يلعب الصوم دوراً رئيسياً في العديد من الثقافات والأديان، ومن أشكال الصيام، صيام شهر رمضان لدى المسلمين، الذي يُعرف بأنه الامتناع عن تناول جميع الأطعمة أو المشروبات لفترة زمنية محددة، تبدأ من طلوع الفجر وحتى أذان المغرب، ووفقاً للدراسات العلمية ثبت أن الصيام له العديد من الفوائد الصحية، التي تبدأ من إنقاص الوزن، وتصل إلى تحسين وظائف المخ، هنا يُمكنك مُتابعة الفوائد الصحية التي يُمكنك الحصول عليها من الصيام، وفقاً للدراسات العلمية.
الصيام المُتقطع
أغلب الدراسات تشتمل على مصطلح "الصيام المتقطع"، وهو الذي يُحقق النتائج الطبية والفوائد الصحية التي سنذكرها، الصيام المُتقطع هو النمط الغذائي الذي يدور بين فترات الصيام والأكل، إنه لا يحدد الأطعمة التي يجب أن تتناولها، ولكن متى يجب تناولها.
الصيام المُتقطع ليس نظاماً غذائياً بالمعنى التقليدي للكلمة، ولكنه يتم وصفه بشكل أكثر دقة كنمط للأكل، وتتضمن طرق الصوم المتقطعة الشائعة صياماً مدة 16 ساعة يومياً، أو صياماً لمدة 24 ساعة، مرتين في الأسبوع.
فالصيام المُتقطع هو الحدّ بشكل جزئي أو كلي من تناول الطعام لبضع ساعات حتى بضعة أيام في المرة الواحدة، ثم يتم استئناف النظام الغذائي العادي بعد الفترة المُحددة للصيام.
يمكن اعتبار الصوم الإسلامي خلال شهر رمضان صياماً متقطعاً، لأنه قائم على فكرة التغذية المقيدة بالوقت.
فوائد الصيام وفقاً للدراسات العلمية
1- تعزيز التحكم في نسبة السكر في الدم عن طريق الحدّ من مقاومة الأنسولين
وجدت العديد من الدراسات أن الصيام قد يُحسن من التحكم في نسبة السكر في الدم، والتي قد تكون مفيدة بشكل خاص لأولئك المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري، فقد أظهرت إحدى الدراسات التي أُجريت على 10 أشخاص مُصابين بداء السكري من النوع الثاني، أن الصيام المتقطع على المدى القصير يُقلل بشكل كبير من مستويات السكر في الدم.
وقد وجدت مراجعة أخرى أن كلا من الصيام والصيام المُتقطع، كانا فاعلين في الحدّ من السعرات الحرارية، التي بدورها تحدّ من مقاومة الأنسولين.
مقاومة الأنسولين، هي حالة تُصبح فيها خلايا الجسم مقاومة له، والأنسولين هو هرمون يتم صنعه بواسطة البنكرياس، فيُصبح أقل فاعلية في تخفيض مستوى السكر في الدم.
ويمكن أن يؤدي تقليل مقاومة الأنسولين الناتج عن الصيام إلى زيادة حساسية جسمك للأنسولين، مما يسمح له بنقل الجلوكوز من مجرى الدم إلى خلاياك بشكل أكثر كفاءة، إلى جانب التأثيرات المُحتملة لخفض نسبة السكر في الدم، قد يساعد هذا في الحفاظ على نسبة السكر في الدم ثابتة، مما يمنع حدوث طفرات في مستويات السكر في الدم.
ووجدت بعض الدراسات أيضاً أن الصيام المُتقطع قد يؤثر على مستويات السكر في الدم بشكل مختلف للرجال والنساء، فعلى سبيل المثال، أظهرت إحدى الدراسات الصغيرة التي استمرت لمدة ثلاثة أسابيع أن ممارسة الصيام في اليوم تُضعف من التحكم في نسبة السكر في الدم لدى النساء، ولكن ليس لها تأثير على الرجال.
