كشفت جمعية الزهايمر البريطانية، أن 800 ألف شخص في المملكة المتحدة مصابون بالخرف. وترى أنه من المرتقب أن يصاب شخص من بين كل 3 أشخاص فوق سن الـ65 عاماً بمرض الخرف، فضلاً عن أنَّ ثلثي المصابين بالخرف هم من النساء. ومن جهته يرى فريق من الباحثين في جامعة بوسطن أنه نادراً ما يصاب الأشخاص الذين يحلمون كثيراً بالخرف.
فماهي العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بالخرف؟ وهل حقاً أن الإصابة بالخرف من شأنها أن تمنعنا من رؤية الأحلام؟
يمكن لكل منا أن يعيش العديد من المغامرات في الأحلام، على غرار تنفس الهواء البارد على قمة إيفرست أو الشعور بالذعر أو الطيران فوق البحر بذراعين ممدودتين.
الباحثون في دراسة حديثة، نشرتها صحيفة welt الألمانية، قالوا إن مثل هذه المغامرات لا تمنحنا الشعور بالمتعة فقط، بل تحافظ أيضاً على حيوية الدماغ.
وأجرى فريق من الباحثين في جامعة بوسطن تحت إشراف الدكتورة، سودها سيشادري، جملة من الاختبارات على مجموعة من المسنين الأميركيين منذ 19 سنة، علماً وأن أعمار أغلب المشاركين كانت تتجاوز 60 سنة. وفي ذلك الوقت، حثّ الباحثون المشاركين البالغ عددهم 321 شخصاً على اعتماد أجهزة محددة في البيت.
وفي الأثناء، كان المشاركون في هذا الاختبار مطالبين بوضع إلكترودات على الرأس طيلة ليلة كاملة لتسجيل موجات الدماغ أثناء النوم.
وبالإضافة إلى ذلك، وضعوا قناعاً خاصاً لمراقبة التنفس، في حين كانت أجهزة قياس دقات القلب فضلاً عن بعض الأقطاب الكهربائية المثبتة على الصدر، تسجل نشاط القلب.
ينام البشر على مراحل
تمكن الباحثون، حسب الصحيفة، استناداً على التسجيلات التي حصلوا عليها، من تحليل كيفية نوم كل مشارك في هذه التجربة. فعلى سبيل المثال، نجح الباحثون في تحديد عدد ساعات النوم وعدد المرات التي استيقظ فيها المشاركون من النوم، بالإضافة إلى تحديد الوقت الذي استغرقه كل فرد حتى يغفو. فضلاً عن ذلك، عمد العلماء إلى قياس عدد ساعات النوم التي استغرقها كل مشارك في كل مرحلة من مراحل النوم الأربع.
ينام الإنسان على 4 مراحل، حيث ينقسم النوم الخفيف إلى مرحلتين، بينما تسمى المرحلة الثالثة النوم العميق، في حين تعرف المرحلة الرابعة بنوم حركة العين السريعة. وفي هذا الصدد، أفاد العلماء أن مختلف الأحلام تحدث أثناء مرحلة نوم حركة العين السريعة. لذلك، تسمى هذه المرحلة "نوم الأحلام". وعلى امتداد ليلة كاملة، يمر الإنسان بمراحل النوم الأربع، علماً وأن كل مرحلة تدوم حوالي ساعة ونصف.
بعد مرور 19 سنة على هذه التجربة، عمد الباحثون إلى تحديد عدد المشاركين المصابين بالخرف، في الوقت الراهن. إثر ذلك، قام الباحثون، وبالرجوع إلى التسجيلات التي احتفظوا بها، آنذاك، بمقارنة نتائج التخطيط الخاصة بالأشخاص المصابين بالخرف بنتائج بقية المشاركين السليمين. وقد اكتشف الباحثون أن الأشخاص المصابين بالخرف لم يمروا بكافة مراحل النوم في حين لم ينعموا بقسط وافر وعميق من النوم مقارنة ببقية المشاركين.
اعتمد الباحثون في فحصهم على معياري الجنس والعمر، ليكتشفوا في مرحلة ثانية أن الأشخاص الذين قضوا ساعات قليلة في النوم كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض الخرف، في وقت لاحق. وعند عزل الأشخاص المصابين بمرض الخرف، تبين أن الأشخاص الذين يحلمون أكثر من غيرهم تظهر لديهم أعراض الخرف بصفة متأخرة.
لماذا نادراً ما يصاب "الحالمون" بالخرف؟
قدم الخبراء تفسيرين مختلفين فيما يتعلق بالنتائج التي توصلوا إليها. ففي المقام الأول، يبدو أن مرض الخرف من شأنه أن يؤدي إلى تقلص عدد الأحلام. وفي الأثناء، ويمكن ربط ذلك بحقيقة أن مرض الخرف يصيب الخلايا العصبية التي في اتصال بالناقل العصبي، أستيل كولين.
في المقابل، يعتبر التفسير الثاني أكثر واقعية، حيث تعتبر الأحلام مهمة للغاية في حياتنا نظراً لأنها تمكننا من تسجيل الأحداث التي عشناها في النهار على مستوى الدماغ، وهو ما يفسر رؤية الأطفال الصغار للكثير من الأحلام مقارنة ببقية الشرائح العمرية.
ومن المثير للاهتمام أن دراسة أخرى قد أثبتت أن الأشخاص لا يحلمون كثيراً عندما يشعرون بالتوتر. وبناء على ذلك، يؤدي الشعور بالتوتر الحاد إلى تقلص عدد الأحلام، مما يهدد بظهور أعراض مرض الخرف.
من جانبها، أشارت سودها، فضلاً عن زملائها، إلى أن نتائج هذه التجربة استندت إلى المعطيات المسجلة طيلة ليلة واحدة فقط. وبالتالي، يجب علينا التعامل مع هذه النتائج بتحفظ، في حين ينبغي إجراء المزيد من البحوث لاكتشاف العوامل المؤدية إلى الإصابة بمرض الخرف.
خلافاً لذلك، نوه الخبراء بأهمية اكتشافاتهم، حيث يمكن من خلال عملية مراقبة مختلف مراحل النوم اكتشاف حالات الخرف بصفة مبكرة في المستقبل. وبالتالي، يمكن مراقبة المرضى ومعالجتهم قبل فوات الأوان.
وعن الإصابة بالنسيان الذي هو أحد أعراض الخرف، تقول الدكتورة تقول ميليندا لانتس، مديرة وحدة للطب النفسي للمسنين في مستشفى بمدينة نيويورك، أنه "بدون الكثير من التفاعل الاجتماعي، قد تواجه مشاكل في الذاكرة في وقت مبكر، وسوف يكون التدهور أسرع.
فيما يمكن للتحفيز الاجتماعي أن يحميك من خطر الخرف، فكلما تحدثت أكثر، عمل عقلك أكثر، وحتى بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من خرف غير مزمن، فإنَ القيام بأنشطة تحفيزية للدماغ يساعدهم كثيراً، بحسب تقرير نشرته مجلة The Reader's Digest الأميركية.