تعد بعض عيوب القلب الخلقية في الأطفال بسيطة ولا تحتاج إلى علاج، بينما تكون عيوب أخرى أكثر تعقيداً، وقد تحتاج إلى إجراء العديد من العمليات الجراحية على مدار عدة سنوات. تساعد معرفة أي نوع من عيوب القلب لدى الطفل على تفهم الحالة والتعرف على ما يُتوقع وقوعه في الشهور والسنوات القادمة مع عمره.
نتطرَّق في هذا التقرير لكل ما تودُّ معرفته عن العيوب الخَلقية في القلب عند الأطفال، وكيفية اكتشافها وكيف يمكن علاجها؟
ما هي عيوب القلب الخلقية؟
العيوب الخَلقية في القلب هي مشكلة في بنية القلب، فالأطفال المصابون به يولدون بهذه الحالة. ويمكن أن تتراوح عيوب القلب من خفيفة إلى أخرى شديدة.
كيف تحدث عيوب القلب الخلقية؟
ينقسم القلب إلى أربع حجرات مجوفة، اثنتان يميناً واثنتان يساراً، لضخِّ الدم لجميع أنحاء الجسم.
يستخدم القلب جانبيه الأيمن والأيسر لمهام مختلفة، ينقل الجانب الأيمن من القلب الدم إلى الرئتين عبر أوعية دموية تسمى الشرايين الرئوية، ثم في الرئتين ينقل الدم الأكسجين ثم يعود لجانب القلب الأيسر عبر الأوردة الرئوية.
بعد ذلك يضخ الجانب الأيسر من القلب الدم المُحمل بالأكسجين عبر الشريان الأبهري إلى سائر أنحاء الجسم.
يبدأ القلب خلال الأسابيع الأولى من الحمل في أخذ شكله والنبض، كما يبدأ أيضاً في تكوين الأوعية الدموية الرئيسية التي تمتد من القلب وإليه، وهذه هي المرحلة التي يمكن أن تنشأ في أثنائها عيوب القلب.
لا يعلم الباحثون سبب حدوث معظم هذه العيوب على وجه التحديد، لكنهم يعتقدون أن العوامل الوراثية، وبعض الحالات الطبية، وبعض العوامل الطبية والبيئية، مثل التدخين، قد تلعب دوراً في ذلك.
ما هي أنواع عيوب القلب الخَلقية؟
يوجد عدّة أنواع من هذا المرض، منها:
1- البطين الأيمن ذو المخرجين
في هذه الحالة يتصل الشريان الرئيسي الذي يحمل الدم من القلب إلى الجسم (الشريان الأورطي) والشريان الذي ينقل الدم من القلب إلى الرئتين (الشريان الرئوي) جزئياً أو كلياً بالغرفة اليمنى السفلى للقلب (البطين الأيمن).
في القلب الطبيعي يرتبط الشريان الرئوي بالبطين الأيسر، بينما يرتبط الأورطي بالبطين الأيمن.
2- الثقبة البيضاوية الواضحة
هي ثقب في القلب لا يُغلق بالطريقة التي يُفترض أن ينغلق بها بعد الولادة، أثناء نمو الجنين.
تتواجد فتحة صغيرة في الجدار بين الحجرة العلوية اليمنى واليسرى في القلب (الأذينين).
عادةً ما تنغلق هذه الفتحة أثناء فترة الطفولة، في حالة عدم انغلاق الثقبة البيضاوية، فإنها تُسمى بالثقبة البيضاوية السالكة أو الواضحة.
3- مرض الجذع الشرياني
الجذع الشرياني، وهو عيب نادر في القلب يحدث عند الولادة، فإذا كان الطفل يعاني مرض الجذع الشرياني، فهذا يعني أن أحد الأوعية الدموية الكبيرة يوصل الدم إلى خارج القلب.
وقد يُصبح مرض الجذع الشرياني مميتاً إذا تُرك بلا علاج، فالعلاج عادةً ما يتمثل في العمليات الجراحية التي تهدف إلى إصلاح الجذع الشرياني، وخصوصاً إذا أُجريت قبل أن يُكمل طفلكِ شهراً من عمره.
4- الحلقات الوعائية
تُعتبر الحلقات الوعائية تشوهات بالشريان الأبهري في الوعاء الدموي الرئيسي القادم من القلب، التي تطوق جزءاً من القصبة الهوائية أو تطوقها بالكامل، أو تطوق المريء وهو الأنبوب الذي يمر من فمك إلى معدتك، أو تطوق الاثنين معاً.
قد تؤدي الحلقات الوعائية التي تضغط على القصبة الهوائية والمريء مشاكل في الهضم وفي التنفس.
