إذا توقفت لبضع ثوان للنظر في الخبز في الصورة أعلاه، هل يبدو لك تقليدياً تماماً؟ حسناً، في الواقع هو مصنوع من الصراصير.. أو لنكن أكثر دقة؛ مصنوع من الدقيق المستخلص من هذه الحشرات، التي -بطبيعة الحال- لا تحظى بشعبية كبيرة.. ولكن، من صاحب هذه الفكرة وما السبب وراءها؟
المسؤولون عن هذه الفكرة هم فريق من الباحثين البرازيليين يرغبون في إيجاد حل لنقص الغذاء والبروتين الحيواني، الذي يُتوقع أن يحدث مستقبلاً بالنظر إلى نمو سكان العالم.
ضرورة ملحّة
ونقل موقع BBC Mundo عن الأمم المتحدة، أنه بحلول عام 2050 سيكون عدد سكان العالم حوالي 9.7 مليار نسمة، وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع للتفكير بدمج الحشرات في نظامنا الغذائي.
وهناك العديد من المناطق حول العالم، مثل جنوب شرق آسيا تستخدم الحشرات بالفعل في عدة أطباق وتحظى بشعبية واسعة، نظراً لكونها غنية بالبروتينات، وفيرة بطبيعتها ومنخفضة التكلفة.
ليست جميع الصراصير قابلة للأكل!
لكن هذا الخبز في الصورة أعلاه ليس مصنوعاً من الصراصير التي تُرى في الشوارع أو تلك سيئة الحظ التي تتسلل إلى منزلك.
فقد استخدم فريق البحث نوعاً معيناً اسمه العلمي nauphoeta cinerea، يتواجد في شمال إفريقيا، وتحديداً في مصر وليبيا والسودان، وتتكاثر هذه الصراصير بسهولة وبسرعة أثناء وجودها في المستعمرات.
لماذا الصراصير بالتحديد دوناً عن بقية الحشرات؟
هناك سببان رئيسيان؛ فبالإضافة إلى كونها مصدراً غنياً بالبروتينات (70٪ من تكوينها، أي أكثر من الـ 50٪ الموجودة في اللحوم الحمراء)، هذه الحشرة موجودة منذ ملايين السنين وظلت محتفظة بخصائصها الوراثية بعد عملية التطور.
ونقل الموقع عن أندريسا جانتزن المهندسة في الجامعة الاتحادية في ريو غراندي بجنوب البرازيل، قولها "يجب أن يكون لدى هذه الكائنات شيء جيد حقاً كي تتطور دون الحاجة إلى التكيف مع البيئة".
مصدر للبروتين
بالتعاون مع المهندسة لورين مينيجون، تمكنت جانتزن من إنتاج دقيق مصنوع من الصراصير المجففة. وبلغت التكلفة 51 دولاراً أميركياً للكيلو وتم طحن الحشرات في المختبر.
لم تستخدم الصراصير فقط في وصفة الخبز هذه، بل تشكل الحشرة 10٪ وحسب بجانب القمح العادي، لكنها كانت نسبة كافية للحصول على نتيجة مفاجئة.
وفي حديثها مع النسخة البرازيلية لـ BBC قالت جانتزن "زاد طحين الصراصير من نسبة البروتين في الخبز بنسبة 133٪، بينما انخفضت كمية الدهون بنسبة 68٪".
على سبيل المقارنة، يكفي أن نقول إن شريحة من 100 غرام من الخبز العادي تحتوي 9.7 غرام من البروتين، مقارنة بـ 22.6 غرام في خبز الصراصير.
وتقول جانتزن "نحن بحاجة إلى 250 متراً مربعاً من الأرض لإنتاج 1 كيلوغرام من اللحم، في حين يمكن الحصول على نفس كمية الحشرات باستخدام 30 متراً مربعاً فقط.
كذلك نحتاج إلى كمية أقل من الماء؛ ألف لتر لكل كيلوغرام من الحشرات مقابل 20 ألف لتر في حالة لحوم الأبقار".
شعبية متزايدة
إدراج الحشرات في نظامنا الغذائي ليس شيئاً مجنوناً، بل في الواقع، تحظى هذه الثقافة بشعبية متزايدة؛ إذ تقول الأمم المتحدة إنها جزء من النظام الغذائي لأكثر من ملياري شخص.
وتعمل جانتزن ولورين على إنتاج أطعمة أخرى مصنوعة من الحشرات، مثل الكعك والبسكويت وبعض أنواع الزيوت.
وقد بدأت بعض البلدان بتسويق منتجات تعتمد على الحشرات؛ ففي إسبانيا، تبيع سلسلة متاجر كارفور الوجبات الخفيفة المصنوعة من الصراصير وبعض أنواع اليرقات. وفي المملكة المتحدة، تقدم خدمة الطعام في Eat Grub من الجنادب المشوية (حشرة تشبه الجراد) وديدان بوفالو.
ووفقاً لشركة الأبحاث العالمية Global Market Insights، فإن السوق العالمية للحشرات الصالحة للاستهلاك ستتجاوز 700 مليون دولار أميركي خلال السنوات الخمس المقبلة.
إذن ، هل كل ما سبق كاف لك لتجربة إحدى هذه الوصفات يوماً ما؟