قد تكون القيلولة هي ما تحتاج إليه، ليس فقط لزيادة مستويات الطاقة لديك، بل لصحتك بالمجمل. القيلولة تخفض ضغط الدم المرتفع، لذا أغلق عينيك لدقائق لو أردت أن تحافظ على صحتك. فهي ليست أقل أهمية من التمارين الرياضية اليومية أو النصائح الغذائية.
فحين نشعر بالخمول في عصر يومٍ حافل، قد يشعر الكثير منَّا بالإغراء لأخد قسطٍ من النوم في رُكنٍ هادئ.
ولا شكَّ في أنَّ القيلولة يمكنها أن تساعد في زيادة مستويات الطاقة والإنتاجية اللازمة لبقية وقت العمل، ولكن هل تحقق أي فوائد صحية أخرى؟
أشارت دراسةٌ جديدة أجراها باحثون من مستشفى أسكليبيون العام في مدينة فولا اليونانية إلى أنَّ أخذ قيلولةٍ في منتصف النهار يمكن أن يساعد بفاعلية في خفض مستويات ضغط الدم.
ومن المُقرَّر أن يعرض مانوليس كاليستراتوس، وهو أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، النتائج في الجلسة العلمية السنوية السادسة والثمانين للكلية الأمريكية لأمراض القلب في مدينة نيو أورليانز بولاية لوس أنجلوس يوم الإثنين المقبل 18 مارس/آذار.
وقال كاليستراتوس لموقع Medium الأمريكي: "يبدو أن القيلولة تخفض مستويات ضغط الدم بنفس مقدار الانخفاض الذي يحدث بسبب بعض التغيرات الأخرى في نمط الحياة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تخفيض الملح والكحول إلى خفض مستويات ضغط الدم بمقدار يتراوح بين 3 و5 ملم زئبق.
دراسة يونانية تحقق في أهمية الإغفاء بعد الظهر
وقد أُجريت هذه الدراسة على 212 مشاركاً كان متوسط ضغط الدم لديهم يبلغ 129.9 ملم زئبق.
ووفقاً لإرشادات المعهد الوطني الأمريكي للقلب والرئة والدم، يكون الشخص مصاباً بارتفاع ضغط الدم إذا بلغت قراءة ضغط الدم الانقباضي (أي الضغط أثناء كل ضربةٍ من ضربات القلب) 140 ملم زئبق أو أعلى، وبلغت قراءة ضغط الدم الانبساطي (أي الضغط بين كلِّ ضربةٍ من ضربات القلب) 90 ملم زئبق أو أعلى.
وبلغ متوسط أعمار المشاركين 62 عاماً، وكان هناك واحدٌ تقريباً من بين كل 4 مشاركين مُدِّخناً أو مصاباً بداء السكري من النوع 2، أو مدخناً ومصاباً في الوقت نفسه.
#NationalNappingDay
Just act as if you are doing #napping pic.twitter.com/sDQKDI5w8A— Digitalogic Infomedia Studios LLC (@digitalogicillc) March 11, 2019
القيلولة تخفض ضغط الدم بنسبة كبيرة
ثم قسَّم كاليستراتوس وفريقه المشاركين إلى مجموعتين: إحداهما حصلت على قيلولةٍ والأخرى لم تفعل ذلك.
وعلى مرِّ 24 ساعة متتالية، لاحظ الباحثون قياسات ضغط الدم لدى المشاركين، ومدة القيلولة التي حصلوا عليها، والخيارات العامة في نمط حياتهم (مثل تناول الكحول والنشاط البدني)، وسرعة النبض التي تقيس تصلُّب الشرايين.
وللحصول على قياسات دقيقة لضغط الدم لدى المشاركين على مرِّ اليوم، طلب منهم الباحثون ارتداء أجهزة متنقلة معهم في أثناء الحركة لمراقبة ضغط الدم.
وضبط كاليستراتوس وزملاؤه كذلك العوامل المحتملة التي قد تؤثر في قراءات ضغط الدم، مثل العمر والجنس البيولوجي والأدوية التي تؤخذ بوصفاتٍ طبية وبعض سلوكيات نمط الحياة.
وأشاروا إلى عدم وجود فروق مهمة بين عدد الأدوية التي كان المشاركون في المجموعتين يتناولونها.
فوائد القيلولة تعطي نفس نتائج الأدوية خافضة الضغط
ووجد الباحثون أنَّ ضغط الدم لدى الأشخاص الذين حصلوا على قيلولة انخفض الانقباضي بمقدار 5.3 ملم زئبق.
وقالوا إنَّ هذا الرقم يعادل الانخفاض المتوقَّع عند تناول أدوية ضغط الدم أو إجراء تغييرات معينة على نمط الحياة لخفض ضغط الدم.
وعلاوة على ذلك، أضاف الفريق أنَّ كل 60 دقيقة إضافية في وقت القيلولة تُقلِّل متوسط قراءات ضغط الدم الانقباضي على مدار اليوم بمقدار 3 ملم زئبق.
وأوضح كاليستراتوس أنَّ تناول جرعات منخفضة من الأدوية المتخصصة يمكن أن يخفض مستويات ضغط دم الشخص بقدرٍ يتراوح بين 5 و7 ملم زئبق في المتوسط.
وقال: "هذه النتائج مهمة لأنَّ انخفاض ضغط الدم ولو بمقدار صغير مثل 2 ملم زئبق يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبة القلبية، بنسبة تصل إلى 10%".
وأضاف: "بناءً على النتائج التي توصلنا إليها، فأي شخص لديه إمكانية الحصول على قيلولةٍ في أثناء اليوم، فإنَّها تفيد كذلك في خفض ضغط الدم"، مشيراً إلى أنَّ "القيلولة يُمكن الحصول عليها بسهولة ولا تُكلِّف أي شيء".
الباحثون واثقون في نتائجهم.. لا تشعر بالذنب إذا استسلمت للقيلولة
لاحظ الباحثون أنَّ هذه هي المرة الأولى التي يدرس فيها أحدٌ تأثير القيلولة في مستويات ضغط دم.
ومع أنَّ الفريق يُشجِّع على إجراء مزيدٍ من البحوث لتكرار النتائج الحالية والتحقق من صحتها، فإنَّ أعضاءه واثقون من أنَّ دراستهم تُقدِّم معلومات جديدة مهمة.
وأوضح كاليستراتوس وزملاؤه أنَّهم بذلوا جهوداً في الاستعانة بمشاركين في الدراسة يتحكمون في مستويات ضغط الدم لديهم بعقلانية لضمان أن تكون نتائجهم موثوقة.
وقال كاليستراتوس: "كلما ارتفع مستوى ضغط الدم، بدا أي جهدٍ لخفضه أشد وضوحاً".
وأضاف: "من خلال الاستعانة بأشخاص لديهم قدرة جيدة نسبياً على التحكُّم في ضغط الدم لديهم، يمكننا أن نشعر بثقةٍ أكبر في أنَّ أي اختلافات كبيرة في قراءات ضغط الدم تعود على الأرجح إلى أخذ قيلولة".
ولاحظ الباحثون أنَّ نتائج دراستهم يجب أن تمنح الناس أسباباً ليحصلوا على قيلولةٍ مع شعور أقل بالذنب.
إذ قال كاليستراتوس: "بالتأكيد لا نريد تشجيع الناس على النوم ساعات متتالية في أثناء النهار. لكن من ناحية أخرى، يجب ألَّا يشعروا بالذنب إذا تمكنوا من أخذ قيلولةٍ قصيرة، بالنظر إلى الفوائد الصحية المحتملة من وراء ذلك".