إذا كنت مصاباً باضطراب الوسواس القهري (OCD)، فقد يبدو الموقف التالي مألوفاً لديك: لديك هاجس في رأسك لا يمكنك التخلص منه. وكلما حاولت التخلص من الفكرة العالقة في رأسك، زاد شعورك بالقلق. ومن المحتمل أنك تعتقد أن علاج الوسواس القهري غير ممكن، لاعتقادك بأنه ليس مرضاً جسدياً يمكن التعامل مع أعراضه.
يعرّف اضطراب الوسواس القهري (OCD) على أنه نوع من الاضطرابات العقلية الشائعة والمزمنة وطويلة الأمد المرتبطة بالشعور الدائم بالقلق الذي يحبس صاحبه في سلسلة متكررة من الهواجس والأفكار والمخاوف غير المنطقية؛ مما يؤدي إلى سلوكيات لا يمكن السيطرة عليها ومتكررة يشعر بالحاجة إلى تكرارها مراراً وتكراراً.
وعندما يُترك دون علاج، يمكن أن يؤثر الوسواس القهري بشكل كبير على حياتك وعلاقاتك اليومية. لكن الخبر السار هو أن العلاج يمكن أن يقلل من قلقك. ويمكن أن يساعدك في التأقلم مع هذه الهواجس والتخفيف منها.
في هذه المقالة، سنلقي نظرة على الأنواع الثلاثة الأكثر فعالية للعلاج من الوسواس القهري، وكذلك الأدوية التي يمكن أن توصف للتخفيف من أعراضه.
ما هو علاج الوسواس القهري؟ وهل يمكن علاجه حقاً؟
حتى الستينيات، كان الوسواس القهري يعتبر غير قابل للعلاج. لكن مع تطور الطب العلاجي والنفسي أصبح هناك العديد من الخيارات لعلاجه والتخفيف من حدته اليوم. ووفقاً لمؤسسة الوسواس القهري الدولية (IOCDF) ، يستفيد حوالي 7 من كل 10 أشخاص من علاجات الوسواس القهري التي تشمل عادةً مزيجاً من العلاج النفسي والأدوية.
فيما يلي نركز على ثلاثة علاجات لديها أكثر الأدلة العلمية لتقليل أعراض الوسواس القهري. وهذه هي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
- منع التعرض والاستجابة (ERP)
- علاج القبول والالتزام (ACT)
- الأدوية
العلاج السلوكي المعرفي
العلاج السلوكي المعرفي هو نوع من العلاج بالكلام يساعدك على تحديد وتغيير أنماط التفكير والسلوكيات التي تؤثر سلباً على عواطفك. يتكون العلاج المعرفي السلوكي للوسواس القهري عادةً من جزأين: العلاج المعرفي والتعرض ومنع الاستجابة.
يعلمك العلاج المعرفي أن الأفكار السلبية أو المؤلمة قد لا تكون مهمة كما تشعر. على سبيل المثال، قد تكون لديك فكرة غير مرغوب فيها حول إيذاء صديق. يمكن أن يساعدك المعالج على فهم أن التفكير في هذا لا يعني أنك ستؤذي أي شخص وأنك لست "شخصاً سيئاً" لوجود أفكار تطفلية سيئة في ذهنك.
أما قسم العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة فهو يهدف إلى تقليل قلقك من خلال التعرض التدريجي للأشياء التي تسبب لك الضيق؛ حيث يقوم معالجك بتدريبك على تحمل الخوف دون أي إكراه للتأقلم.
علاج التعرض والوقاية من الاستجابة (ERP)
تعتبر طريقة التعرض والوقاية من الاستجابة نوعاً من العلاج المعرفي السلوكي، ويعرف بأنه علاج ذهبي قياسي لاضطراب الوسواس القهري. إذ إن ما يصل إلى 60٪ من الأشخاص الذين يكملون علاج ERP لديهم أعراض أقل من الوسواس القهري على المدى الطويل.