5- تحويل الشرايين الكبيرة
تبدُّل وضع الشرايين الكبرى هو عيب قلبي خطير ونادر، وفي هذه الحالة يتبدل وضع الشريانين الرئيسيين الخارجين من القلب.
يُغيّر مرض تحويل الشرايين الكبيرة طريقة انتقال الدم في أجزاء الجسم، مما يؤدي إلى نقص الأكسجين في الدم.
ومن دون تزويد الجسم بالدم الكافي الغني بالأكسجين، لا يستطيع أداء وظائفه بشكل سليم، ويتعرَّض الطفل لمضاعفات خطيرة، أو الوفاة إذا لم يخضع للعلاج.
6- تشوه الحاجز البطيني
ثقب في القلب، وهو عيب خَلقي شائع. يحدث الثقب في الجدار/الحاجز الذي يفصل بين حجرات القلب السفلية "البطينات"، ويسمح للدم بالمرور من اليسار إلى الجانب الأيمن من القلب، ثم يتم ضخّ الدم الغني بالأكسجين إلى الرئتين، بدلاً من ضخِّه إلى الجسم، الأمر الذي يجعل القلب يعمل بقوة أكبر.
قد لا تُسبب الإصابة بتشوه في الحاجز البطيني الصغير أي مشاكل، والعديد من التشوهات الصغيرة الموجودة في الحاجز البطيني تُغلق من تلقاء نفسها.
وقد تحتاج التشوهات المتوسطة أو الأكبر إلى إصلاح جراحي في سن مبكرة للوقاية من حدوث مضاعفات.
7- تضيّق الأبهر
تضيّق الأبهر أو تضيق الشريان الأورطى، هو ضيق يحدث في الشريان الأبهر، وهو الوعاء الدموي الكبير الخارج من القلب والمسؤول عن توصيل الدم المحمل بالأكسجين إلى أنحاء الجسم.
عندما يحدث ذلك التضيّق ينقبض القلب بقوة أكبر ليدفع الدم عبر الجزء المتضيّق من الشريان الأبهر.
غالباً ما يكون تضيّق الشريان الأبهر عيباً خَلقياً، وتتدرج خطورة الحالة من بسيطة إلى شديدة، ويمكن ألا يُنتبه لوجودها إلا بعد الكبر، يتوقف ذلك على درجة تضيّق الشريان الأبهر.
8- تضيق الصمام الرئوي
تضيّق الصمام الرئوي هو حالة تشوه في الصمام الرئوي أو بالقرب منه، ويؤدي إلى ضيق فتحة الصمام الرئوي وبطء تدفق الدم.
يوجد الصمام الرئوي بين غرفة القلب السفلية اليمنى (البطين الأيمن) والشرايين الرئوية.
يعاني البالغون تضيّق الصمام الرئوي أحياناً كإحدى مضاعفات مرض آخر، ولكن في معظم الحالات يحدث تضيّق الصمام الرئوي قبل الولادة، بوصفه عيباً خَلقياً في القلب.
9- رباعية فالو
تُعدّ رباعية فالو حالةً نادرةً ناتجةً عن مزيج من أربعة عيوب خَلقية في القلب.
تسبب هذه العيوب تدفق الدم ناقص الأكسجين خارج القلب إلى باقي أجزاء الجسم، وعادةً ما يميل جلد الرضع والأطفال المصابين برباعية فالو إلى اللون الأزرق، لعدم حمل الدم كمية كافية من الأكسجين.
أعراض العيوب الخَلقية في القلب عند الأطفال
تظهر العيوب الخَلقية الخطيرة للقلب في العادة بعد الولادة، أو خلال أول بضعة شهور من حياة الطفل، قد تتضمن العلامات والأعراض:
1- لون جلد رمادي أو أزرق باهت.
2- التنفس السريع.
3- تورم في الساقين، أو البطن أو مناطق محيطة بالعين.
4- ضيق التنفس خلال التغذية، مما يؤدي إلى ضعف في زيادة الوزن.
العيوب الخَلقية الأقل خطورة على القلب قد لا يتم تشخيصها في مرحلة مبكرة من الطفولة، حيث إن الطفل قد لا يُظهِر أي إشارات أو أعراض واضحة.
وإذا ظهرت أعراض لدى الأطفال الكبار، فقد تتضمن:
1- الإصابة بضيق التنفس بسهولة خلال التمرين أو بعد النشاط البدني.
2- الشعور بالإرهاق بسهولة أثناء ممارسة التمارين أو الأنشطة.
3- الإغماء أثناء ممارسة التمارين.
4- تورم في اليدين أو الكاحلين أو القدمين.
