غالباً ما نعتقد عدم وجود صلة بين الجهاز الهضمي والبشرة، لكن دراسات حديثة بينت وجود أدلة تربط بينهما، إذ يشار إليها باسم "المحور الجلدي المعوي"، يشير بعض العلماء إلى أن الميكروبيوم المعوي غير متوازن، قد يتسبب هذا الخلل في التوازن إلى اضطرابات في الجلد مثل الصدفية أو الإكزيما.
إذاً كيف تؤثر صحة الجهاز الهضمي على الجلد أو البشرة؟ وما هو ما يعرف علمياً بـ"المحور الجلدي المعوي"؟
العلاقة بين صحة الأمعاء والجلد
يشير المحور الجلدي المعوي إلى التبادل المتواصل بين الجلد والأمعاء، حسب ما نشرته دورية "Clinics in Dermatology" سنة 2021، غالباً ما يشار في الإشارات المتبادلة بين الجهاز الهضمي والجلد إلى أنها جزء لا يتجزأ من شبكة أكبر بكثير تُعرف باسم "المحور الدماغي المعوي الجلدي"، الذي ينظّمه مجموعة من جزيئات الإشارة ونشاط ميكروبات الأمعاء.
لا تعمل خلايا الأمعاء كما ينبغي عندما يكون هناك خلل في ميكروبيوم الأمعاء، الشيء الذي يسمح لجزيئات الإشارة المعززة للالتهابات بالدخول إلى مجرى الدم، ما يتسبب في الإصابة بالشيخوخة المبكرة أو وردية الوجه وحب الشباب، بالإضافة إلى الصدفية والإكزيما.
قال الدكتور "بروك جيفي"، للموقع الأمريكي Live science، الاختلال في توازن الأمعاء يحدث عادة عندما لا تحتوي الأمعاء على نسبة كافية من البكتيريا الجيدة بمقارنتها بالبكتيريا السيئة، هذه الأخيرة تتسبب في مشاكل جلدية منها الالتهابات.
وحسب المصدر نفسه تشير اختصاصية الأمراض الجلدية بكلية الطب تولين بالولايات المتحدة الدكتورة "باتريسا فاري" إلى احتمالية وجود أسباب أخرى لها دور في هذا الموضوع، إذ يتسبب نشاط الخلايا المناعية في ظهور أنواع من الالتهاب الجهازي المزمن قد يؤثر بدوره في جميع أعضاء الجسم، من ضمنها الجلد.
علاقة صحة الأمعاء بالصدفية والإكزيما
لصحة الأمعاء دور كبير في الحفاظ على البشرة أو الجلد ونظارته، لكن هناك بعض الأمراض الجلدية التي قد تكون مؤشراً على إصابة جهازك الهضمي، من بينها:
- الصدفية
الصدفية مرض جلدي يسبب طفحاً جلدياً وبقعاً قشرية تظهر غالباً على الركبتين والمرفقين وجذع الجسم وفروة الرأس، وتكون مثيرة للحكة، وهي من الأمراض الشائعة والمزمنة التي لا يوجد علاج لها، كما تسبب الصدفية في ألم يؤثر على النوم ويضعف التركيز.
غالباً ما تمر هذه الحالة المَرَضية عبر عدة دورات، فتحتد لبضعة أسابيع أو أشهر، ثم تهدأ لفترة، ومن المحفزات الشائعة لها لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لمرض الصدفية؛ الالتهابات والجروح والحروق وبعض الأدوية.
ومن بين أعراض المرض:
- طفح جلدي على شكل بقع يتفاوت شكله كثيراً من شخص لآخر، ويتراوح ما بين بقع تشبه قشرة الرأس، وطفح جلدي شديد على نطاق واسع من الجسم.
- الطفح الجلدي متنوع اللون الذي يميل إلى درجات الأرجواني، مع قشور رمادية على البشرة البنية أو السوداء، أو قد يميل الطفح إلى درجات الوردي والأحمر مع قشور فضية على الجلد الأبيض.
- بقع صغيرة متقشرة.
- جلد جاف متشقق وقد ينزف.
- الحكة أو الحرقان أو الوجع.
- الطفح الجلدي الدوري الذي يحتدم لبضعة أسابيع أو أشهر ثم يهدأ.
- الإكزيما
الإكزيما مرض جلدي ناتج عن التهاب الجلد التأتبي الذي يعني التهاب الجلد، وحساسية الجلد المرتفعة التي تكون في أغلب الأحيان لأسباب وراثية.