في هذا النمط من العلاج، يعرضك المعالج تدريجياً للأفكار أو المواقف التي تثير قلقك (التعرض). بعد ذلك، يساعدك في التعامل مع ومقاومة القلق الذي تشعر به (منع الاستجابة).
هذا النوع من العلاج هو عملية تدريجية تشبه التسلسل الهرمي للمهام. ستبدأ بأشياء لا تسبب لك الكثير من القلق قبل العمل على التعرضات التي تشعرك بالخوف.
على سبيل المثال ، قد تشمل أعراض الوسواس القهري التي تعاني منها الإكراه على غسل اليدين بشكل مفرط. قد يقوم المعالج بتدريبك أولاً على تخيل أن يديك متسخة. بمجرد أن تشعر بقلق أقل حيال ذلك، سوف يقوم معالجك بتأخير غسل يديك. أثناء انتظارك لغسل يديك، ستستخدم طرقاً أخرى للتأقلم مع فكرة اتساخ يديك.
بمرور الوقت، يساعدك العلاج على بناء قدرة على تحمل الضيق والقلق. ثم يقوم معالجك بتوجيهك خلال التعرض لأشياء تخشاها أكثر. الهدف هو إدراك أنه يمكنك تحمل الخوف والقلق، مما يقلل من أعراض الوسواس القهري لديك.
علاج القبول والالتزام (ACT)
ACT هو نوع مختلف من العلاج يمكن أن يكون مفيداً للوسواس القهري. يركز هذا العلاج على أن الأفكار مؤقتة وأنك لست بحاجة إلى التحكم فيها أو تغييرها أو تجنبها. كما أن هذا العلاج يركز على أن الأفكار لا تعبر بالضرورة عنك وعن قيمك في الحياة.
سيرشدك المعالج خلال عملية العلاج على الاتصال باللحظة الحالية عندما تظهر الأفكار والوساوس. وسيساعدك أيضاً على التركيز على أهداف حياتك وقيمك لتحويل التركيز بعيداً عن الهواجس المتكررة.
ACT هو علاج جديد نسبياً للوسواس القهري، لكن كما يشير موقع Very Well Mind، تظهر العديد من الدراسات أنه يمكن أن يقلل من أعراض الوسواس القهري مثل القلق والتجنب والأفعال القهرية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون ACT مفيداً عند دمجه مع علاج التعرض والاستجابة.
العلاج بالأدوية للوسواس القهري
هناك عدد من الأدوية التي تمت الموافقة عليها من قبل إدارة الغذاء والدواء (FDA) لعلاج الوسواس القهري. تنتمي معظم هذه الأدوية إلى فئة من مضادات الاكتئاب تسمى مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).
على الرغم من أن هذه الأدوية تسمى مضادات الاكتئاب، إلا أنها فعالة في علاج اضطرابات القلق مثل الوسواس القهري أيضاً. ويُعتقد أن هذه الأدوية تعمل عن طريق زيادة كمية السيروتونين المتوفرة داخل الدماغ، والتي قد تكون سبباً مهماً لاضطراب الوسواس القهري.
ماذا يحدث إذا تُرك الوسواس القهري دون علاج؟
تختلف شدة ونوع الوسواس القهري من شخص لآخر. لهذا السبب، يمكن أن يبدو الوسواس القهري غير المعالج مختلفاً عند كل شخص يعاني منه. بشكل عام، كلما طالت مدة بقاء الوسواس القهري دون علاج، أصبح الأمر أكثر صعوبة على الشخص من حيث الأعراض وخطة العلاج.
عندما تُترك دون علاج، قد تؤثر هواجس الوسواس القهري على نوعية الحياة وأبسط الأنشطة اليومية، وقد تمنع الأشخاص من عيش حياة طبيعية والقيام بمهامهم الاعتيادية مع عائلاتهم أو في محيط عملهم.
قد يهمك أيضاً: ليس الخوف من الجراثيم، أو الهوس بالترتيب فقط! تعرف على أنواع الوسواس القهري الأخرى
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.