقة الرش في العوازل أمر خطير، بينما بلاط الأرضية المصنوع من الأسبستوس ليس كذلك.
إن الأسقف المحتوية على الأسبستوس وبلاط الأرضيات وأبواب الخزانات المختبرية غير المتضررة وأبواب الحرائق وألواح القفل، وما إلى ذلك، لن تحرر ألياف الأسبستوس ما لم يتم إزعاجها أو تلفها بطريقة ما.
وما مخاطر الأسبستوس؟
لأنه من الصعب للغاية على الجسم تدمير ألياف الأسبستوس داخلياً، فإنه يصعب إزالتها بمجرد دخولها إلى أنسجة الرئة أو الجسم. وبالتالي تسبب المرض.
هناك ثلاثة أمراض أساسية مرتبطة بالتعرض للاسبستوس:
تليف الرئتين الأسبستي Asbestosis
هو مرض تنفسي خطير مزمن وغير سرطاني. ألياف الأسبست المستنشقة تؤدي إلى تفاقم أنسجة الرئة، ما يؤدي إلى ظهور ندب على نسيج الرئتين.
تشمل الأعراض وجود ضيق في التنفس وصوت طقطقة جاف في الرئتين أثناء الاستنشاق. في مراحلها المتقدمة، قد يتسبب المرض في فشل القلب.
لا يوجد علاج فعّال لهذا التليف. المرض عادة ما يكون مميتاً. خطر الإصابة بالتليف الرئوي يكون في حده الأدنى بالنسبة لأولئك الذين لا يعملون مع الأسبستوس. نادراً ما يحدث هذا المرض، إلا بالنسبة لأولئك الذين يقومون بتجديد أو هدم المباني التي تحتوي على الأسبستوس.
سرطان الرئة
يسبب سرطان الرئة أكبر عدد من الوفيات المرتبطة بالتعرض للاسبستوس. الإصابة بسرطان الرئة لدى الأشخاص الذين يشاركون بشكل مباشر في التعدين والطحن وتصنيع واستخدام الأسبستوس ومنتجاته أعلى بكثير من عموم السكان. أكثر أعراض سرطان الرئة شيوعاً هي السعال والتغير في التنفس. تشمل الأعراض الأخرى ضيق التنفس وآلام الصدر المستمرة وبحة في الصوت وفقر الدم.
ورم الظهارة المتوسطة Mesothelioma
هو شكل نادر من السرطان الذي يحدث في الغالب في بطانة رقيقة من الرئة والصدر والبطن، ونادراً القلب. يتم تشخيص حوالي 200 حالة كل عام في الولايات المتحدة وحدها. تقريباً جميع حالات ورم الظهارة المتوسطة ترتبط بالتعرض للأسبستوس.
ما يقرب من 2% من جميع عمال المناجم وعمال النسيج الذين يعملون مع الأسبستوس، و10% من جميع العمال الذين شاركوا في تصنيع أقنعة الغاز التي تحتوي على الاسبستوس، ظهرت عندهم أعراض المرض.
سرطانات أخرى
تشير الدلائل إلى أن السرطانات في المريء والحنجرة وتجويف الفم والمعدة والقولون والكلى والمبيض قد تكون ناجمة عن تناول الأسبستوس أيضاً.
جدل حول "التلك"
يعد "التلك" المعدني خليطاً طبيعياً يتكون من مادة الأسبست التي تتسبب في الإصابة بالسرطان، وتُستعمل هذه المادة في تصنيع بودرة الأطفال وغيرها من مستحضرات التجميل منذ سبعينيات القرن الماضي، وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
إلا أن الدراسات التي أُجريت على "التلك" الخالي من الأسبست خرجت بنتائج متضاربة؛ فبعض الدراسات أشارت إلى أنه تسبب في الإصابة بالسرطان، وسط مخاوف من أن تكون هذه الدراسة منحازة، حيث اعتمدت بشكل أساسي على تذكُّر المبحوثين حجم استعمالهم بودرة التلك منذ سنوات طويلة . وأشارت دراسات أخرى إلى أنه لا يوجد رابط على الإطلاق بين استعمال التلك في المناطق الحساسة والإصابة بالسرطان.
كما أنه لم يتم التعامل مع جرعة "التلك" المستعملة باعتبارها عنصراً محدداً لحجم الإصابة بالسرطان كما يحدث في حالة التبغ. فكلما دخنت أكثر زاد خطر الإصابة بسرطان الرئة.
وتقول مؤسسة "أوفا كوم" الخيرية إنه لا يوجد دليل قاطع على علاقة التلك بالإصابة بالسرطان، إلا أن السيناريو الأسوأ هو أن يرفع استعمال "التلك" معدل الإصابة بالسرطان إلى الثلث.
وأضافت المؤسسة قائلة: "سرطان المبيض مرض نادر، ورفع نسبة الخطر بالإصابة إلى الثلث يعد نسبة ضئيلة، وعليه فإن احتمال أن يرفع التلك خطر الإصابة بالسرطان سيجعل عدداً قليلاً جداً من النساء عرضة للإصابة بسرطان المبيض"، بحسب ما ذكرته BBC.