هذا النوع من الأمراض الجلدية هو الأكثر احتمالاً للظهور بعد ظهور الأعراض الأخرى التي تشير إلى وجود تحسس مثل الربو أو حمى القش التي تسمى أيضاً التهاب الأنف الأرجي، حساسية الأنف، حمّى القَشّ، حمى الكلأ، وربو الحشائش.
تسبّب الإكزيما بشكل عام تهيج الجلد وحكّة، احمراراً وجفافاً لدرجة ظهور تشققات وجُلْبَات، أي قشرة تتكون فوق القرح أو الجرح على الجلد، تظهر الإكزيما بشكل خاص على الوجه والأطراف، لكن من الممكن أن تظهر أيضاً في مناطق أخرى من الجسم.
ومن بين أعراض الإكزيما:
- بقع على الجلد تثير الحكة، وتكون جافة والجلد فيها وحولها أكثر سُمكاً من الطبيعي، وهي تظهر بشكل عام على اليدين، والعنق، والوجه، والرجلين.
- لدى الأطفال قد تظهر أيضاً على الجهة الداخلية من مفاصل الركبتين ومفاصل المرفقين.
- الحكة قد تؤدي إلى ظهور جروح وتقرحات تغطيها الجُلبات.
- العد الوردي
العد الوردي أو الوردية هي حالة مزمنة من أمراض الجلد تتميز باحمرار في الوجه على فترات متكررة مع ظهور بثور، قد تكون الوراثة عاملاً في الإصابة بهذا المرض الجلدي، بالإضافة إلى العوامل البيئية، قد تشير الإصابة بهذا المرض إلى إصابة الجهاز الهضمي لديك.
ربطت مراجعة نُشرت عام 2021 في دورية "Advances in Therapy" بين العد الوردي وعدد من الأمراض المعوية، من بينها داء الأمعاء الالتهابي، والداء البطني، ومتلازمة القولون العصبي.
وفقاً لدراسة نُشرت عام 2018 في دورية "BMC Infectious Diseases"، قد تحفز هذه البكتيريا جهاز المناعة لإنتاج عدد كبير من الخلايا المقاومة للعدوى والمُسبّبة للالتهابات، الأمر الذي ينجم عنه ظهور التهاب "الوردية" وتفاقمه.
- حب الشباب
من أكثر الحالات الجلدية شيوعاً حب الشباب، والذي يصيب عادة الوجه وباقي أجزاء الجسم، قد تؤثر الوراثة والهرمونات في الإصابة بحب الشباب، ومع ذلك تتزايد الأدلة في الآونة الأخيرة على وجود صلة بين صحة الأمعاء وهذه الحالة.
كما يساهم النظام الغذائي في ظهور حب الشباب بسبب الاضطرابات المعوية التي يسببها، نظراً لاحتوائه على نسبة عالية من الكربوهيدرات المكررة والدهون المشبعة والسكريات المضافة.
كما أن ميكروبات الأمعاء قد تزيد أعراض حب الشباب من خلال تعديل الاستجابات المناعية للجلد لأنواع معينة من البكتيريا مثل "البكتيريا البروبيونية العدية". ومع ذلك، ثمة حاجة إلى مزيد من البحث لفهم هذه العلاقة.
أطعمة ينصح بها للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي
يعتبر ميكروبيوم الأمعاء أحد أهم جوانب الصحة الجيدة والرفاهية، فهو يساعد على هضم الأطعمة التي تتناولها لتوفير الطاقة للجسم وامتصاص العناصر الغذائية للحفاظ على صحة الجسم بالكامل.
كما تشكل ميكروبيوم الأمعاء أكثر من 100 تريليون بكتيريا جيدة وسيئة، والأطعمة التي يتم تناولها تلعب دوراً محورياً في صحة الأمعاء. فإذا كان تكوين القناة الهضمية غير متوازن، فإنه يخلق بيئة يمكن أن تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والظروف الصحية.
تعد أفضل طريقة للحفاظ على التوازن الصحي هي تناول الأطعمة المحببة للأمعاء والغنية بالمغذيات، مثل العناصر الغذائية التالية:
- الشوفان.
- البرغل.
- الموز.
- العدس.
- التوت.
- الزبادي.
- الفاصوليا السوداء.
- الزنجبيل الأخضر.