صعد مدير مركز دراسات نمو البالغين بجامعة هارفارد الأمريكية روبرت والدنغر، على مسرح TED الشهير للحديث عن الأسباب التي تجعل الناس سعداء حقاً!
المدهش فيما سيقوله والدنغر أنه ليس مبنياً علي انطباعات شخصية أو حتى دراسة بحثية قام بها أحد الباحثين في الجامعة الأعرق في العالم، بل إن النتائج التي توصل إليها البروفيسور وفريقة هي نتاج جهدٍ بحثيٍ استمر قرابة 75 عاماً.
بدأت القصة قبل 75 عاماً عندما قرر مجموعة من العلماء في جامعة هارفارد دراسة مجموعة من الطلاب الذين يتمتعون بخلفيات اجتماعية ومادية و اهتمامات مختلفة.
بعدما تخرج الطلاب من الجامعة، قام فريق الباحثين بتتبع حياتهم وإرسال استبيان رأي من وقت لآخر للتعرف على آخر التطورات، في محاولةٍ للتعرف على الذين عاشوا حياةً سعيدةً، والآخرين الذين لم يحظوا بما حلموا به.
الإجابة التي وصل إليها فريق الباحثين بعد كل هذا الوقت كانت: ما يجعل الناس سعداء حقاً ليس المال أو الصحة أو حتى الوظيفة الجيدة؛ ما يجعل الناس سعداء حقاً هو العلاقات الاجتماعية. فالأشخاص محل الدراسة الذين كان لديهم علاقات اجتماعية جيدة في حياتهم كانوا أكثر سعادةً من الأشخاص الانطوائين، أو الذين لم تكن علاقاتهم الاجتماعية تسير على ما يرام.
السبب الأول للسعادة إذاً وفقاً لفريق الباحثين هو العلاقات الاجتماعية. لكن ماذا عن الأسباب التي تأتي بعد العلاقات الاجتماعية من حيث الأهمية؟
إليك 5 أسباب – بعد العلاقات الاجتماعية – تجعل الناس سعداء:
1- العمل من أجل هدف
الأشخاص الشغوفون بعملهم اليومي ويحبون ما يقومون به يشعرون بسعادةٍ أكثر من المجبرين على القيام بوظائفهم اليومية. حاول أن تجد وظيفةً ترضي طموحك، وتشعر أنك تقدم شيئاً مفيداً للناس أو للمجتمع الذي تعيش فيه من خلالها.
قد يتطلب هذا الكثير من الوقت والجهد لكن في النهاية السعادة تستحق المحاولة وبذل الجهد.
2- التفكير الإيجابي
التفكير الإيجابي طريقةٌ علميةٌ لوصف عملية الشعور بالرضا، الفرق بين شخص يسعي لتحسين حالته المادية وهو سعيد بما لديه الآن وشخص يسعى للانتقال إلى مرحلة أفضل وهو غير سعيد بما لديه الآن، هذا الفرق يخلق الشعور بالسعادة.
صحيح أن السعي للوصول إلى هدف أكبر شيء مهم، لكن لا تنس وأنت تقوم بذلك أن تستمتع بما تمتلكه الآن.
3- العطاء
الدراسة أثبتت أن الأشخاص الذين يميلون لمساعدة الناس يعيشون معدل سعادة أكثر من غيرهم، حتى أن واحدة من طرق معالجة الاكتئاب المزمن في بعض الأحيان تكون عن طريق دفع المرضى لمحاولة مساعدة الآخرين، وبالتالي الخروج تدريجياً من حالة الاكتئاب.
4- الحرية
قد يكون هذا السبب غريباً، لكنه في الحقيقة واحدٌ من الأسباب الرئيسية للحصول على سعادة. كيف يمكن لأي إنسان أن يكون سعيداً إذا كان لا يمتلك المقومات التي تساعد على الاختيار في حياته الشخصية؟
وجد أن البلاد التي تعاني من الديكتاتورية وتسلط الحاكم تقل فيها نسبة السعادة مقارنةً بغيرها من البلاد التي تتوفر فيها مناخ للحرية.
5- الصحة الجيدة
الحقيقة أن الصحة تجعلنا سعداء، إلا أن ليس لها دور في زيادة معدل السعادة، فالناس يتعاملون مع الصحة في كثير من الأحيان بصفتها شيئاً مضموناً حتى يحدث العكس ويصاب الإنسان بمرض معين، وهنا تنقلب السعادة جزئياً إلى بعض الحزن أو الاكتئاب وبالتالي لضمان الحد الأدنى من السعادة يجب عليك الحفاظ على صحتك في أفضل حال.
يشار إلى أن دراسة جامعة هارفارد الأمريكية ما زالت قائمةً حتى الآن، وهي واحدة من أطول الدراسات الاجتماعية في تاريخ العلوم الإنسانية، وعندما يموت أحد أفراد فريق الباحثين يتولى باحثٌ آخر العمل مكانه، ووفقاً لروبرت فإن الدراسة قد تمتد لتشمل أولاد وأحفاد الطلاب الأصليين محل الدراسة.