في رحلة البحث المستمرة عن ليلة نوم هانئة، نتنقل بين النصائح والحلول المختلفة، متجاهلين أحياناً عوامل قد تبدو بسيطة لكنها تحمل تأثيراً كبيراً. واحد من هذه العوامل، والذي قد يكون مفاجئاً للكثيرين، هي نكهة معجون الأسنان التي نستخدمها يومياً.
إذ أظهرت دراسات أن استخدام معجون أسنان النعناع قد يكون أحد أهم العوامل التي تتسبب في قلة النوم خلال الليل وذلك يعود لعدة عوامل من بينها المنثول المتواجد بداخل هذه النوعية من معجون الأسنان، لتبدأ التساؤلات حول الحلول البديلة لهذه المادة، وما الوسائل التي قد تساعد في تجنب قلة النوم بعد تنظيف الأسنان خلال الليل.
أهمية النوم وتأثيرات قلته
يُعتبر النوم جزءاً حيوياً من الروتين اليومي للحفاظ على صحة الجسم والعقل. يساعد النوم الجيد على تجديد الطاقة وتعزيز القدرات العقلية والجسدية. ومع ذلك، تؤدي قلة النوم إلى التعب المستمر، وترتبط بالعديد من المشاكل الصحية، الشخصية والاجتماعية على المدى الطويل.
أظهرت دراسة حديثة أجراها الدكتور جانغ يونغ كيم من جامعة يونسي في كوريا الجنوبية، والتي تتبعت حالة نحو 2600 بالغ لأكثر من عامين، وجود صلة وثيقة بين قلة النوم وزيادة مخاطر الإصابة بما يعرف بـ"متلازمة الأيض". تشير النتائج إلى أن الأشخاص الذين ينامون أقل من ست ساعات يومياً يواجهون خطراً متزايداً بنسبة 41% للإصابة بمتلازمة الأيض مقارنة بمن ينالون قسطاً كافياً من الراحة، والتي تتراوح ما بين ست إلى ثماني ساعات ليلاً.
تعرف "متلازمة الأيض" بأنها مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل السكري وأمراض القلب والجلطات الدماغية. تتضمن هذه العوامل ارتفاع مستويات سكر الدم والكوليسترول، زيادة الدهون حول الخصر، ارتفاع ضغط الدم، وزيادة نسبة الدهون في الدم. يؤكد الدكتور كيم أهمية الوعي بمخاطر متلازمة الأيض، لا سيما بين أولئك الذين يعانون من قصر فترات النوم، حيث تشكل تهديداً لحياتهم بسبب الأمراض المزمنة المرتبطة بها.
استخدام معجون أسنان النعناع وعلاقته بقلة النوم
عند استخدام معجون أسنان النعناع قد يتسبب ذلك في إطالة المدة الزمنية المستغرقة قبل النوم، بالإضافة إلى إعاقته لقدرة الجسم على الإطالة في النوم، حسب موقع "sleep" الأمريكي يقول الدكتور كريس وينتر، إن النعناع عبارة عن نبات يحصل على نكهته المميزة من محتواه العالي من المنثول، مشيراً إلى دراسة عام 2013 حول التأثيرات الفورية لزيت النعناع الأساسي، والتي تُظهر أن النعناع يعمل كمنبّه لتحسين الانتباه والذاكرة ووقت الاستجابة، يقول وينتر: "هذا التحفيز للوظائف المعرفية على الأرجح ليس إيجابياً عندما يتعلق الأمر بمحاولة تهدئة العقل والنوم".
لهذا يحذر معظم الخبراء من تأثير النعناع على جودة النوم، بينما يُعرف النعناع بنكهته المنعشة وخصائصه المحفزة، فوفقاً لدراسة حديثة، يعمل النعناع كمنبه، مما يزيد من وقت الاستجابة ويعزز اليقظة؛ مما يجعله خياراً غير مثالي لليلة هادئة.
من جانبها، تؤكد خالية غيلوري، الخبيرة في استشارات النوم، هذه النقطة، مشددةً على أن تناول المنتجات المحتوية على النعناع قد يؤدي إلى اضطراب روتين الاسترخاء قبل النوم؛ نظراً لتأثيرها المحفز على إطلاق الدوبامين في الدماغ.
بدائل معجون الأسنان بنكهة النعناع
في ظل تزايد الوعي بتأثيرات منتجات العناية الشخصية على النوم، يبحث الخبراء عن بدائل لمعجون أسنان النعناع. الدكتور غيلوري، متخصص في العناية بالفم، يلاحظ أن بعض العملاء يفضلون استخدام معجون الأسنان بالنعناع قبل النوم، بينما يجد آخرون أنه يؤثر على جودة نومهم.
يقترح غيلوري تنظيف الأسنان بمعجون النعناع قبل ساعتين من النوم، للتقليل من تأثيره المحفز. وفي حين يرى الخبير النومي وينتر أهمية تجربة نكهات معجون الأسنان المختلفة، يشير إلى أن استبدال النعناع بالزنجبيل أو القرفة قد يكون مفيداً لمن يواجهون صعوبة في النوم.
تدعم غيلوري هذا الرأي بتوصيتها باستخدام معجون الأسنان الطبيعي الخالي من الفلورايد والمنكّه باللافندر أو الياسمين، لتعزيز الاسترخاء وتحسين جودة النوم. وتشير إلى أن هذه النكهات يمكن أن تقدم تجربة مميزة ومفيدة للنوم.
وأخيراً، ينصح الخبراء بأهمية إدراج معجون الأسنان بالنعناع في الروتين الصباحي، للاستفادة من تأثيره المنعش والمحفز. ويقدمون نصيحة لأولئك الذين قد لا يتمكنون من تجنب النعناع خلال العطلات، بإزالته من حمامات الأطفال وغرف نوم الضيوف، ليس فقط خلال موسم الأعياد، بل على مدار العام.
استراتيجيات أخرى لنوم أفضل
بخلاف اختيار النكهة المناسبة لمعجون الأسنان، توجد عدة استراتيجيات أخرى يمكن تطبيقها لتعزيز جودة النوم. هذه الاستراتيجيات تمتد لتشمل جوانب متعددة من الحياة اليومية، وتساعد في تحقيق نوم أكثر راحة واستعادة:
- إنشاء بيئة نوم مثالية: تكييف الغرفة لتكون باردة، مظلمة وهادئة.
- الحفاظ على جدول نوم ثابت: تطوير روتين يومي ثابت للنوم والاستيقاظ.
- المواظبة على التمرين البدني: الانتظام في ممارسة التمارين الرياضية لتعزيز الصحة العامة والنوم.
- تجنب المنبهات في وقت متأخر من اليوم: الابتعاد عن مصادر الكافيين وغيرها من المنبهات بعد الظهر.
- العلاجات الطبية لاضطرابات النوم المزمنة: في بعض الحالات، قد يكون اللجوء للأدوية أو استخدام جهاز CPAP لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم ضرورياً.
النوم يُعد ركيزة أساسية للصحة الجيدة، ويستوجب العناية بكافة الجوانب المتعلقة به، حتى تلك التي قد تبدو غير مهمة كاختيار نكهة معجون الأسنان. من خلال فهم كيفية تأثير هذه العوامل الصغيرة على جودة النوم، يمكننا العمل على تحسينها، وبالتالي تحسين جودة حياتنا العامة.