توصلت دراسة حديثة إلى أنه على الرغم من أن الأمر قد يبدو غير بديهي، فإن الأشخاص الذين لديهم حساسية تجاه نكهة القوة المُرة يشربون كميات كبيرة منها.
كيف يتحمل الأشخاص نكهة القهوة المُرة؟
بحسب موقع livescience، أشار الباحثون بالدراسة، التي نُشرت في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بـمجلة Scientific Report إلى أن هذه الحساسية تجاه نكهة القوة المُرة ليست مجرد مسألة مذاق فحسب، بل إنها تتأثر بالتركيبة الجينية للشخص.
وقالت كبيرة الباحثين بالدراسة ماريلين كورنيليس: "قد تتوقع أن الأشخاص الذين لديهم حساسية خاصة تجاه نكهة القوة المُرة سيشربون كمية أقل من الكافيين.
لكن النتائج التي تقدمها دراستنا أثبتت العكس، حيث أشارت إلى أن مستهلكي القهوة يكتسبون قدرة على اكتشاف مرارة الكافيين، بسبب التعزيز الإيجابي المكتسب الذي تقوم مادة الكافيين بإثارته".
وتابعت: "بعبارة أخرى، يتعلم الأشخاص الذين يمتلكون قدرة عالية على تذوق مرارة القهوة، وخاصة مذاق المرارة المميز للكافيين، ربط أشياء جيدة بهذا الطعم.
وقال العلماء إن نتائج الدراسة مثيرة للدهشة؛ نظراً إلى أن المذاق المُر عادة ما يكون بمثابة آلية تحذير تعمل على إقناع الأشخاص بالتخلص من المواد الضارة".
ووفقاً لما قاله الباحث الرئيس بالدراسة جو شنغ أونغ، أجرى الباحثون هذه الدراسة لفهم كيفية تأثير العوامل الجينية في استهلاك الأشخاص الشاي والقهوة والكحول، وهي مشروباتٌ عادة ما يكون طعمها مُراً.
ونقل الموقع عن أونغ قوله: "رغم أن جميع النكهات المُرة قد تبدو متشابهة، فإننا ندرك أن مرارة ماء التونيك والكافيين مختلفة. ويمكن أن تحدد جيناتك درجات مرارة هذه المذاقات، بصفة جزئية".
نتيجة الدراسة المثيرة للدهشة
وللتحقق من هذا الأمر، راقب الباحثون التركيبة الجينية، فضلاً عن الاستهلاك اليومي للمشروبات ذات المذاق المُر لأكثر من 400 ألف شخص.
وفي هذا الصدد، قال أونغ إنه "باستخدام الجينات المرتبطة بقدرتنا على تذوق النكهات المرة، تمكنا من تقييم ميول الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي أعلى لتذوق هذه النكهات، وتفضيلهم الشاي على القهوة".
وقال أونغ إن نتائج الدراسة أظهرت أن الأشخاص الذين يمتلكون جينات تمكّنهم من تذوق الطعم المُر في الخضراوات الخضراء، على غرار ماء التونيك، يفضلون الشاي على القهوة.
وبالإضافة إلى ذلك، يميل الأشخاص الذين لديهم حساسية أكثر تجاه نكهات مادة الكينين المرّة، تلك الموجودة في الخضراوات الخضراء، إلى تجنب شرب القهوة.
قد تكون حلاً لمشاكل إدمان الحكول
وأضاف أونغ أن الباحثين اكتشفوا أن الأشخاص الذين لديهم جينات تخول لهم تذوق مرارة كرنب (ملفوف) بروكسل كانوا من بين الأفراد الأقل استهلاكاً للكحول، وخاصة النبيذ الأحمر، مقارنة بالأشخاص الذين لا يمتلكون هذه المتغيرات الجينية.
وقد تساعد هذه الفكرة العلماء الذين يشرفون على الدراسات حول الإدمان.
وأشار أونغ إلى أن الباحثين لم يركزوا على النكهات، مثل الكريمة أو السكر، التي نضيفها في بعض الأحيان إلى القهوة للتخفيف من حدة مرارتها.
وأضاف قائلاً: "بإمكان المرء أن يتخيل، على المستوى الشخصي، وجود العديد من العوامل التي تحدد كميات القهوة التي يستهلكها الشخص، على غرار الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وقدرة الجسم على استقلاب الكافيين والتدخين".
وأضاف أنه "علاوة على ذلك، يشرب الأشخاص جميع أنواع القهوة، من القهوة السوداء إلى الفلات وايت والكابتشينو؛ الأمر الذي دفع الباحثين إلى البحث عن التوجهات الكبرى في كيفية ارتباط الجينات باستهلاك المشروبات ذات المذاق المر".
وقال أونغ: "تشير النتائج إلى أن غالبية أنواع القهوة تتشارك خاصيات متشابهة في المذاق".