جمهورية الترانزيت.. هل فكَّرت يوماً بوضعك القانوني عند انتظار تبديل الطائرة

هل يمكن أن تكون موجوداً في دولة ولكنك لم تدخلها؟، إنه أمر مربك جداً، ولكن يمكن أن يحدث لك!.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/09 الساعة 10:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/09 الساعة 10:36 بتوقيت غرينتش

هل يمكن أن تكون موجوداً في دولة ولكنك لم تدخلها؟، إنه أمر مربك جداً، ولكن يمكن أن يحدث لك!.

دعنا نتخيل أنك مسافر على متن طائرة من نيويورك إلى كيب تاون بجنوب إفريقيا، ومن المقرر أثناء الرحلة أن تتوقف في أمستردام عاصمة هولندا بما يعرف اصطلاحاً "الترانزيت"، إذن سيكون عليك الانتظار لتغيير الطائرة، لكنك لن تدخل هولندا ولن تمر عبر بوابات مراقبة جوازات السفر.

هل تساءلت من قبل ما هو وضعك القانوني حين تتواجد في مطار ما من أجل خدمة الترانزيت؟

الإجابة البسيطة أنك في هولندا، لكنك لا تستطيع الدخول- ما لم تحمل تأشيرة دخول أو إقامة رسمية- ذلك لأن في المنطقة الدولية في المطار، هي منطقة تقع مادياً في الدولة التي يوجد فيها المطار، لكنها قانونياً تعامل كدولة أخرى.



فأنت في هولندا قانوناً -كما يقول تقرير ووندوفر التعليمي– لكنك لست فيها حسب معايير الهجرة، وهذا يسبب تعقيدات، على سبيل المثال لا يحتاج المواطن الصيني لفيزا للترانزيت من رحلة طيران لأخرى في مطار شيبول بأمستردام، لكنه يحتاج فيزا ليدخل هولندا.


فلو ارتكب مواطن صيني، على سبيل المثال، جريمة في مطار شيبول بأمستردام، فستحال هذه الجريمة إلى محكمة هولندية، لكن إذا لم يكن لديه فيزا فسيكون من الصعب وغير القانوني أن يمثُل أمام محكمة هولندية؛ لأنه خارج هولندا ولا يملك حق الدخول.

وفي هذه الحالة تقوم الشرطة بعمل ما يسمى "منطقة دولية عائمة" حول هذا الشخص مرتكب الجريمة حتى مثوله أمام المحكمة؛ فهو لا يمر عبر بوابات مراقبة الجوازات ولا يختم جواز سفره، وحتى وهو يسير في شوارع أمستردام بحراسة الشرطة في هذه المنطقة الدولية العائمة فإنه لا يعد قانوناً داخل الدولة.

أميركا لديها نظام مختلف



تطبق الولايات المتحدة نظاماً فريداً يجعل الأمور أقل تعقيداً.

ففي عدد من المطارات والموانئ خارج الولايات المتحدة، مثل دبلن وأبوظبي ومونتريال ومناطق أخرى حول العالم. وعند السفر من دبلن لنيويورك مثلاً، يمكن أن تقوم بمراجعة سلطات الجوازات والهجرة الأميركية في مطار دبلن، وتختصر هذه الطريقة إجراءات الدخول للولايات المتحدة.

وهذا يعني أنك حينما تغادر بوابات الجمارك في دبلن بأيرلندا فأنت تكون قد أصبحت في الولايات المتحدة بمعايير الهجرة والرحيل، لكنك قانونياً تعتبر في دبلن؛ فأنت في الولايات المتحدة لكنك لست على أراضيها ولا يزال يسري عليك القانون الأيرلندي وفي الوقت ذاته تطبق سلطات الحدود الأميركية قوانينها عليك رغم أنك لا تزال على التراب الأيرلندي في مطار دبلن!، إنه أمر مربك بالفعل.