2- يقوم الصيام بمكافحة الالتهابات
الالتهاب هو ردة فعل يُصدرها الجهاز الدفاعي في الجسم على دخول عامل غريب، سواء أكان جرثومة، أو بكتيريا، أو فيروسا، أو جسماً غريباً، أو على إصابة ما أيّاً كانت في أنسجة الجسم، وفي حين أن الالتهابات هي عملية مناعية طبيعية، إلا أن الالتهاب المُزمن يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على الصحة.
تُظهر الأبحاث أن الالتهابات قد تتورَّط في تطور الحالات المزمنة، مثل أمراض القلب والسرطان والتهاب المفاصل الروماتويدي، ووجدت بعض الدراسات أن الصيام يمكن أن يساعد في تقليل مستويات الالتهاب ويساعد على تحسين الصحة.
أظهرت دراسة أُجريت على 50 من البالغين الأصحاء أن الصيام المتقطع لمدة شهر واحد ساعد على خفض مستويات علامات الالتهابات بشكل ملحوظ، كما كشفت دراسة صغيرة أخرى نفس التأثير عندما صام الناس لمدة 12 ساعة في اليوم لمدة شهر واحد، وهو شهر رمضان.
وقد وجدت إحدى الدراسات التي أُجريت على الحيوانات أن اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية لتقليد آثار الصيام يؤدي إلى انخفاض مستويات الالتهاب، وكان مفيداً في علاج مرض التصلب المتعدد، وهو مرض التهابي مزمن.
3- يُعزز الصيام صحة القلب عن طريق تحسين ضغط الدم، ومستويات الدهون الثلاثية، والكوليسترول في الدم
تعتبر أمراض القلب السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم، حيث تمثل ما يقدر بنحو 31.5% من الوفيات على مستوى العالم، يُعدّ تبديل نظامك الغذائي وأسلوب حياتك أحد أكثر الطرق فاعلية لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.
وجدت بعض الأبحاث أن دمج الصيام في روتينك قد يكون مفيداً بشكل خاص، عندما يتعلق الأمر بصحة القلب، كشفت دراسة واحدة صغيرة أن ثمانية أسابيع من الصيام بشكل متقطع، قلَّلت من مستويات الكوليسترول الضار والكوليسترول الكلي في الدم بنسبة 25% إلى 32% على التوالي.
أظهرت دراسة أخرى شملت 110 من الأشخاص البالغين الذين يعانون من السمنة المفرطة أن الصيام لمدة ثلاثة أسابيع تحت إشراف طبي أدى إلى ضبط ارتفاع ضغط الدم، وكذلك مستويات الدهون الثلاثية في الدم، والكوليسترول الكلي، والكوليسترول الضار LDL.
بالإضافة إلى ذلك، هناك دراسة واحدة شملت 4629 شخصاً وتوصلت إلى أن الصيام له صلة بانخفاض خطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي، فضلاً عن انخفاض خطر الإصابة بمرض السكري بشكل كبير، وهو عامل خطر رئيسي للإصابة بأمراض القلب.
4- يُعزز الصيام وظيفة الدماغ ويمنع الاضطرابات العصبية التنكسية
على الرغم من كون الأبحاث تقتصر في الغالب في هذا الشأن على بحوث الحيوانات، إلا أن العديد من الدراسات وجدت أن الصيام قد يكون له تأثير قوي على صحة الدماغ، أظهرت إحدى الدراسات التي أُجريت على الفئران أن ممارسة الصيام المتقطع لمدة 11 شهراً أدت إلى تحسين وظيفة الدماغ وهيكل الدماغ.
أفادت دراسات حيوانية أخرى أن الصيام يمكن أن يحمي صحة الدماغ ويزيد من توليد الخلايا العصبية للمساعدة في تعزيز الوظيفة الإدراكية، ولأن الصيام قد يساعد أيضاً في تخفيف الالتهاب، فإنه يساعد أيضاً في منع الاضطرابات العصبية التنكسية.
