قبل نحو 5 أشهر قرر 4 شباب من تركيا ومصر وفرنسا وأمريكا أن يطلقوا قناة خاصة على يوتيوب ليقدموا محتوى فريدا من نوعه يقوم على أن تتحدى مخاوفك ومواطن، وقرروا أن يخوضوا 30 تحديا في 30 يوما لكنهم لم يعلموا أن تحديا حقيقيا سيفرض نفسه عليهم وسيضطرون إلى مواجهته وهو تحدي الإرهاب والإسلاموفوبيا.
الفيديو الترحيبي على قناة الشباب المسماة Generation Y Not (تعني بالعربية: جيل "ولم لا") يعطي فكرة جيدة عن نوعية ما فعلوه، فقد قرروا أن يخوضوا تجربة محرجة أو مخيفة أو لا تبدو ممكنة كل يوم، ألقوا نكتا سخيفة أمام حشد من الناس، أكلوا عقارب، وقفزوا من فوق جسر مائي ودخلوا على عمدة مونتريال دون موعد وفرضوا حضورهم على برنامج تلفزيوني شهير دون سابق إعداد، إلى دخولهم سويا (مسلمين وغير مسلمين) إلى مسجد لأداء الصلاة.
ولكنهم قبل شهر من الآن اضطروا أن يواجهوا تحديا حقيقيا عندما وقعت هجمات باريس الإرهابية، إذ شعروا أن التعايش في كندا -حيث يقيمون- وفي الغرب كله صار مهددا، وشعروا أن تجربتهم الخاصة تصلح أن تكون نموذجا إيجابيا للتعايش.
رأوا أن تجربة التضامن مع فرنسا -رغم إيجابيتها- إلا أنها أثبتت مجددا ازدواجية المعايير، فلا أحد تضامن مع بيروت في الهجوم الذي تعرضت له قبل ذلك بيوم واحد، ولا أحد تضامن مع تركيا في هجوم وقع قبلها يومين، ولا أحد يتضامن مع سوريا والعراق اللتين تشهدان قتلا يوميا.
قرروا التضامن مع الجميع في رسالة متوازنة.. في محطة المترو بمدينة مونتريال الكندية وقفوا جنبا إلى جنب، ورفعوا لافتات تشير إلى دياناتهم وبلادهم، وتشير إلى أنهم شركاء في مسكن واحد وتجمعهم صداقة وطيدة، ولم ينسوا التعاطف ليس مع فرنسا وحدها بل مع لبنان والعراق وسوريا.
المصري عمار قنديل، أحد هؤلاء الأربعة، قال لعربي بوست أنهم وجدوا أن الغرض الرئيسي لإطلاق قناتهم لم يكن بعيدا عن مضمون الفيديو الذي قدموه للدعوة للتعايش، فالأهداف كانت إلهام الشباب حول العالم أن يتحدوا السائد وأن ينفتحوا على العالم ويطرحوا أفكارا شبابية متجددة.
قصة فيديو التعايش
يقول عمار أنه في ليلة الهجمات الإرهابية على باريس، "جلسنا أنا وأصدقائي قلقين لما حدث. توماس (الصديق الفرنسي) قلق على عائلته وأصدقائه في باريس، ومات (الصديق الأمريكي) قضى سنوات طويلة من حياته في باريس وأمه باريسية. وأنا (المصري) شعرت بالقلق عليهما لأنهما أفضل أصدقائي، وأحسست بمدى خطورة انعكاس ذلك على النظرة إلى الإسلام والمسلمين الذين يعيشون في أوربا وأمريكا الشمالية، وأن ذلك سيعيد حالة الإسلاموفوبيا من جديد".
وتابع "لذا كان لابد لنا أن نقدم هذا الفيديو الذي أظهرنا فيه رفضنا لما حدث، مؤكدين أن أي عمل إرهابي لن يفرقنا، سنبقى نحب بعضنا البعض ونقدم الدعم أحدنا للآخر، وأن ديني الإسلامي يدعوني للعيش بسلام ومحبة مع كل الإنسانية".
عمار كان الشخص الوحيد الذي أشار لديانته في الفيديو، والسبب يرجع إلى استخدام الإرهابيين للإسلام كغطاء لأفعالهم، لكن "أنا استخدم اسم ديني للتعبير عن أخلاقي وحبي للآخرين، ومن باب أولى أن أوضح أن الدين الاسلامي يرفض تلك الأعمال الإجرامية ولا يمكن القبول بها أبدا"، على حد تعبيره.
ويقول عمار إن تفاعل المارة معهم كان كبيرا، وإيجابيا، "بعضهم أثنوا على العمل، وآخرون صافحونا حتى إن الأطفال عانقونا معبرين عن حبهم وتفاعلهم لما قدمناه".
النجاح لم يكن حليف فيديو التعايش وحده، فتجربة التحديات الثلاثين التي طرحها هؤلاء الشباب كانت محل اهتمام من وسائل إعلام عديدة بشرت بجيل يتحدى الأفكار النمطية الجاهزة.