روبن نسيمو شاب من ولاية جورجيا بالولايات المتحدة الأميركية، يبلغ من العمر 16 عاماً ويلعب حارساً لفريق كرة قدم. وبينما كان يتصدى لكرة بإحدى المباريات، تلقى ضربةً في رأسه أدخلته بغيبوبة 3 أيام.
وعندما استيقظ أخيراً في المستشفى، كان بمقدوره التحدث بالإسبانية بطلاقة بعدما كان يتقنها قليلاً في حين نسي الإنكليزية!
حالة أخرى سجَّلتها سيدة أميركية من ولاية أريزونا -تدعى ميشيل مايرز- عام 2016. خلدت مايرز إلى النوم، وهي تعاني صداعاً شديداً. وفي صباح اليوم التالي، استيقظت وهي تتحدث بلهجة بريطانية لم تفارقها منذ ذلك الحين!
أما كارين بوتلر، أميركية أيضاً، فكانت تحت تخدير طبيب الأسنان، وعندما انتهى مفعول التأخير وخفّ التورّم؛ فوجئت بنفسها تتحدث بلهجة غريبة عبارة عن خليط من الإنكليزية والإيرلندية وربما بعض اللكنات الأوروبية الأخرى، وهي التي لم تزر أوروبا يوماً!
الحالة التي مرت بها الأمثلة السابقة تسمى طبياً "متلازمة اللكنة الأجنبية"، وهي حالة مَرَضية نادرة جداً يصاب فيها المريض باضطراب كلامي؛ مما يجعله يفقد السيطرة على نطق الكلام بشكل صحيح؛ فيبدو كأنه يتحدث لغة أخرى.
يطلق عليها الأدب الطبي متلازمة اللهجة أو اللكنة الأجنبية؛ لكن سُجلت بعض الحالات النادرة، حيث يتحدث الشخص فيها بلغة ثانية كلياً.
العوارض.. صداع شديد وتغيّر في الشخصية
من الجدير ذكره، أن المتلازمة تُصيب الذكور والإناث على حدَّ سواء في أي عمر كان، ويزداد احتمال الإصابة عند من يتعرضون لخلل أو تلف دماغي. وتتمثل أبرز العوارض التي تظهر على المصابين بها في التالي:
- حدوث اضطرابات في النطق، مثل:
- استطالة زمن لفظ الأحرف الصوتية.
- تحريك الفك بشكل مختلف في أثناء الحديث.
- استخدام كلمات غير مناسبة عند وصف الأشياء.
- سوء ترتيب أركان الجملة في أثناء الحديث.
- تغيُّر نبرة الصوت بشكل ملحوظ.
- الصداع الشديد وآلام غير محتملة.
- تغيُّر في الشخصية وفقاً لجنسية اللغة الجديدة، التي يتحدث بها المصاب..
تشخيص المتلازمة ليس أمراً بسيطاً
باعتبار أن المتلازمة نادرة جداً؛ فإن الأمر يتطلب فريقاً متعدد المهارات لتقييم المتلازمة وتشخيصها. يتضمن الفريق خبراء النطق واللغة، وأطباء الأمراض العصبية، وأطباء نفسيين.
في عام 2010، قام العالمان جو فيروهن وبيتر ماريين بتحديد عدة أنواع لهذه المتلازمة؛ منها: العصبي، والتطوري، والنفسي، والمختلط.
ولا يزال التشخيص حتى يومنا هذا يتوجه نحو تحديد نوع الحالة التي يجري معاينتها؛ لأن هذه الخطوة هي التي ستقودنا في عملية العلاج.
ويحتاج التشخيص إلى فحوضات عدة مثل: تصوير رنين مغناطيسي للدماغ، إلى جانب تصوير طبقي محوري للدماغ، وتخطيط دماغي.
والأسباب تعكس خللاً أخطر في الدماغ
من أهم الأسباب المؤدية إلى الإصابة بمتلازمة اللهجة الأجنبية:
- الجلطات الدماغية كمسبب أساسي.
- تعرُّض الدماغ للارتجاج كما في الخبطات.
- النزيف الدماغي.
- مرض التصلب المتعدد.
- أورام الدماغ.
طرق العلاج على مراحل.. عضوية ونفسية
يوجد مستويان رئيسيان لعلاج أعراض المتلازمة، وهما:
- العلاج اللفظي: لتحسين طريقة تحريك الفك خلال الكلام؛ إذ إن أحد أهم الأسباب يعود إلى اختلاف طريقة تحريك الفك لدى المصاب؛ مما يجعل بعض الأصوات تظهر بشكل مختلف، وتبدو اللغة المنطوقة مختلفة كلياً.
- الاستشارة الاجتماعية لمساعدة المصاب على تجاوز هذه الحالة النادرة جداً، التي تتسبب في أن يفاجأ الشخص بنفسه وقد فقد حسّه بهويته وتاريخه.
طبيب الأعصاب في مستشفى "هيوستن ميثودست" توبي يالثو كشف أن "هناك نحو 100 حالة تم الإبلاغ عنها خلال الأعوام الـ100 الماضية فقط، وهو أمر نادر وفريد من نوعه".
تفادي التعرض لهذه المتلازمة يصب في خانة الوقاية نفسها من الجلطات، أي تناول طعام صحي والتوقف عن التدخين والامتناع عن الكحول والمخدرات بطبيعة الحال، إلى جانب الحفاظ على وزن صحي ومراقبة ضغط الدم من خلال الفحوصات الدورية.
بمناسبة تعلم اللغات، اقرأ أيضاً..
صدقني: تعلّم اللغة الإنكليزية ليس مستحيلاً.. هذه المواقع تساعدك في "كسر الحاجز"