على وجه الخصوص، تُشير الدراسات التي أُجريت على الحيوانات إلى أن الصيام قد يحمي ويحسن من نتائج حالات مثل مرض الزهايمر والشلل الرعاش، ومع ذلك فمازالت هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتقييم آثار الصيام على وظائف المخ لدى البشر.
5- يعمل الصيام على تخفيف الوزن
يساعد الصيام على تخفيف الوزن، عن طريق الحدِّ من السعرات الحرارية وزيادة التمثيل الغذائي، من الناحية النظرية، يجب أن يؤدي الامتناع عن تناول جميع الأطعمة والمشروبات أو بعض الأطعمة إلى تقليل كمية السعرات الحرارية التي يحصل عليها الجسم بشكل عام، ما قد يؤدي إلى زيادة فقدان الوزن مع مرور الوقت.
وقد وجدت بعض الأبحاث أن الصيام على المدى القصير قد يُعزز عملية الأيض عن طريق زيادة مستويات مادة النورابينفرين، التي يمكن أن تُعزز فقدان الوزن.
أظهرت إحدى المراجعات أن الصيام طوال اليوم يمكن أن يقلل من وزن الجسم بنسبة تصل إلى 9% ويقلل بشكل كبير من دهون الجسم خلال 12-24 أسبوعاً، ووجدت مراجعة أخرى أن الصيام المتقطع على مدى 3-12 أسبوعاً كان فعالاً في تحفيز فقدان الوزن، مثل تقليل السعرات الحرارية المستمر وخفض وزن الجسم وكتلة الدهون بنسبة تصل إلى 8% و16% على التوالي.
6- يُزيد الصيام من إفراز هرمون النمو
يُزيد من إفراز هرمون النمو، وهو أمر حيوي للنمو والتمثيل الغذائي وفقدان الوزن وقوة العضلات، وهرمون النمو البشري (HGH) هو نوع من الهرمونات يُعدّ محورياً في العديد من جوانب صحتك.
تُظهر الأبحاث أن هذا الهرمون الرئيسي متورط في النمو والتمثيل الغذائي وفقدان الوزن وقوة العضلات، وقد وجدت العديد من الدراسات أن الصيام قد يُزيد بشكل طبيعي من مستويات هرمون النمو.
أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت على 11 من البالغين الأصحاء أن الصيام لمدة يوم زاد بشكل كبير من مستويات هرمون النمو، ووجدت دراسة صغيرة أخرى في تسعة رجال أن الصيام لمدة يومين فقط أدى إلى زيادة 5 أضعاف في معدل إنتاج هرمون النمو.
بالإضافة إلى ذلك، قد يساعد الصيام في الحفاظ على مستويات السكر في الدم والأنسولين ثابتة طوال اليوم، مما قد يُزيد من مستويات هرمون النمو، حيث إن بعض الأبحاث قد وجدت أن زيادة مستويات الأنسولين قد تُقلل من مستويات هرمون النمو.
7- قد يؤخر الصيام من الشيخوخة ويُزيد العمر
وجدت العديد من الدراسات التي أجريت على الحيوانات نتائج واعدة بشأن الآثار المحتملة لدور الصوم في تمديد العمر، في إحدى الدراسات كانت الفئران التي تصوم يومياً لديها معدل تأخر في الشيخوخة وعاشت لفترة أطول بنسبة 83% من الفئران التي لم تكن تصوم.
وقد توصلت دراسات حيوانية أخرى إلى نتائج مماثلة، تُفيد بأن الصيام يمكن أن يكون فعالاً في زيادة معدلات البقاء على قيد الحياة، لكن مازالت البحوث تقتصر على الدراسات الحيوانية، وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم كيف يمكن للصيام أن يؤثر على إطالة العمر وتأخير الشيخوخة عند البشر.
