كان من المفترض أن يكون الصابون المضاد للبكتيريا – أو المطهر – أفضل من الصابون "العادي"؛ فهو يقتل الجراثيم التي تُصيبنا بالأمراض، ويُوفر الحماية من العدوى. ثم تغيَّرت الرسالة فجأةً. يُفترض بنا الآن أن نستخدم الصابون العادي مرةً أخرى. فما الذي حدث؟
إدارة الغذاء والدواء تتدخل.. هاتوا دليلكم
في عام 2013 أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية توجيهاتٍ للشركات المصنعة للصابون المضاد للبكتيريا.
طالبتهم بـ"تزويد الإدارة ببياناتٍ إضافيةٍ حول سلامة وفاعلية مكوناتٍ بعينها تدخل في المنظفات المضادة للبكتيريا المباعة في المتاجر، لو كانوا ينوون الاستمرار في تسويق منتجاتٍ تحوي تلك المواد".
وطالبت ببيانات دراساتٍ سريريةٍ توضح أن تلك المواد تتفوق على غيرها من المواد المستخدمة في المنظفات غير المضادة للبكتيريا، في ما يتعلق بحماية الإنسان من الأمراض وتقليل العدوى.
وبحلول سبتمبر/أيلول عام 2016 لم تكن الشركات قادرةً على توفير أدلةٍ على أن الصابون المضاد للبكتيريا أفضل من الصابون الذي لا يحوي تلك المكونات المضادة للبكتيريا.
حينها قررت إدارة الغذاء والدواء أن المخاطر تفوق مكاسب الاستمرار في السماح بوجود تلك المنتجات في صابون الأيدي، وقررت أن هذه المواد يجب أن تُزال من تلك المنتجات.
يتضمن ذلك 19 مادةً مضادةً للبكتيريا، أكثرها شيوعاً: التريكلوزان – Triclosan، والتريكلوكربان – Triclocarban.
المشكلة في المواد المضادة للبكتيريا
لسنواتٍ ادَّعى المُصنعون أن الصابون المضاد للبكتيريا أفضل من الصابون العادي؛ لأنه يفترض به أن يقتل البكتيريا على جلدك، بدلاً من أن يغسلها فقط.
غير أن الأبحاث لم تدعم ذلك الادعاء كما تبين.
إن غسلك يديك بالصابون العادي له نفس فاعلية غسلهما باستخدام الصابون المضاد للبكتيريا.
أضف إلى ذلك أن المكونات المستخدمة في الصابون المضاد للبكتيريا قد تُسبب تغيراتٍ هرمونيةً ومقاومةً للمضادات الحيوية.
وقد أمكن ربط مادة التريكلوزان بزيادةٍ في الإصابة بالسرطان لدى الحيوانات كذلك، وفق ما جاء في موقع موقع Very Well Health الأمريكي.
ورغم أنه لا يوجد دليلٌ واضحٌ على أن كمية التريكلوزان في صابون الأيدي قد تزيد من خطر إصابة الإنسان بالسرطان، فإن الحيوانات التي تعرضت لجرعةٍ عاليةٍ من المادة نمت لديها سرطاناتٌ بمعدلاتٍ مرتفعة.
أما التغيرات الهرمونية فيمكن أن تشمل تغيراتٍ في وظائف الغدة الدرقية وغيرها من التأثيرات على نظام الغدد الصماء.
البكتيريا تطور مناعة ضد المضادات الحيوية وتشكل خطراً أكبر
وتُمثِّل المقاومة البكتيرية قلقاً كبيراً، خاصةً أن العديد من أنواع البكتيريا في عالمنا اليوم قد طوَّرَت مقاومةً للكثير من مضاداتنا الحيوية المتوفرة.
في كل مرةٍ تتعرض فيها البكتيريا للمضادات الحيوية، أو لمادةٍ تعمل عمل المضادات الحيوية، بجرعةٍ منخفضةٍ فإنها تملك احتمالية تطوير مناعةٍ ضدها.
"ترى" البكتيريا ما يحاول قتلها أو إضعافها وتُطوِّر القدرة على التغلُّب عليه.
ووجود هذه المواد في الصابون قد يسمح للبكتيريا الحاضرة دائماً في عالمنا أن تطور مقاومةً لتلك المواد وغيرها، ما يجعلها أقوى وأصعب في علاجها في المستقبل.
وبسبب الاستخدام المتزايد والخاطئ للمضادات الحيوية بين العامة، فليس من المنطقي الاستمرار بالسماح بوجود تلك المكونات في الصابون الذي نستخدمه، في الوقت الذي لا تُقدم فيه أي فائدةٍ حقيقيةٍ، وربما تسبب الضرر.
يجب على مقدمي خدمات الرعاية الصحية أن ينظروا دائماً إلى المخاطر في مقابل المنافع حين يتخذون قراراتٍ علاجيةً.
تنطبق نفس القاعدة على الصحة العامة حين يتخذ الباحثون قراراتٍ تتعلق بأي المنتجات "تُعتبر آمنةً بشكلٍ عام" وأيها ليست كذلك.
