كان المدرب الشخصي ذو العضلات المفتولة والابتسامة الدائمة بول رايت، ينظر إلي ويشرف على تدريبي. لكنه لم يكن يتجاوب معي.
هكذا تصف إيرين غريفيث تجربتها مع الآلات الرياضية الإلكترونية التي بدأت تنتشر في أميركا لتضيف مجالاً جديداً تتوسع فيه شركات التكنولوجيا بمنتجاتها.
تقول إيرين في تقرير نشرته صحيفة New York Times الأميركية، "كان المدرب ينظر لي من خلال شاشة كبيرة مركبة على الحائط. كان في انتظار أن أبدأ بالمجموعة التالية من تمارين عضلة الذراع".
هذه الشاشة كانت جزءاً من آلة جديدة لرفع الأثقال أنتجتها Tonal، وهي شركة ناشئة مقرها سان فرانسيسكو.
ويجمع هذا النظام الجديد بين البرمجيات وشاشة LED تفاعلية، إلى جانب الأثقال الكهرومغناطيسية والأسلاك لخلق تجربة مميزة لا تعتمد فقط على الآلات الحديدية وعامل الجاذبية.
وإذا حاولت التكاسل فلن سمح لك هذه الأجهزة الرياضية الذكية بذلك، وستجعلك تصل لطاقتك القصوى.
اللاعب يقرر وحده زيادة الأوزان.. والمدرب لا يأبه!
شعر الجهاز الجديد، الذي طورته شركة Tonal بأن المجموعة الأخيرة من التمارين التي قمت بها كانت سهلة جدا، ولذلك قرر بشكل آلي زيادة الأثقال في المجموعة التالية.
بدأت أصدر أصواتاً متذمرة بسبب الثقل، لكنني اكتشفت أن السيد رايت لم يعرني أي اهتمام، فوجوده أمامي في الشاشة كان عبر تسجيل فيديو وليس مباشراً.
لكن بينما كنت أتعرق وأجهد نفسي للقيام بالحركات، بدأت أرى أن مستوى الصعوبة كان ملائماً تماماً لقدراتي.
لقد اكتشف الجهاز ما لا أدركه عن نفسي
يبدو أن هذه الآلة حددت مستوى قوتي بشكل أدق مما كنت أعرفه عن نفسي.
وعندما كنت في هذا الاختبار للآلة الجديدة، في مكتب شركة Tonal، كان المدير التنفيذي للشركة، ومدير التسويق، وممثل العلاقات العامة، ومدرب آخر، ينظرون إلي بكل اهتمام.
أخبرتهم أن آلة Tonal، هذه التي يبلغ ثمنها 2995 دولاراً، رائعة جداً.
يبدو أن آلات ممارسة الرياضة في المنزل، بكل ثقلها والحيز الذي تشغله، بعد أن كانت في السابق يتم وضعها في مستودع السيارة أو في القبو، باتت الآن متحركة ومدمجة في الجدار، بفضل ابتكارات المهندسين في وادي السيليكون.
من الممكن وضع هذه الأجهزة في أي مكان
وخلال الأسابيع الأخيرة، قامت اثنتان من الشركات التكنولوجية الناشئة، مدعومتين بملايين الدولارات من أموال المستثمرين المغامرين، بتقديم أنظمة تمرين جديدة مسطحة ومركبة في الحائط، تقوم بعرض تمارين اللياقة عبر الإنترنت في داخل غرف الجلوس، غرف النوم، ومكاتب الزبائن.
وقد بدأت شركة Tonal، في تلقي الطلبات من عملائها في أغسطس/آب 2018، ولديها مخططات للبدء في إرسال الآلات في أيلول/سبتمبر. كما أن Mirror، وهي شركة أخرى ناشئة لتجهيزات اللياقة مقرها في نيويورك، وتمتلك 38 مليون دولار من أموال المستثمرين، سوف تقدم منتجها الجديد في مؤتمر في سان فرانسيسكو خلال هذا الأسبوع.
ويتمثل منتوج Mirror، في جهاز مركب في الحائط يقوم بعرض تمارين اليوغا، رياضة البيلاتس لنحت الجسم، تمارين القلب والتنفس، تمارين البار وتقوية العضلات، في داخل منزل الزبون.
بعض الشركات وصلت قيمتها إلى مليارات الدولارات
وتعد هذه الأسماء من بين أولى الشركات الناشئة التي تحاول الاستفادة من النجاح الذي حققته شركة Peloton وهي شركة قامت بتصنيع الدراجات الثابتة، وقد تم تقييمها مؤخراً من قبل المستثمرين بمبلغ 4 مليارات دولار.
وتجمع شركة Peloton في ابتكارها الجديد بين الدراجة، وبرمجية تقوم بعرض مقاطع الفيديو بعد الاشتراك فيها، إلى جانب دروس في التمرن على هذه الدراجات.
وقد جعل الارتفاع الصاروخي في قيمة هذه الشركة بقية المستثمرين في حالة يقظة دائمة، حتى يكونوا جزءاً من الشركة التي ستحقق نجاحاً مماثلاً في المستقبل.
هناك مشكلة رئيسية لدى الشركات!
كل هذه الشركات تواجه سؤالاً لا تزال الإجابة عنه غامضة: هل هناك عدد كاف من الزبائن المستعدين لدفع مبالغ باهظة تكفي لتغطية الاستثمارات الضخمة التي تم ضخها لتطوير هذه الابتكارات؟
قامت شركة Peloton بتطوير دراجة ثابتة ثمنها 1995 دولاراً، إلى جانب اشتراك شهري قيمته 39 دولاراً. أما النظام الذي طورته شركة Tonal، فهو يتطلب اشتراكاً شهرياً بقيمة 49 دولاراً، إلى جانب دفع مبلغ 2995 دولاراً في مقابل الآلة، مع إمكانية إضافة 495 دولاراً للحصول على تجهيزات إضافية. في المقابل، يستوجب منتج من شركة Mirror، دفع ثمن قدره 1495 دولاراً، واشتراك شهري قيمته 39 دولاراً.