8- يساعد الصيام على الوقاية من السرطان وزيادة فاعلية العلاج الكيميائي
تُشير الدراسات على الحيوانات إلى أن الصيام قد يفيد في علاج السرطان والوقاية منه، فقد وجدت دراسة على الفئران أن الصيام المُتقطع يساعد على منع تشكيل الورم، وبالمثل أظهرت دراسة أخرى أن تعريض الخلايا السرطانية لعدة دورات من الصيام كان بنفس فاعلية العلاج الكيميائي في تأخير نمو الورم وزيادة فاعلية أدوية العلاج الكيميائي.
لكن مازالت تقتصر معظم الأبحاث على آثار الصيام على تكوين السرطان في الحيوانات والخلايا، ومازالت هناك حاجة إلى دراسات إضافية للنظر في مدى تأثير الصيام على تطور السرطان وعلاجه لدى البشر.
استثناءات في الصيام
هناك حالات طبية لا تستطيع تحقيق الفوائد السابقة من الصيام، وإن كانت تجني بعض الأضرار إذا صامت، لذلك يجب المراجعة الطبية والحصول على الرأي الطبي في كيفية التعامل مع الصيام، وإن كان ينبغي الصيام من الأساس أم لا.
من هذه الحالات، ما يتعلق بمرض السكري، فيجب على مرضى السكري أن يدركوا أن الاستشارات الطبية والغذائية والجسدية ضرورية للأفراد المصابين بداء السكري، الذين يريدون الصوم خلال شهر رمضان، كذلك الأمر نفسه بالنسبة للمصابين بمرض الشريان التاجي، حصى الكلى.. وغيرها.
كذلك وعلى الرغم من كون الدراسات المنشورة تشير إلى أن صيام رمضان لم يكن له تأثير سلبي خطير على النسل، فمن المستحسن بشدة أن تتجنب النساء الحوامل الصيام بسبب محدودية الدراسات التي ترصد هذا التأثير.
سلبيات الصيام المتقطع
وفقاً لخدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة، هناك بعض السلبيات الصحية المرتبطة بالصيام المتقطع.
فيعاني الأشخاص الذين يصومون عادة من الجفاف، ويعود السبب في ذلك إلى أن الجسم لا يحصل على أي سوائل من الطعام، على هذا النحو، يوصى بأن يستهلك المسلمون خلال شهر رمضان الكثير من الماء قبل فترات الصيام، ويجب على الأفراد الآخرين الذين يتبعون حمية الصيام التأكد من أنهم رطبوا بشكل صحيح خلال فترات الصيام.
إذا كنت معتاداً على تناول وجبة الإفطار والغداء والعشاء والوجبات الخفيفة بين الفترتين، فقد تكون فترات الصيام تحدياً كبيراً، على هذا النحو يمكن للصيام زيادة مستويات التوتر واضطرابات النوم، كما يمكن أن يؤدي الجفاف أو الجوع أو قلة النوم أثناء فترة الصيام إلى الصداع.
الصيام يمكن أن يسبب حرقة المعدة، فنقص الطعام يؤدي إلى انخفاض في حمض المعدة، وهو الذي يهضم الطعام ويدمر البكتيريا، لكن شم الطعام أو حتى التفكير فيه خلال فترات الصيام يمكن أن يدفع الدماغ إلى إخبار المعدة لإنتاج المزيد من الحمض، مما يؤدي إلى حدوث الحرقة.
في حين أن العديد من خبراء التغذية يدّعون أن الصيام المتقطع هو وسيلة جيدة لفقدان الوزن، يعتقد بعض المهنيين الصحيين أن مثل هذا النظام الغذائي غير فعال لفقدان الوزن على المدى الطويل، وسيعود الوزن المفقود بمجرد البدء في تناول الطعام بشكل طبيعي مرة أخرى.