المواد الضارة في الصابون المضاد للبكتيريا
منذ نهاية عام 2017 طلبت السلطات الأمريكية إزالة مادة التريكلوزان، ومادة التريكلوكربان، وبقية المواد التي شملها الحظر من الصابون المطروح للاستهلاك.
ولا يشمل الحظر المواد المستخدمة في منشآت الرعاية الصحية، ولا معقم الأيدي، ولا المناديل المبللة.
وتضم قائمة المكونات المذكورة في ذلك الحكم:
- Cloflucarban – كلوفلوكربان
- Fluorosalan – فلوروسالان
- Hexachlorophene – هيكساكلوروفين
- Hexylresorcinol – هيكسيل ريزورسينول
- Iodophors (المكونات التي تحتوي على اليود):
- Iodine complex (كبريتات أثير الأمونيوم والبوليوكسي إيثيلين sorbitan monolaurate)
- Iodine complex (استر الفوسفات من ألكيل أريلوكسير بولي إيثيلين جليكول)
- Nonylphenoxypoly (ethyleneoxy) ethanoliodine – إيثانول اليود
- Poloxamer—iodine complex – بولوكسامير
- Povidone-iodine – بوفيدون اليود (من 5 إلى 10 بالمئة)
- Undecoylium chloride iodine complex – كلوريد اليود
- Methylbenzethonium chloride – كلوريد البنزيثونيوم
- Phenol – فينول (أكثر من 1,5 بالمئة)
- Phenol – فينول (أقل من 1,5 بالمئة)
- Secondary amyltricresols
- Sodium oxychlorosene – أوكسي كلوروسين الصوديوم
- Tribromsalan – تريبرومسلان
- Triclocarban – تريكلوكربان
- Triclosan – تريكلوزان
- Triple dye – الصبغة الثلاثية
وتسعى دول أخرى إلى حذو نفس الدرب مثل أستراليا وكندا وماليزيا.
يحتوي معقم الأيدي والمناديل المبللة على الكحول كعاملٍ منظفٍ، وهي منتجاتٌ لا تُستخدم بشكلٍ متكررٍ مثل الصابون والماء.
ويُفترض استخدامها في حال عدم توفر الماء والصابون، وألا تكون الأيدي في حالة اتساخٍ ظاهرة.
وأما الصابون المضاد للبكتيريا ومستحضرات التنظيف المستخدمة في تجهيزات الرعاية الصحية فإنها مستثناةٌ من ذلك القرار؛ لأهميتها حين تنتشر الجراثيم والعدوى المقاومة.
ماذا نستطيع أن نفعل؟ غنِّ هذه الأغنية مرتين
يظل غسل اليدين أفضل طريقةٍ لمنع انتشار العدوى.
يعمل غسيل الأيدي عن طريق إيجاد الاحتكاك عبر دعك اليدين معاً، استخدم الصابون لإزالة الجراثيم عن يديك واشطفهما تحت الماء الجاري للتأكد من إزالتها.
من المهم فعل الأمر بالشكل الصحيح. أغلب الناس لا يغسلون أيديهم كفايةً، ولا لمدةٍ طويلةٍ بما يكفي.
علم أولادك، ونفسك، أن تكرر أغنية "عيد الميلاد" مرتين بصوتٍ عالٍ أو في سرك لتتأكد من أنك غسلت يديك لوقتٍ كافٍ.
وينصح المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها ومنظمة الصحة العالمية بغسل اليدين لعشرين ثانيةً على الأقل.
إذا كنت تشتري الصابون ومنظفات الجسد لبيتك أو لمن حولك، فاجتنب المنتجات التي تحمل شعاراً مضاداً للبكتيريا، أو مطهراً.
إن خطر العدوى الخطيرة في المجتمع منخفضةٌ بشكلٍ عام، ومخاطر استخدام تلك المنتجات بشكلٍ يوميٍ تفوق الفوائد.
معقم الأيدي ضروري في المستشفيات
أحد الأسباب التي ستجعلها تظل مستخدمةً في المستشفيات وتجهيزات الرعاية الصحية هو أن البكتيريا وخطر العدوى أعلى بكثيرٍ في تلك الأماكن.
في تلك الحالات، يُعتقد أن الفوائد تفوق الأخطار.
وللمساعدة في محاربة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، يمكنك كذلك التأكد من أنك تأخذ المضادات الحيوية حين تكون ضروريةً بحقٍ، وأن تتبع التعليمات التي تتلقاها حين تحتاجها.
لا تعمل المضادات الحيوية مع الفيروسات. لن تساعدك في التعافي بشكلٍ أسرع إذا كنت مصاباً بالبرد أو الإنفلونزا، أو حتى التهاب الأذن الشائع، أو التهاب الجيوب الأنفية.
تحقق من الصابون وغسول الجسم الذي تستخدمه للتأكد من أنهما يخلوان من تلك المكونات. وإن كانا يحتويان عليها، فابحث عن بديل.