ولكن قد تكون هناك حدود في سوق تجهيزات اللياقة المنزلية المتطورة فيما يتعلق بالأسعار، ويعزى هذا بشكل خاص إلى وجود منافسين، سوف يسارعون بكل تأكيد لتقليد ابتكارات عملت شركات أخرى لوقت طويل لتطويرها، ثم يقومون بعرضها بثمن أرخص.
وعلى سبيل المثال، فإن شركة Nautilus، التي تصنع أجهزة المشي والدراجات الثابتة وأجهزة رفع الأثقال، هنالك تطبيقات مجانية مماثلة لها، توفر نفس مميزات تلك التي تقدمها شركات التكنولوجيا، ولكن دون أن تشترط دفع اشتراك شهري (أجهزة باوفليكس للتدريب المنزلي التي تقدمها Nautilus، يبدأ ثمنها من 1599 دولاراً).
وفي هذا السياق، قال رومل ديونيزيو، المحلل في مؤسسة Aegis Capital، والمتابع لنشاط Nautilus: "إن شركة Peloton حققت نمواً كبيراً تحسد عليه في هذا القطاع، ولكنها تفرض أسعاراً مرتفعة جداً، على تكنولوجيا ليس من المفترض أن تكلف كل هذا المال. فالناس يمكنهم بكل بساطة شراء دراجات ثابتة للتمرين بمبلغ 99 دولاراً في مواسم التخفيضات".
ابتكروا تمرينات جديدة لتقوية العضلات
ويتمتع مؤسسو شركتي Tonal وMirror، بقدر كبير من الخطابة، والاطلاع على مجريات الأمور في وادي السليكون واللغة المتغيرة في عالم التكنولوجيا، وهذه المهارات أساسية لجمع مبالغ هامة من الاستثمارات قبل بدء المشروع.
وفي هذا السياق، يقول ألي أورادي، المدير التنفيذي لشركة، Tonal "لم نقم فقط بأخذ جهاز رفع أثقال وتزويده بمجسات، لقد قمنا بإعادة ابتكار تمارين تقوية العضلات من الأساس".
كما قالت برين بوتنام، المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة Mirror، إن تمارين اللياقة كانت واحدة من بين استعمالات عدة لابتكارها الجديد، حيث أن هذه الشاشة المتطورة يمكنها عرض وسائط تفاعلية حول الموضة والجمال وتمارين اليوغا.
وتضيف، "نحن نسعى لتكون شاشتنا هي السائدة في حياة الناس في المستقبل، نحن نريد أن نكون منصة متكاملة لخدمتهم، وليس فقط مجرد جهاز في الصالة الرياضة."
ويتضمن كل منتج لهذه الشركات تكنولوجيا متطورة، حيث أن أنظمة التمرين في شركة Tonal مطورة لتتلاءم مع أهداف المستخدم وقدراته ودرجة التزامه بالتمرين. كما أن قطع الأوزان الرقمية في هذا الجهاز تقوم بتسجيل حركات المتدرب بشكل آلي.
ويقوم جهاز Mirror باقتراح التمارين بناء على اختيارات وأهداف المتدرب، كما إنه يقدم بثاً مباشراً للتمارين، معروضة على الشاشة، ويمكن المتدربين من التفاعل بطرق محددة مع زملائهم المتدربين في أماكن أخرى والمدرب نفسه.
قصور التكنولوجيا الحديثة.. ما تسببه من مخاطر
لا تزال التكنولوجيا غير قادرة على تجاوز بعض المشاكل القديمة من خلال أنظمة اللياقة المنزلية. إذ أنه لا يوجد مدرب في المنزل ليقوم بإصلاح الحركات ووضعيات الجسم الخاطئة التي يقوم بها الشخص عند رفع الأثقال أو عند ممارسة اليوغا.
كما أن نظام Tonal لتعديل ثقل الأوزان بشكل آلي بناء على أداء المتدرب، من أجل دفعه لبذل المزيد من الجهد وتطوير نفسه، يمكن أن يكون مشجعاً ولكنه في الآن ذاته قد ينطوي على خطورة، حيث أن الآلة هي التي تتحكم في كيفية ضبط الأوزان، رغم أن هنالك خيار تخفيف الأعباء الذي يمكن اللجوء إليه إذا كان التمرين صعباً جداً.
الهوس بلغ درجة اختراع جهاز مصافحة افتراضية
تقدم شاشة Mirror، للمتدربين خيارات بشأن زيادة أو تخفيف صعوبة التمرين، بناء على نسق ضربات القلب لديهم، وتعرض أيضاً تمارين خصوصية ملائمة للشخص المصاب أو المرأة الحامل. هنالك أيضاً في جهاز Mirror، خيار المدرب الشخصي، بالاعتماد على الكاميرا المثبتة في الجهاز، وذلك مقابل إضافة 40 أو 75 دولاراً.
وتأمل كلتا الشركتين المطورتين لأجهزة التمرين الرقمية المنزلية أن تحققا النجاح، من خلال مختلف أنواع التشجيع الرقمي، مثل تقارير التطور، والمصافحة الافتراضية، لدفع المتدرب للالتزام أكثر.
ولكن إذا لم تنجح كل هذه الوسائل التشجيعية، فإن السبب قد يكون بلا شك هو الفاتورة المرتفعة لهذه التجهيزات المتطورة.