أي قوانين تطبق في مقر الأمم المتحدة؟


في نيويورك، يعتبر مبنى الأمم المتحدة أرضاً دولية غير تابعة للولايات المتحدة، بشكل عام تطبق قوانين الولايات المتحدة، لكن الأمم المتحدة تستطيع أن تطبق قوانينها الخاصة التي تخالف قوانين أميركا لو أرادت، على سبيل المثال يمكن لمقرات الأمم المتحدة أن تختم على جوازات السفر وتعتبر أراضيها دولة أخرى وتجعل خدماتها البريدية لموظفيها مستقلة، لكن هذا يعد غير قانوني بالنسبة للولايات المتحدة.

السفر لدولة أخرى دون مراقبة جوازات السفر



هناك طرق أخرى لتخرج من دولة لأخرى قانونياً من دون أن تمر عبر سلطات الحدود ومراقبة الجوازات؛
قبل 40 عاماً أعادت روسيا وإستونيا رسم الحدود بينهما وانتهى الأمر بوجود أراضي روسية تفصل بين مدينتين إستونيتين هما لوتيبا وسيسنيكي، وعندما كان البلدان ضمن الاتحاد السوفييتي لم يكن هناك مشكلة في السفر على الطريق الواصل بين المدينتين.

وعندما انهار الاتحاد السوفييتي، سمحت السلطات الروسية لسكان المدينتين بالعبور بسياراتهم من دون جوازات سفر طالما سيلتزمون بالطريق ولا يخرجون عنه، وتوجد كاميرات تابعة لسلطات الحدود تراقب المسافرين بالسيارات لضمان ذلك.

وهذه الحالة جعلت الناس يدخلون أراضي دولة أخرى من دون فيزا أو جواز سفر، وهناك أيضاً مدينة حيدر الأميركية في ألاسكا والتي لا يمكنك أن تصل إليها إلا عبر أراض كندية، فتعتبر المدينة الأميركية الوحيدة التي تحتاج لجواز سفر لتسافر إليها من داخل الولايات المتحدة.

من يحاكمك في الطائرة؟


في أي بلد تكون حينما تكون في الطائرة؟ إذا سافرت من باريس لنيويورك بطائرة أيرلندية فإنك تمر عبر أجواء دول مختلفة.
لكن الخبراء يقولون إن المجال الجوي الدولي لا يخضع لقوانين الدول بالضرورة؛ فقد تكون في فرنسا أو أميركا أو أيرلندا أو فيها جميعاً بالنسبة للقانون، وهذا يعني أن الجريمة التي تُرتكب على هذه الطائرة يمكن أن تُحال إلى محاكم الدول المختلفة في الوقت نفسه.

لكن غالباً ما تخضع للدولة التي رُخصت فيها الطائرة وهي أيرلندا في هذه الحالة، لكن الضباط الذين يوقفون مرتكب الجريمة سيكونون موظفي دولة الوصول -وهي أميركا- في هذه الحالة، وستخضع للقانون الأميركي ما لم تطلب دولة أخرى -صاحبة حق مقاضاة الراكب- مرتكب الجريمة.

حدث هذا عند سقوط طائرة ركاب أميركية تابعة لشركة طيران بان أميركان، في أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي بإسكتلندا سنة 1988، وتولى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي التحقيق مع المتهمين الليبيين في قاعدة أميركية بالتنسيق مع السلطات الإسكتلندية.

حياة الترانزيت



ويحدث أن يقضي بعض الناس أوقاتاً طويلة في المنطقة الدولية (الترانزيت)؛ لأنه لا توجد دولة تقبل دخولهم إليها أو لأسباب أخرى، مثل عميل الاستخبارات الأميركية الهارب إدوارد سنودن الذي قضى أسابيع في منطقة ترانزيت بمطار شريميتييفو في موسكو، أو المسافرين اليمنيين والسوريين الذين علقوا في مطارات بعد رفض دول مختلفة دخولهم إليها.

علامات:
تحميل المزيد