كيف تتعارض عيوب القلب الخَلقية مع النمو الطبيعي للطفل؟
بعض العوامل المتعلقة بعيوب القلب الخَلقية قد تتداخل مع نمو طفلك، وتشمل هذه العوامل: ضربات القلب السريعة المفرطة، زيادة معدل التنفس، ضعف الشهية، احتياجات أكبر من السعرات الحرارية، انخفاض تناول الطعام بسبب التنفس السريع والتعب، التهابات الجهاز التنفسي المتكررة مثل التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي.
وتشمل أيضاً: سوء امتصاص المواد الغذائية من الجهاز الهضمي، نقص الأكسجين في الدم.
السبب الأكثر شيوعاً لضعف النمو هو أن الطفل لا يتناول السعرات الحرارية أو العناصر الغذائية الكافية.
ولكن حتى لو بدا أن طفلك يشرب ما يكفي من الحليب الصناعي أو حليب الأم، فقد يستمر في زيادة الوزن ببطء بسبب الاحتياجات المرتفعة من السعرات الحرارية.
لا تحتاج إلى وزن طفلك في المنزل، سيقوم طبيب الأطفال أو طبيب القلب بوزن طفلك مع كل زيارة، وستوضح قياسات الوزن هذه مدى نمو طفلك.
يمكن لمعظم الأطفال المصابين بأمراض القلب الخَلقية الذهاب إلى المدرسة والمشاركة بشكل كامل، ومع ذلك، قد يعاني بعض هؤلاء الأطفال من تأخر في النمو أو صعوبات التعلم أو الاحتياجات التعليمية الخاصة.
You know the drill. It's Friday again and with it comes #FundraisingFriday. Our whistle-stop tour of this week's incredible supporters!
Read all about them here: https://t.co/y22t0oLjZw pic.twitter.com/qHtZEiyoRm
— Children's Heart Surgery Fund (@CHSurgeryFund) March 22, 2019
كيف يتم علاج عيوب القلب؟
قد لا يحتاج الأطفال المصابون بعيوب بسيطة إلى أي علاج، لكن إذا كان لدى بعض الأطفال أعراض خطيرة فيجب أن يتم العلاج الطبي أو الجراحي خلال السنة الأولى من العمر.
سيتم الاعتناء بهم بواسطة: أطباء القلب للأطفال، أو جراحي القلب للأطفال.
بعض الإجراءات العلاجية تكون من خلال قسطرة القلب مثل رأب الأوعية الدموية أو رأب الصمامات، التي تؤدي إلى توسيع الأوعية الدموية أو الصمامات المعاقة.
كما أن هناك إجراءً آخر يمكنه أن يغلق الفتحات أو الثقوب غير الطبيعية داخل القلب أو الأوعية الدموية دون جراحة.
بعض المشاكل، مثل عيوب الحاجز البطيني الصغيرة أو المتوسطة الحجم، قد تغلق أو تصبح أصغر مع نمو الطفل، ولكن أثناء انتظار إغلاق الثقب بشكل طبيعي قد يضطر الطفل إلى تناول بعض الأدوية.
أما العيوب الأكثر تعقيداً، والتي تم اكتشافها مبكراً، فقد تتطلب سلسلة من العمليات التي تنتهي عندما يبلغ عمر الطفل حوالي 3 سنوات.
ماذا تفعل بعد تلقي العلاج؟
يحتاج الأطفال إلى زيارات منتظمة مع طبيب القلب للأطفال، ربما كل شهر أو شهرين، وقد يتم تقليصها في وقت لاحق، مرة واحدة في العام.
قد يستخدم طبيب القلب أدوات مثل الأشعة السينية أو رسم القلب الكهربائي لمتابعة العيب وتأثيرات العلاج.
في المرحلة الأولى بعد العلاج، تكون بعض الأنشطة البدنية محدودة، ولكن لا يزال بإمكان الأطفال اللعب والاستكشاف مع أقرانهم.
يجب التحقق دائماً مع إخصائي أمراض القلب حول الأنشطة المناسبة للطفل، وأيها يجب تجنبها، بعض الألعاب الرياضية التنافسية قد تكون غير متاحة للطفل خلال هذه المرحلة.
يجب أيضاً تجنب العدوى، فالأطفال الذين يعانون من عيوب القلب يحصلون على المضادات الحيوية قبل الإجراءات التي قد تسمح للبكتيريا بالدخول إلى مجرى الدم، مثل: العمليات المُرتبطة بالأسنان حيث يجب أخذ الاحتياطات اللازمة عند الجراحة في مناطق الجسم التي تميل البكتيريا إلى النمو فيها، مثل الفم أو الجهاز الهضمي.
ومن الضروري رعاية هؤلاء الأطفال أسنانهم بشكل جيد، عبر تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط يومياً، كما يجب القيام بزيارات وتنظيفات منتظمة للأسنان كلما أوصى طبيب الأسنان بذلك.