اضطراب الشخصية الفُصامانيّة هي حالة غير شائعة، يتجنّب فيها الفرد الأنشطة الاجتماعية ويمتنع خجلاً بشكل دائم عن التفاعل مع الآخرين، وقد يكون أيضاً لدى الفرد نطاق محدود من التعبيرات الانفعالية/العاطفية.
يعرف أيضاً هذا الاضطراب باسم "الاضطراب شبه الفصامي"، فإذا كنت تتعامل مع شخصٍ يتهرّب دوماً من المسؤوليات الاجتماعية، ويرغب في الوحدة بشكلٍ مستمر، فسيكون من المفيد لك التعرُّف على هذا الاضطراب وأعراضه وكيفية التعامل معه.
ما هو اضطراب الشخصية شبه الفصامي؟
اضطراب الشخصية الفصامانية هو نمط من اللامبالاة في العلاقات الاجتماعية، الشخص المُصاب بهذا الاضطراب تكون لديه مجموعة محدودة من التجارب الاجتماعية، وكذلك مجموعة محدودة من التعبيرات العاطفية التي يستخدمها للتعبير عن عاطفته ومشاعره، يظهر هذا الاضطراب بوضوح في مرحلة متأخرة من البلوغ، على الرغم من احتمال ملاحظة بعض العلامات أثناء مرحلة الطفولة، التي يمكن أن تُسبب مشكلات في الأداء الدراسي.
يظهر الاضطراب بوضوح من خلال الانفصال الاجتماعي والعاطفي الذي يمنع المُصابين به من إقامة علاقات وثيقة مع الآخرين، يمكنهم التعامل بشكل عابر مع زملائهم في العمل، أو الأشخاص الذين يتعرضون لهم في الحياة اليومية، لكنهم لن يطوروا علاقات ذات معنى أو أكثر عمقاً مع الآخرين.
الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب هم عادةً وحيدون، وقد يكونون أكثر عرضة لأحلام اليقظة المفرطة، بالإضافة إلى ميلهم لتكوين روابط مع الحيوانات، قد يتميّزون في العمل إذا عملوا بشكل منفرد في وظائف منعزلة، مثل ضباط الأمن الليليين، أو موظفي المكتبات، أو عمال المختبرات.
وهناك أدلة تشير إلى أن هذا الاضطراب قد يكون بداية الفصام، أو مجرد شكل خفيف للغاية منه.
برودة عاطفية وجنسية.. ماذا عن الأعراض الأخرى؟
هناك عدة أعراض تميز هذا النوع من الاضطراب، وتُمكنك من التعرف عليه عند وجودها، ومنها:
1- الشخص المُصاب بهذا الاضطراب يسعده عدد قليل جداً من الأنشطة، وقد لا توجد أي أنشطة تسعده على الإطلاق.
2- لا يرغب في إقامة علاقات عميقة مع أحد، ولا يتمتع بالعلاقات الوثيقة المُقربة بما في ذلك العلاقات الأسرية، وإذا حدث وحصل على علاقة وثيقة فإنها على الأغلب ستكون مع الأقارب المباشرين.
3- يظهر بمظهر المنعزل والمنفصل عمن حوله بشكلٍ مستمر.
4- يتجنّب الأنشطة الاجتماعية التي تنطوي على اتصال كبير مع الآخرين.
5- على الأغلب يختار بشكل دائم الأنشطة الفردية التي يستطيع القيام بها بشكل منعزل عن الآخرين.
6- إذا تزوّج هذا الشخص فإنه يكون مقلّاً جداً في العلاقة الجنسية مع الشريك، وقد لا يهتم بهذه العلاقة على الإطلاق، وعادةً ما يُظهر برودة عاطفية بشكل جارح ومحرج للشريك.
7- غير مبالٍ بآراء مَن حوله، سواء أكانت تحمل الثناء أو النقد.
8- يتعرّض لتقلبات مزاجية حادة بشكل ملحوظ.
قد يكون الرجال أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب من النساء.
والأسباب؟
على الرغم من عدم معرفة أسباب مُباشرة ومؤكدة لحدوث هذا الاضطراب، إلا أنه يُعتقد أن الوراثة والبيئة يلعبان دوراً في تطوُّر هذا الاضطراب.
ويُرجح بعض المتخصّصين في الصحة العقلية بأنّ طفولة قاتمة يغيب عنها الدفء والعاطفة تساهم في تطور اضطراب الشخصية الفصامانية.
