على مساحة تمتد إلى 9 آلاف هكتار محاطة بأسوار خارجية، ومتاهة لأزقة متقاطعة على مستويات مختلفة، نجد حديقة ماجوريل التي تعتبر من بين أكثر الأماكن الساحرة والغامضة التي تستقطب السياح في المغرب.
تتميز الحديقة بالمباني ذات الألوان الجريئة، بالإضافة إلى الأعمال الفنية والديكورات الخاصة، يعود هذا المزار السياحي إلى الرسام الفرنسي الذي عشق المغرب "جاك ماجوريل"، والذي خصص هذا المكان للاستقرار به كما حوَّله إلى مختبر نباتي يضم أحد أندر أنواع النباتات في العالم.
تقع الحديقة في مدينة مراكش المغربية بالقرب من شارع يعقوب المنصور في شمال شرق باب دكالة، وتفتح أبوابها يومياً من الساعة 8 صباحاً حتى 5:30 مساء ما بين 1 أكتوبر و30 أبريل.
أما خلال باقي أشهر السنة فتفتح الحديقة أبوابها، ومن الساعة 8 صباحاً حتى 6 مساء يبلغ سعر تذكرة الدخول 30 درهماً مغربياً؛ أي قرابة 4 دولارات أمريكية، فيما تستغرق مدة الجولة 3 ساعات.
من هو جاك ماجوريل؟ وبداية القصة
جاك ماجوريل، هو ابن مصمم الأثاث المشهور لويس ماجوريل، لجاك العديد من المواهب والاهتمامات، إلا أن أكثرها شهرة بين الجميع هي الرسم، بدأ جاك ببناء حديقة ماجوريل بعد وصوله إلى المغرب سنة 1917؛ حيث عاش بالدار البيضاء ثم انتقل بعدها إلى مدينة مراكش، المدينة الحمراء، وسحر بجمالها.
وفي عام 1923 اشترى قطعة أرض بالقرب من بستان النخيل، وبدأ في تطوير ممتلكاته وتوسيعها، وقام ببناء منزل على الطراز المغربي، ومبنى على الطراز البربري مع برج من الطوب الطويل.
فيما كلف ماجوريل المهندس المعماري "بول سينيور" بتصميم وبناء فيلا بالقرب من منزله الأول، والتي استخدم الطابق الأرضي بها ورشة عمل، فيما استغل الطابق العلوي للرسم، إلا أن ماجوريل تفنن في أشياء أخرى جعلت من هذا المكان أيقونة فنية.
إذ قام بجمع العديد من النباتات الغريبة والفريدة التي وصل عدد أصنافها إلى أزيد من 135 نوعاً قادماً من 5 قارات، فيما قام بزراعتها على مدار 40 سنة، هذه الخطوة حولت ممتلكاته في مدينة مراكش إلى حديقة طبيعية تضم عدداً من النباتات التي أصبحت نادرة مثل أنواع من الصبار واليوكا والياسمين والنخيل.
بالإضافة إلى أشجار جوز الهند وأشجار الموز والخيزران وزنابق الماء الأبيض وغيرها الكثير من الانواع.
مقصد سياحي مميز داخل مدينة النخيل
عند ذكر حديقة ماجوريل، فأول ما يتبادر إلى الذهن هو لونها الفريد والمميز الذي اشتهرت به، فقد قام جاك ماجوريل بطلاء المباني داخل الحديقة باللون الأزرق التابع للعلامة التجارية، تحمل اسم bleu" "Majorelle أو " Majorelle Blue"، والتي تعني أزرق ماجوريل باللغة الفرنسية.
حسب موقع "historyhit" الأمريكي، كانت هذه الحديقة هي شغف جاك ماجوريل الوحيد؛ إذ قال عنها: "هذه الحديقة بالغة الأهمية بالنسبة لي، والتي أعطي نفسي لها بالكامل، وأقبل أن أقضي سنواتي الأخيرة فيها، وأقع منهكاً تحت أغصانها، بعد أن أعطيها كل حبي".
قرر ماجوريل سنة 1947 فتح الحديقة للعموم، وذلك للمساعدة في تكاليف الصيانة، في تلك الأثناء بدأت حياة ماجوريل المادية تتحسن نوعاً ما، إلا أنها لم تدُم طويلاً بسبب مشاكل زوجية انتهت بالطلاق وتقسيم الممتلكات.
بعد الانفصال تعرض ماجوريل لحادث سيارة خطير، أدى إلى بتر ساقه اليسرى، واستنزفت العمليات أمواله، وأجبر على بيع حصته من الفيلا والحدائق، ليسافر باريس للعلاج، حيث توفي بسبب مضاعفات من إصاباته في 14 أكتوبر 1962.
إيف سان لوران وإحياء حديقة ماجوريل
حسب موقع "العين"، تسبَّب موت جاك ماجوريل في إهمال الحديقة طيلة 4 سنوات، فيما تعرضت إلى الهدم بسبب بعض المقاولين في المدينة، إلا أن الخبر وصل إلى مصمم الأزياء الفرنسي الشهير "إيف سان لوران" بشريكه التجاري "بيير بيرجي" اللذين اكتشفا الحديقة سنة 1966 ووقعا في حبها.
وفي عام 1980 علم كل من سان لوران وصديقه أنه من الممكن أن يجرف الأرض وتغير إلى منتجع سياحي اشتراها على الفور وقاما بترميمها، فيما حرصا على حفظ الرؤية الأصلية لصاحبها جاك ماجوريل.
أشرف إيف سان لوران بنفسه على مشروع الترميم، وقام بتوسيع الحديقة وتركيب أنظمة الري الأوتوماتيكية كما قام بإنشاء فريق من 20 بستانياً، وزاد عدد أنواع النباتات من 135 إلى 300 نوع.
توفي إيف سان لوران في عام 2008، وتناثرت رماده في حديقة الورود في حديقة ماجوريل، بعد ذلك بعامين تم تغيير اسم الشارع أمام حديقة ماجوريل إلى شارع إيف سان لوران تكريماً له.
وفي عام 2010 انتقلت ملكية العقار إلى مؤسسة Pierre Bergé – Yves Saint Laurent، وهي منظمة فرنسية غير ربحية، ثم افتتح متحف البربر على أراضي الحديقة فى عام 2011، ما يوفر نظرة ثاقبة على إبداع شعب البربر، الأقدم في شمال إفريقيا.