كذلك يزيد خطر الإصابة باضطراب الشخصية الفصامانية وتطوره، إذا كان بالعائلة أشخاص آخرون أصيبوا بالاضطراب نفسه، حيث توجد قابلية وراثية لتطوُّر هذا الاضطراب.
لتشخيص هذا الاضطراب يتم إجراء تقييم نفسي، وتساعد الاستبيانات واختبارات الشخصية في التشخيص.
كيف تتعامل مع اضطراب الشخصية الفصامانية؟
أجريت القليل من الأبحاث حول علاج اضطراب الشخصية الفصامانية، ويعود هذا الأمر إلى كون الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب لا يشعرون أن هناك مشكلة يحتاجون فيها إلى مساعدة.
بالإضافة إلى رغبتهم الدائمة في الوحدة، وكونهم لا يتنافسون للحصول على علاقةٍ ما، ولا يحسدون الأشخاص الذين لديهم علاقات وثيقة، كل هذا لا يجعل هناك شخصاً مُقرباً منهم بما يكفي ليكتشف حالتهم ويساعدهم.
قد يتسبّب هذا الاضطراب في عواقب اجتماعية خطيرة، فيحدث اضطراباً في الأسرة، أو فقداناً للعمل والسكن، لذلك لا يجب إهماله، ومحاولة علاجه أو معرفة الكيفية الصحيحة عند التعامل معه لتخفيف الأعراض، ومن الأشياء التي ينبغي معرفتها عند التعامل مع هذا الاضطراب، التالي:
– نادراً ما يسعى الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إلى العلاج، ولا يُعرف الكثير عن السبل الناجحة للتخلص من هذا الاضطراب، قد لا يكون العلاج بالتحدّث فعالاً، لأن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الفصامانية يجدون صعوبة في التواصل مع الآخرين، لذلك يكون من الصعب عليهم تكوين علاقة مع أخصائي نفسي.
– يمكن أن يكون لمجموعات الدعم دور فعال في تخفيف مشاعر العزلة، والمخاوف من التفاعلات الاجتماعية، وخلق الرغبة التدريجية في العلاقات الوثيقة لدى المُصاب.
وقد ثبت أن العلاج الفردي في معظم الحالات يكون غير فعال نسبياً، وغالباً ما يتمكن من علاج الحالات العاجلة مؤقتاً، بدلاً من السعي إلى القضاء على الاضطراب تماماً.
– لا يُنصح عادةً بتناول الأدوية والعقاقير لعلاج اضطراب الشخصية الفصامانية، ومع ذلك فإنها تستخدم في بعض الأحيان لعلاج قصير الأجل لحالات القلق الشديد المرتبطة بالاضطراب، والذي قد يحدث عادةً بسبب الخوف من الآخرين، أو القلق الناتج عن التعامل معهم.
– قد يكون العلاج النفسي الفردي مفيداً في حالاتٍ معينة من اضطراب الشخصية الفصامانية، فقد يمنح هذا العلاج للمرضى منفذاً لتحويل تصوراتهم الخاطئة عن الصداقات إلى تصورات بناءة تُمكنهم من تكوين علاقات حقيقية ووثيقة.
مع تطور العلاقة بين المُعالج والمُصاب يساعد هذا تدريجياً على تكوين علاقة وثيقة بينهما، مما يكشف للمصاب بشكل عملي مدى تحكم الأوهام فيه فيما يتعلق بالعلاقات الوثيقة والعميقة.
– يجب أن يُركز العلاج النفسي على أهدافٍ علاجية بسيطة لتخفيف المخاوف أو الضغوطات الحالية المُلحة في حياة الفرد، قد يكون استبدال المعتقدات الخاطئة بأفكار صحيحة وإيجابية طريقة مناسبة لمعالجة أنواع معينة من الأفكار غير المنطقية التي تؤثر سلباً على سلوكيات المريض وحياته.
– العلاج الجماعي هو شكلٌ آخر من أشكال العلاج الفعال، لكن لا ينبغي استخدامه في بداية العلاج، لأن المرضى في البداية قد ينسحبون من مجموعة العلاج، إلا أنه يصبح علاجاً فعالاً بعد أن ينمو مستوى الراحة تدريجياً لدى المريض، ويجب أن يحمي المعالج الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب من الانتقاد من قبل الآخرين في المجموعة.